زياد برجي يعود بنا إلى الزمن النقي العذب في (أنا لمين)
كتب : أحمد السماحي
منذ أيام قليلة طرح صوت القلب زياد برجي أغنية جديدة من غنائه وألحانه بعنوان (أنا لمين)، كلمات رفيق دربه الشاعر المتميز أحمد ماضي، وتوزيع المبدع طارق توكل، وقام بتصوير الأغنية بطريقة الفيديو كليب المخرج اللبناني الراقي جان كلود ديب، ولم أكتب عنها فور طرحها مباشرة، نظرا لزحمة أحداث العيد، وطرح عدد من الأفلام الجديدة في دور العرض المصرية ومواكبتنا لها، وخشيت ألا تأخذ الكتابة عن الأغنية حقها من القراء الأعزاء، لكن الآن يوجد حالة هدوء وسكينة يسمح لي أن أتناول الأغنية بالشرح والتفصيل.
إقرأ أيضا : زياد برجي يتفوق على (إليسا) بصدق إحساسه في كليب (وبطير)
ولقد استمعت إلى الأغنية عدة مرات بدون ملل أو زهق، وهذه واحدة من مميزات صوت زياد برجي، فهو واحدا من الأصوات الحساسة جدا والصادقة جدا والتى تتمتع بقدر كبير من الحميمية التى تخترق القلب في ثواني وتستقر فيه، وأتحدى أن تستمع لأغنية من صوت القلب زياد برجي وتشعر بالملل، فهو يطير بك (ويروح عا دنيي ما فيها هموم، فيها سهر فيها قمر ونجوم، وغيوم فيها بتنمحي الغيوم)، ولما لا وزياد الآن أصبح النغم الحالم الذي يعبر عن حياتنا العاطفية، وعن فرحنا وحزننا، عن حبنا وآهاتنا.
هدوء وروقان زياد برجي
أجمل ما في صوت زياد برجي الهدوء والروقان الموجود في صوته، والذي يعكس شخصيته الطيبة النقية المليئة بالحب والصدق والنية السليمة الصافية، عندما يغني يسافر بنا إلى الماضي الذهبي، بل إلى الزمن الهادئ كالصحراء، المتموج كالبحر، الزمن النقي العذب الذي عذابه هو الحب، الزمن الآخر الذي لا يقاس بالساعات والدقائق، بل بالإشراق ونبض الروح، أنه زمان زياد برجي وبس!.
إقرأ أيضا : زياد برجي يحقق أكثر من مليون مشاهدة في (إجت الصيفية) ويكسب التحدي بدون بنات !
تأتي أغنية (أنا لمين) لتكمل سلسلة من الأغنيات التى بدأت عند زياد برجي منذ أكثر من عشر سنوات وتبدأ بالأنا، و(الأنا) عند زياد برجي ليست نوعا من الأنانية أو النرجسية، ولكنها الذوبان في الحبيب، كأنهما جسدان في جسد واحد، أو بمعنى أدق روحان في روح واحدة، لأن الجسد يمكن أن يحمل معاني حسية، لكن الروح تحمل معاني شفافية، فبعد طرح أغنيتة الرومانسية (أنا قلبي عليك)، التى كان يعاني فيها من الخوف على الحبيبة، من القسوة التى بدت في عيونها.
يرجع بعدها ليأخذ عهدا على نفسه أن يعيش مع حبيبته (على الحلوة وعلى المرة، وإذا مني زعلت مرة ما فيا عيش) في رائعته (أنا وياك)، وبعد التفاهم مع الحبيبة على كل شيئ نسمع صوت السماء الزرقاء وهى تتحد بنا وتسافر ويغرد (زياد) لحبيبته، ويطير معها، ونطير معه، وهو ويقول لها (بدك تعرف لما بشوفك أنا شو بحس، بحس الدنيي كلا ملكي أنا وبس، بشوف القمر حدي، والهوا عا خدي، وإيديك المخدة، وعينيك بحر وشمس، وبطير) من خلال أيقونته الرومانسية (أنا وبس، أو بطير).
أحمد ماضي .. ضعف لا يليق
بعد غناء زياد برجي لأغنيات (أنا قلبي عليك، وأنا وياك، وأنا وبس) يعود الشاعر المبدع أحمد ماضي من خلال أغنية (أنا لمين) ليقدم حالة عاطفية غارقة في الرومانسية بمفردات عذبة مليئة بالرمانسية المزوجة بالظرف وخفة الدم، والتى تعبر عن حال كثير من العاشقين في فرحهم وحزنهم، ورغم الضعف الشديد والهوان والتخلي عن الكبرياء في الكلمات والذي لا يتناسب مع شيم الرجال خاصة في مطلع الأغنية والذي يقول:
مرة بتقسى عليي، بتقهرني، وبتعذب فيي
وأنتَ بتعرفني بحبك، بترجع بتراضيني
بكلمي مدري شو بتحكيني، وأنتَ بتعرفني بحبك
إقرأ أيضا : زياد برجي : قدمت أنجح حفلاتي في كازينو لبنان، والشعب اللبناني أثبت أنه عاشق للحياة !
