* أقمت المتحف في الشقة التى عشت فيها 26 عاما في الدار البيضاء، وكان يسكن فيها قبلي مجموعة مهمة من الشخصيات الأدبية والصحافية الممتازة
* المتحف يتضمن بين جدرانه حوالي 400 تحفة وقطعة فنية
* من الزيارات التى أدخلت السعادة على قلبي زيارة مجموعة من الأطفال المغاربة الصغار للمتحف
* أرسلت مع السفير المغربي لوحتين قمت برسمهما لكلا من (أم كلثوم، ومحمد عبدالوهاب) لكي تعرض كل واحدة في المتحف الخاص بكل شخصية
كتب : أحمد السماحي
عبدالوهاب الدوكالي ، واحد من أساطين الغناء في العصر الحديث، أغنياته تنقل الإنسان إلى عالم أفضل مليئ بالحب والإنسانية والسلام، وليس فقط إلى عالم المتعة الروحية أو الترفيهية أو إزجاء الفراغ أو شغل وقته بأي شكل من الأشكال، منذ ظهوره في نهاية الخمسينات من القرن الماضي وحتى الآن شق ستار الظلام بشدوه وموضوعات أغنياته العذبه التى ناقش فيها كثير من الموضوعات الإنسانية والاجتماعية المهة، وقدم للأغنية العربية عامة، والمغربية خاصة، وهو ما لم يقدمه مطرب آخر من خلال شدوه بكل أنواع الغناء الملتزم بألم وفرح الإنسان وبآمال الناس في حياة شريفة كريمة فاضلة، وفي معظم ما قدمه كان صوتا داعيا للحرية وللإنسانية، والسلام.
منذ سنوات قليلة كان عبدالوهاب الدوكالي يحلم هو وعائلته وأصدقائه المقربين، بإقامة متحف صعير يضم مقتنياته الفنية والشخصية من أوسمة ونياشين، ونوت موسيقية، واسطوانات غنائية، وأغنيات مكتوبة بخط أيدي الشعراء، والتي تمثل مراحل مختلفة من حياة عميد الأغنية المغربية، ويحتوي أيضا على العديد من الصور النادرة له مع زعماء وكثير من الشخصيات السياسية والفنية والأدبية المغربية والعربية.
حلم عبد الوهاب الدوكالي
وهذا الحلم تحول إلى واقع منذ أسابيع قليلة حيث تم افتتاح متحف عبدالوهاب الدوكالي، أو كما يطلق عليه (المتحف الصغير)، وبدأ الجمهور يرتاد هذا المتحف الذي أقيم في الشقة التى كان يسكن فيها لمدة 26 عاما في الدور السابع عشر في عمارة (الحرية) في الدار البيضاء بالمغرب، وبدأ المتحف يجذب عددا كبيرا من عشاق فن الدوكالي من المغرب ودول عربية وأجنبية أخرى.
إقرأ أيضا : عبد الوهاب الدكالي .. عميد الأغنية المغربية
يأتي متحف عبد الوهاب الدوكالي عرفانا بالدور الوطني الهام الذي لعبه عميد الأغنية المغربية في إثراء الوجدان العربي عامة، والمغربي خاصة، وتقديراً لفنه الأصيل، وسلوكه القومي والإنساني النبيل، وحرصاً على تراثه القيم سواء الشخصي أوالعام، ورغبة في أن يتواصل هذا التراث، فناً وسيرة، مع الأجيال القادمة واللاحقة، ليصبح منارة إشعاع فنية وثقافية، تفيض بعطائه الإبداعي الخلاق.
سعادة عبدالوهاب الدوكالي
عبدالوهاب الدوكالي أعرب لـ (شهريار النجوم) عن سعادته البالغة بفتح أبواب متحفه على مصراعيه للجمهور الذي بدأ بالفعل يتوافد على المتحف، ومن الزيارات التى أدخلت السعادة على قلبه زيارة مجموعة من الأطفال المغاربة الصغار للمتحف، وكذلك طلبة الجامعات، فضلا عن الزيارات التى قام بها مجموعة كبيرة من الشخصيات الفنية والسياسية والإجتماعية الهامة، الذين أشادوا به في سجل الزوار من هؤلاء (أندريه أزولاي) مستشار الملك محمد السادس، وسفير جمهورية الصين الشعبية، والقنصل العام للولايات المتحدة، وكذلك قنصل إسبانيا، ووزير الثقافة (محمد بن سعيد)، وغيرهم من الشخصيات الدينية والثقافية التى أدخلت السعادة والسرور إلى قلبه المليئ بالحب وقلب عائلته، وما يضاعف من سعادته أن المتحف بدأ يجذب شخصيات تأتي لزيارته من خارج المغرب من كندا، والسعودية، ولبنان، وغيرهم من الدول العربية والأجنبية.
إقرأ أيضا : سر تشكيل (عبدالوهاب الدوكالي) لعصابة من أولاد الشوارع !
