بقلم الإعلامي: علي عبد الرحمن
منذ مايقرب من عقدين تقريبا ونحن نسمع إعلاميا عن جهود الحكومة في تبسيط إجراءات الاستثمار، ومنذ حكومة د. أحمد نظيف ظهرت مصطلحات تقنيه مثل الحكومه الإلكترونية، والإداره الذكيه، ونظرية الشباك الواحد في التعامل مع المستثمر، وخدمة الـ Vip للمستثمرين، ونداءات القضاء علي الروتين ودحر البيروقراطية، وتصدعنا من هذه الشعارات التي لم تدفع مستثمرا للاستمرار في مصر، فالإجراءات ورقيه بغيضة، والجهات متعددة ومتضاربة، والموافقات بطيئة، والمستثمر وقته وماله من ذهب.
فلا الشباك الواحد الذي يشجع الاسثمار في مصر يختزل كل الأجهزه والجهات والوزارات والموافقات تحقق بالفعل، ولا الإجراءات تم تبسيطها، ولا الحكومة أصبحت ذكية أو إليكترونيه، ومع أن مصر هى الدوله الوحيدة ذات الفرص الاستثمارية المتنوعة، وهى ذات الأيدي العاملة الرخيصة، وهى ذات السوق الكبير الذي يضم 104 مليون نسمة، وهى ذات الكوادر العلمية الماهرة، وهي ذات البنية الأساسية المكتملة، وهي ذات الموقع الجغرافي الفريد لتسويق منتجات المستثمرين، وهى الدولة المستقرة في المنطقة.
إقرأ أيضا : الحقائق الغائبة عن إعلام التفاهة المشغول بالترند!
ورغم كل ذلك بح صوتنا من ضرورة وجود خريطة تشجع على الاستثمار في مصر توضح الفرص المتاحة للإستثمار وتخصصها وأماكنها وحوافزها وجدواها، ولقد طالبنا بوفود تزور دول العالم لتسويق هذه الفرص أو بمؤتمر دولي لفرص الاستثمار في أم الدنيا، وكذا أن يؤدي الإعلام دوره في التسويق للفرص الاستثماريه لمصر والحوافز المشجعة لذلك، ولكن لا الخريطة بتفاصيلها جاهزة، ولا حزمة الحوافز التشجيعية تم إعدادها، ولا الإجراءات تم اختصارها، ولا يوجد لدينا مركزا أو حتي مكتبا لخدمة راغبي الاستثمار في مصر.
حل مشاكل الاستثمار في مصر
ومع أن دولا صغيرة حولنا قضت على كل هذه المعوقات وبذلك جذبت إليها استثمارات ضخمه مثل إمارة دبي الوليده منذ عام 1971، حيث أن مستثمرا مصريا أراد فتح نشاطا استثماريا هناك، ولما سافر وفي عقله عذاب الإجراءات والموافقات وتعدد الجهات والرسوم والدمغات والإكراميات ووقتا ضائعا وأعصابا مضغوطة، إلا أنه فوجي وهو في مطار دبي بفتاة إماراتيه تستقبله بحفاوه وتحضر له كل الأوراق المطلوبة بل وتعرض عليه فيديوهات لأماكن مرشحه لمقر نشاطه، وفوجئ المستثمر المصري وهو جالس في مكتب الـVIP بالمطار وهو يحتسي مشروبات كرم الضيافة العربيه، فوجئ بأن كل إجراءات نشاطه قد تمت دون موظف مستفز ولا موافقه متأخرة ولا جهات متعددة، ولا أوراق كثيرة، ولا إكراميات مفروضة ولا زحمة ولا انتظار ولا عذاب السنين كما عندنا.
وعاد الرجل يحكي عن تجربته ولماذا لاتطبق في مصر ولماذا تعدد زيارات مسئولينا لدول العالم ويطلعون على كل ذلك ولم يفكروا في نقلة إلي مصر، وعندنا إذا أنهيت الإجراءات بسرعه فأنت صاحب مصلحه؟، وإن رحبت بمستثمر فأنت تصنع لنفسك مصلحة أيضا، وإن استعجلت موافقة أو طلبا فيكون الرد عليك: (وانت مالك مستعجل قوي كده، أو متدخلش في شغلنا، أو إحنا عارفين شغلنا كويس).
