سامر عوض يكتب: جرجس جبارة.. ممثل ممتلء
بقلم: سامر عوض
عرف المشاهد السوري خصوصا والعربي عموما (جرجس جبارة) منذ ثلاثة عقود ونيف من الزمن، حيث أدخل أيمن زيدان هذا الشاب الموهوب (جرجس) الى ميدان التمثيل، فولج قلوب الناس الذين تابعوه وتراوحت أدواره بين الكوميدي كـ (أبو نادر)، والموظف المتردد الفاسد في (يوميات مدير عام)، والمختار – على ما اعتقد – في (إخوة التراب)، وغيرها من الأدوار التي يصعب أن تحصى.
التقيت ابن البلد هذا مرارا، وكان أحدها في ظرف دقيق سنة 2012، ووجدت أنه شخص صريح، عميق، مثقف، صادق، يرفض التكلف، وشغوف بالعلم، ومغرم باللاذقية.
ينسى شخوصه التلفزيونية في موقع التصوير ويستعير منها ما يلزم للإضافة على نفسه ومن حوله؛ ثم ينطلق إلى الآخرين باسطا يداه إلى الجميع بانسيابية رقيقة ليقول على لسان (دانتي): (إن الفن ابن الطبيعة).
الفن بنظره ليس تعقيدا بل تجسيد لفكرة تمضي من قلب الملقن إلى أفئدة وعقول المتلقين.
(أبو نادر) هذا أضحكنا من خلال (حسان)، حيث تلمس بسهولة أن الأخير لا يأخذ رئيس المخفر (أبو نادر) بعين الحسبان، أبدع (جبارة) كثيرا فيما أتيح له، حيث تراه يتقن ما يفعل ويطبق ما يعتقد بحرفية دقيقة وتواضع عريق، ودماثة خلق، حيث خرج هذا الإنسان من جلباب العلم كمهندس زراعي، ثم تدرج في العمل إلى أن أصبح فنانا وطيبا.
التقيته مرارا وأشهد أنه إنسان مهذب، لبق، لائق، ذاكرته متقدة، وبديهته حاضرة، من الممتع أن ينتمي لمدينتتا ممثل رجلاه على الأرض وعيناه ترنوان إلى السماء.
سئل يوما ما إذا كان سيتخلى عن ابنه إن كان مثلي الجنس، أجاب باتزان وروية (مهما يكن، هو ابني)، هذا أجمل ما في الأمر، إن (جبارة) من متصالح مع نفسه ينتمي فيثمر، وكم يعتز المرء بهذه النماذج الحية، وهى حصيلة نتاج فكري حضاري تراكمي متتابع.
كثر الله من أمثال هذا الإنسان الذي أصبح فنانا لاحقا وليس العكس؛ لأن قواعده ثابتة ومسيرته واضحة، لم نلتق كثيرا، لكنه يسأل دوما عندما نلتقي عن الكتب، هذا المشجع الصادق الصدوق حسب شعوري ومعرفتي.