وعن ظروف إنشاء هذا المتحف قال عبد الوهاب الدوكالي، صاحب أغنية (سوق البشرية) مبتسما: ابنى آدم هو صاحب الفكرة، ففي أحد الأيام كنا على مائدة الغذاء، أنا وهو، وابنتي عايدة، وابني الصغير نور، ولفت انتباه (آدم) الكم الكبير من الجوائز والأوسمة والنياشين والميداليات الموجودة في البيت، وسألني: ما كل هذه الجوائز والأوسمة يا أبي؟
فقلت له: إنها يا عزيزي من محبة الجمهور الذي عشقني وعشقته واحترمته واحترمني، والذي لم أبخل عليه يوما بجهدي ولا مالي ولا صحتي ولا صوتي ولا ألحاني، وكنت وفيا له طوال مشواري، وكل فترة كنت أبحث عن موضوعات جديدة لم يتطرق إليها أحد وأجدد من فني ومن أسلوبي في الغناء لأحتفظ بحبه وبحب الأجيال الجديدة، كل هذه الأوسمة والنياشين لولا محبة الجمهور ما حصلت عليها، ولا تمتعتم أنتم بالعز والثراء الذي تعيشون فيه حاليا وتستمتعون به.
فسألني آدم: لماذا يا أبي لا تجمع كل هذه التحف والميداليات والصور وتضعها في متحف؟!، وابتسمت ابنتي عايدة وشاركته الرأي وقالت: فعلا يا أبي آدم على حق وسنقوم بمساعدتك فيه، وقال آدم مزهوا بنجاح فكرته: ونطلق عليه (المتحف الصغير).
فكرة متحف عبد الوهاب الدوكالي
بعد لحظات من الصمت والتفكير استحسنت الفكرة، لكني لم أصرح لهم بموافقتي، ومرت أيام، وفي جلسة حميمية مع بعض الأصدقاء المقربين قالوا لي: (نريد عمل مؤسسة لك، ونطلق عليها (مؤسسة عبدالوهاب الدوكالي)، فقلت لهم هذا يسعدني، ومرت أيام أخرى وفي مدينة مراكش كنت مع بعض الأصدقاء المحبين لي واقترحوا علي أيضا عمل مؤسسة باسمي تحمل اسم (مؤسسة عبدالوهاب الدوكالي للفنون والإبداع).
ويضيف عبد الوهاب الدوكالي مطرب (موبرناس): من فكرة آدم وطلبات وتشجيع الأصدقاء المقربين، ولدت فكرة (المتحف الصغير) كما أطلق عليه آدم، ومن سنتين بدأنا نشتغل على المتحف وقررت أن يكون في الشقة التى عشت فيها 26 عاما في الدار البيضاء، وكان يسكن فيها قبلي مجموعة مهمة من الشخصيات الممتازة مثل (جاك لوميجري دوبرويل، وجان بيير ميليكام، وبدينيس ماسون).
إقرأ أيضا : عبدالوهاب الدوكالي: المطرب الذي يعتزل الغناء خائن، وانتظروا (مصباح علاء الدين) !
وأكد عبد الوهاب الدوكالي صاحب (مرسول الحب): أن المتحف يتضمن بين جدرانه حوالي 400 تحفة وقطعة فنية، يعتز بهم جميعا، منها ساعات قدمها له العديد من الملوك، بما في ذلك واحدة على وجه الخصوص من قبل الملك الراحل الحسن الثاني، وهناك أيضا مفاتيح حصل عليها منها مفتاح مدينة (فاس) التى شهدت مولده، ومفتاح مكناس وحتى نيوجيرسي سلمت بشكل رمزي له، كما يتضمن المتحف أيضا العديد من جوازات السفر المغربية باسم الفنان والتي تشهد على العديد من الرحلات حول العالم، والآلات الموسيقية والصور بالأبيض والأسود المتعلقة بالعصر الذهبي للثقافة المغربية، وكلاهما موسيقي، وليس سينمائي.
وفي أحد الغرف أزياء مسرحية تحكي عن الأناقة التي كان الفنانون المغاربة يزينون بها أنفسهم، في مكان ما بين الستينيات والثمانينيات، فضلا عن كثير من الصور التى قام برسمها الدوكالي بنفسه لمجموعة من مشاهير الفن والأدب الذين أثروا فيه.
أسطورة عبدالوهاب الدوكالي
وأنهى أسطورة الغناء المغربي عبدالوهاب الدوكالي كلامه قائلا: الغرض من المتحف ترك بصمات للأجيال القادمة، تؤكد لهم بأنهم يجب أن يعتزوا بفنهم وثقافتهم، ويعتزوا بما يبللور قيمة وأهمية بلدهم، سواء المغرب أو أي بلد عربي، وأذكر عندما زرت مصر ذهبت لزيارة متحف أم كلثوم، وكذلك متحف محمد عبدالوهاب وسعدت جدا بالزيارة، وعندما عدت إلى المغرب ومن شدة حبي لأم كلثوم ومحمد عبدالوهاب أرسلت مع السفير المغربي لوحتين قمت برسمهما لكلا من (أم كلثوم، ومحمد عبدالوهاب) لكي تعرض كل واحدة في المتحف الخاص بكل شخصية، كما لدي لوحة لصديقي العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ أتمنى أن تعرض أيضا في متحف خاص به.