بقلم الإعلامي: علي عبد الرحمن
في الوقت الذي تسعي فيه الهيئة العامه للترفيه بالسعودية – حديثة العهد – ذات الأعوام القليله منذ نشأتها إلي نشر الثقافة والفنون وتشجيع الإبداع واكتشاف وصقل المواهب ونقل الخبرات من خلال اللقاءات مع خبراء الفن والميديا في العالم مع المهتمين السعوديين، وفي ذلك تقيم المهرجانات وتنظم الأحداث والمسابقات والسباقات، ونشر دور العرض واستقدام نجوم الغناء والتمثيل والرياضة وزيادة الإنتاج السعودي برامجيا، وأفلاما قصيرة وعروض مسرحيه وحفلات وأفكار تقنية مبتكرة، ومسابقات تكنولوجية عصرية.
وهى بذلك تدفع سريعا الفن والميديا السعوديين إلي الأمام قدما، كما تدعم دخول المرأة السعوديه هذا المجال، وتدفع قوى المملكة الناعمة إلى الاتساع والتأثير، وهى بذلك تدعم قيم التنافس والإبداع وتتبنى المواهب وتدعم إعلام المملكة وفنها الوليد، وهى في ذلك تفعل كل شئ لتنفيذ أهدافها ودعما للسياحة السعودية ومشاركة في تنفيذ رؤية ولي العهد 2030 لتغيير ملامح وصورة وموارد المملكة مستقبلا.
وبعد استقدام نجوم العرب والعالم، وبعد العقود الموقعة معهم، وبعد كل الفعاليات تبنت المملكة برنامج رامز جلال – رغم اعتراضنا على محتواه – للتسويق للمملكة والهيئة ومنطقة الترفيه بالبلوفارد، وأعلنت الهيئة مؤخرا عن استضافة الموسم القادم من برنامج المواهب والمسابقات الشهير (ستار أكاديمي) لتكون الرياض مكتشفة المواهب وأرض التسابق في مجال الغناء، وهي بذلك تسعي مستقبلا لأن تكون (هوليوود الخليج) وربما الشرق كله.
وهى تسير وفق دورها في رؤية ولي العهد 2030، وفي نفس الوقت الذي تفعل فيه هيئة الترفيه هذا، وتتقدم بيروت صناعة البرامج ذات الإنتاج الضخم في مجال المنوعات، وتتقدم دبي في مجال البرامج الثقافية والمتنوعة، وتستعد سوريا لعودتها في مجال الدراما التاريخيه والدينية، وتتقدم الدوحة صناعة الأخبار والوثائقيات، وتتصدر الأردن عالم البث ومناطق التصوير، وتسعد ستديوهات عجمان للعودة كسابق عهدها، وتتصدر المغرب إيرادات أماكن التصوير المفتوحه حتي الفرعوني منها.
في هذا الوقت تجد عندنا الشركه المحتكرة وهى حديثة العهد أيضا كهيئة الترفيه وبنت الأعوام القليله مثلها أيضا وهي تحتكر كل الشاشات، وكل الكوادر، وكل الإنتاج، وكل الأخبار، وكل التسويق، وكل البث وتصاريحه، وكل الإعلان إنتاجا وبثا، ولكنها أقصت المبدعين، وسرحت الكوادر، وأهملت المواهب، وأفلست انتاجا برامجيا ودراميا، وأغفلت المسرح ودراما التاريخ، وبدلا من أن تجمع مبدعي مصر وتكتشف مواهبها وتنافس بإنتاجها وتسترد قوتها الناعمة، وتنقل الخبرات محليا ودوليا وتعلي قيم الإبداع، وتشجع المنافسة.
ولم تفسح طريقا لأهل الميديا والفن في مصر، وتقدم ما اختفي من مشهدنا الإعلامي والفني من برامج ومسابقات الأطفال، وبرامج الأسرة والمرأة، وبرامج الشباب والتكنولوجيا، وبرامج الفئات والأقاليم، وبرامج الاقتصاد والاستثمار، وبرامج الثقافة والهوية، ودراما التاريخ وأحداثه، والوثائقيات الراقية، وعروض المسرح، وزيادة دور العرض، وتنظيم الأحداث ذات الصلة من مهرجانات وأسواق، ومعارض وندوات ونقاشات، فهي لم تفعل ذلك ولم يخطر ببالها ذلك، واختصت منتفعيها وأغلقت عليهم أبوابها وأغلقت أبواب العمل والرزق والإبداع والتنافس بين أبناء المهنة، وحاربت كل من يحاول البث أو الإنتاج أو الإعلان أو حتي إقامة حدث يدعم سياحة وفن وإعلام وصورة مصر.
ولما لا، وكل الدعم لها، وكل الشاشات لها، وجل الإنتاج لها، وحصرية الأخبار لها، وكل الإعلانات لها، وكل النفوذ لها وكل الإنفاق لها، ومخالفة الدستور بمنع الإحتكار لها، ياليتها فعلت ما قامت من أجله، وهو حراك المشهد الإعلامي وليس إحتكاره، وتنظيم المشهد الإعلامي وليس إقصائه، عودة الإنتاج المصري وريادته وليس تخاذله، تقديم منتج برامجي وإخباري ووثائقي مصري تنافسي وليس التقوقع بعيدا عن كل من حولنا من حديثي العهد بالميديا والفن، وياليتها قدمت مبدعا، أو دعمت جهة انتاج، أو تبنت قنوات شابة، أو أشركت الجميع في المشهد، أو أقامت حدثا ينشط سياحتنا ويسترد قوتنا الناعمة، بل يالتها تركت من يعمل لمصر أن يعمل، ولكنها تعوق وتمنع أي أحد سواها حتي لايقال لها لماذا فعل هو هذا ولم تسبقيه أنت؟
النتيجة ياسادة: احتكار قاتل للإبداع، وسيطرة خالية من التنافس، وحرب لمن يرفع رأسه في سوق الميديا، والتحكم في كل شئ، حتي أنفاس المبدعين، لماذا لم تنظم مهرجانا، أو تقيم معرضا أو سوقا أو لقاء حول الإعلام والفن؟، وماذا قدمت لتنشيط السياحة، ومتي تشرك أبناء الوطن معها، ولماذا تخشي المنافسة، وإلي متي تحارب وتقصي الإبداع؟، سنعاني قريبا من مشهدها هذا إما هجرة الخبرات المبدعة، أو دفن المواهب، أو فساد المحتوي، أو تراجع إضافي لقوانا الناعمة، أو غياب لإنجازات الوطن، أو مزيد من التجارب الفاشلة، أو عزوف عن المشهد وأهله، أو تغيير المسار العملي لأهل الخبرة والإبداع.
إن المشهد الإعلامي والفني بأهميتهما لمصر وأهلها يحتاجان وقفة لمنع هذا الإحتكار، ووضع استراتيجية لإعلام وفن ينافس، وليكن الهدف عودة قوي مصر الناعمة، و إشراك أهل الخبرة والإبداع، وإفساح المجال للمنافسة وخدمة خطط الوطن وتطلعات أهله حتي يعود لمصر مشهدها الإعلامي الرائد ومشهدها الفني الخلاق.. فنحن إخوة في المسئولية وشركاء في الوطن، والكلمة أمانة والإعلام شرف والوطن أمانة وأهله مسئولية، وتحيا دوما مصر الرائدة المبدعه الداعمة قيمة وقامة ،حمي الله مصر..آمين.