هذه الحالة من الذل والضعف الذي يناسب الأنثى أكثر، جعله (ماضي) على لسان زياد برجي، وكأنه يريد أن يصرخ ويقول عبر أغنيته: أن الجميع في الحب سواسية، لا يوجد رجل وإمرأة، يوجد حب فقط!، والحب لا يعرف التفرقة بين رجل وإمرأة، الكل يكتوي بناره، وينعم بنعيمه، ورغم إلحاح المحب على حبيبه، لكنه إلحاح ظريف ودمه خفيف ليس إلحاحا (رزل) أو ثقيل، لهذا استخدم (ماضي) جمل مليئة بخفة الدم والطرافة في المفردات التى استخدمها مثل:
جايي الليلي شوفك، أنا وعيوني وقلبي ضيوفك
أنا وعيوني منحِبك ، مش رح تخلص مني
وأذا كل فكرك تبعد عني ، هيدي بعيدي عن قلبك)
جملة (هيدي بعيدي عن قلبك) تستخدم تحديدا لأول مرة في الأغنية العربية بصوت زياد برجي، وهى جملة نستخدمها جميعا في التعبير عن فعل شيئ مستحيل يحدث، فنقول مثلا (انت فاكر هتعمل البلوة السوده دي وأسكت ليك، ده بعيد عن شنبك)، وهنا الحبيب استخدمها للتعبير عن استحالة ترك حبيبته.
رغم أن عنوان الأغنية تشابه مع عدة أغنيات حملت نفس الإسم لـ (مادلين مطر، وإليسا، وأحمد سعد)، لكن التناول، والفكرة عند الشاعر الموهوب بقوة أحمد ماضي مختلف تماما عن كل ما استمعنا إليه من قبل.
لحن زياد برجي
يأتي لحن زياد برجي الأغنية من المقام المحبب له وهو مقام الكرد، وهو مقام العاطفة ويستخدم في وصف المشاعر والأحاسيس، وقد استمعنا إليه في العديد من الأغنيات من قبل مثل (أنت عمري، وحيرت قلبي معاك، ويا ظالمني) لأم كلثوم، و(أنا لحبيبي، ونسم علينا الهوى) لفيروز، و(توبة) لعبدالحليم حافظ، وغيرها من الأغنيات.
وفي (أنا لمين) لحن زياد برجي من مقام كرد على درجة ري، وإيقاع 2 على 4، وقد وظف كل ما يتعلق بهذا المقام بشكل بسيط للغاية، وجاء توزيع المبدع طارق توكل هو الآخر بسيطا تميز بوجود لزمة موسيقية لعبها (الأكورديون) بمهارة شديدة أعطت طعم مختلف للأغنية، وأضافت الكثير للحن.
زياد برجي .. جمال بصري
يعاود زياد برجي التعاون مع المخرج اللبناني جان كلود ديب بعد نجاحهما في العديد من الكليبات الأخيرة مثل (إجت الصيفية، وبطير)، والحقيقة إنه اختيار موفق حيث يتميز (ديب) بالبساطة الشديدة الممزوجة بالأناقة في كليباته والابتعاد عن الإثارة، فضلا عن جمال الصورة والتعبير عنها بجمال بصري ملفت للغاية، وفي هذا الكليب قدم جمال بصري بمعايير فنية عالية وبقالب رومانسي ممتع وخفيف الظل.
إقرأ أيضا : كليب (هيدي حبيبة قلبي) لـ (زياد برجي) يتصدر (الترند) بعد ساعتين من طرحه
والجميل أنه جعلنا كجمهور نشارك في الكليب من خلال مخرجة تصور كليب لمطرب شاب على البحر مع مجموعة من الموديلز، وكان من السهل أن يقدم (ديب) صورة غارقة في الأثارة من خلال مخرجة الكليب، والموديلز والبحر، لكنه ابتعد عن كل هذا، وركز مع (زياد) وقدمه بأربع إطلالات مختلفة تميّزت بالبساطة الممزوجة بالأناقة في آن، وذلك ضمن إطار رومانسي حالم وبإضاءة جميلة مشعة عكست حالة الأغنية العاطفية، واستطاع أن يبرز أجمل ما في شخصية زياد برجي من عفوية ومصداقية عالية في الأداء الغنائي المشحون بالأحاسيس والعواطف، واستفاد من كونه ممثلا وقدمه في إطار خفيف الظل.
لينك أغنية ( أنا لمين ) :