إقرأ أيضا : محمد حبوشة يكتب: هل تسحب الرياض بساط الفن من القاهرة؟
فهل المشكله في الشعارات التي نرفعها بدعوى جذب الاستثمار في مصر، أم في نظم إدارة الموظفين، أو في غياب المتابعة واحترام الشكوى، أم ماذا؟!، ولدي مستثمر سوداني يحب مصر وينقل جزءا من استثماراته وتجارته إلي مصر، بل ويمد مصر بما ينقصها من حبوب وزيوت ولحوم، ولكن هذا الرجل من سنة كاملة ورقه موجود في هيئة الاستثمار دون أن يرد عليه أحد!، وبضاعته من المواشي في المعابر ينفق منها ماينفق، ويتلف مايتلف ويتاجر به وفيه من شاء حتي أنه كره إجراءاتنا وموافقاتنا وجهاتنا وأجهزتنا.
والمعابر كلها حكايات مأساويه ومصالح تنفر المستثمرين من مصر، ومايحدث في المعابر البرية هو صورة مما يحدث في المواني البحريه والجوية، وحتي لو أفلت من كل هذه الإجراءات وصممت على الاستثمار في مصر فإنك تفاجئ بتشريعات متسارعة تعرقل وتلغي ماسبق وتحرمك من تصدير منتجك أو نصيبك من أرباحك، وغير ذلك من عمليات التعقيد والإحباط من موظفي إدارات الدولة.
ولكن لماذا نكتب عن هذا الموضوع الآن؟والإجابة: أنه بلغ الزبد الربى وطفح الكيل وتقدمت بلدان حولنا في مجال الفرص الاستثمارية وألغت إجراءات وموافقات وجهات ولخصت طريق الاستثمار في معاملة واحدة وشباك واحد وخدمة مميزه لأهل الاستثمار، وكم من الفرض ضاعت علينا وكم من الأموال خرجت وهربت بعيدا عن مصر، وكم من مستثمر طهق ولن يعد.
إعادة تشكيل المجلس الأعلي لـ الاستثمار
أكتب عن هذا بمناسبة إعادة تشكيل المجلس الأعلي لـ الاستثمار واجتماعه برئاسة السيد رئيس الجمهورية، فقد يعطي ذلك دفعة لطموحنا الاستثماري وقد يحرك ساكنا ويخلق شباكا واحده ويختصر موافقات وجهات وجري بلا طائل.
أنتهز هذه الفرصه لأقول كمواطن مصري غيور على بلده وسمعتة البيروقراطيه المميته فيه:
(1) سوقوا لخريطة مصر الاستثماريه بالنشاط وبالمكان وببنيته التحتية الجاهزة
(2) قدموا حزمة حوافز حقيقية لتشجيع وجذب الاستثمار.
(3) انقلوا تجارب من حولنا ومن دول العالم أجمع في هذا المجال.
(4) كفوا عن مصطلحات لا مقابل لها في الواقع.
(5) فعلوا الشباك الواحد والخدمة السريعة المميزة.
(6) انشأوا مركز لاستقبال وخدمة المستثمرين.
(7) نظموا جولات دوليه للتسويق أو مؤتمرا دوليا لآفاق الاستثمار في مصر.
(8) خصصوا رقما مع متخذ قرار يلجأ له المستثمر حين تتعثر خطواته أو يستغله أحد.
(9) دعوا الإعلام يسوق لفرص الاستثمار وحوافزه وتجارب المستثمرين في مصر.
(10) أنشأوا فروعات للمجلس الأعلى لـ الاستثمار في أقاليم مصر الواعدهة
التخلص من معقوقات الاستثمار
** إن إنعقاد المجلس برئاسة السيد الرئيس لهو فرصة لمراجعة الذات والتخلص من المعوقات وحصر شكاوي المستثمرين وحلها، وعقد لقاءات معهم والاستماع إليهم وتشجيعهم، وكفانا فرصا ضائعة، ومستثمرين هربوا، وإجراءات لاطائل من ورائها، وسمعة روتينيه تجعل القادم إلينا يتراجع، فمصر أولى بهذه الفرص وضياعها لا يؤثر في موظف روتيني إنما ينعكس علي وطن وسمعته وفرص عمل أهله، ولعله خيرا إنعقاد المجلس الأعلي لـ الاستثمار بتشكيلته الجديده برئاسة وحضور السيد الرئيس، ولعله مزيدا من الفرص الإستثمارية ومزيدا من فرص العمل ومزيدا من الدخل القومي ومزيدا من السمعة الطيبة لسهولة الإجراءات.
وفي النهاية لعلنا بجد ندخل عصر تبسيط واختزال الإجراءات وعصر الحكومة الرقمية الذكية وعصر الشباك الواحد وعصر حسن استقبال وخدمة المستثمرين المميزة، وعصر إلغاء غابة التشريعات المعوقة المتضاربة، وعصر الجمهورية الجديدة في مصر الجديده بفكرها الجديد.. وتحيا دوما مصر الواعدة بمستقبل أفضل بمشيئة الله.