بقلم: محمد شمروخ
لم أستغرب ما حدث فى أحد المطاعم الشهيرة في شرق القاهرة، باعتراضه على دخول فتاة محجبة مع صديقاتها للاحتفال بعيد ميلاد إحداهن، ولم أتعجب من الصفاقة في التصرف، إنما عدم استغرابى لا يعنى عدم استيائي مما حدث.
لكن الاستغراب والتعجب هو أنه لم يهتم سوى برنامج واحد – على حد علمي – يقدمه الإعلامي (تامر أمين) وإن كان اعتراضه شفى غليلي إلا أنه لم يكن كافياً.
فما حدث هو جريمة تمييز حقيقي ضد مواطنة مصرية وفي نفس الوقت اعتداء على حقوق الدولة بسن قواعد تنظيم دخول إلى منشأة على أرض مصر خاضعة للقوانين واللوائح والقرارات العامة، تخالف الدستور والقانون.
لن أقول إن ما حدث هو انتقال لفيروس الإسلاموفوبيا، ولن أدعى أنه استجابة للحملات المضادة للحجاب من جانب بعض التنويريين، لكنى يمكن أن أزعم أنه نوع من المنظرة الكاذبة الناتجة عن عقد النقص المركب التى تحكم سيكلوجيات كثير من المصريين مع الأسف خاصة من الفئات التى يتوجب عملها التعامل المباشر مع الجمهور، لا تجد ثمة فارقاً بين الجهات الرسمية والخاصة.
إنها التعقيدات واختلاق المشاكل وافتعال المواقف بدون أى داع، وكأن هناك عمدية في إحداث أزمات بلا طائل غير النفسيات التعبانة.
حقا هناك منشآت سياحية يجب ألا يسمح بدخول محجبات إليها كبعض الديسكوهات أو البارات والكازينوهات المرخص لها بتقديم الخمور وإن كان هذا المنع يتم بشكل غير منظم أو قانونى، لكن على أي حال، فتلك الأماكن لا تدخلها المحجبات.
لكن المفاجأة المدوية في الواقعة أن اللجنة التابعة لوزارة السياحة التى قامت بالتحقيق وتوجهت إلى المطعم محل الشكوى، إذا بها وقد وجدت أن المطعم يستقبل عملائه من الرجال والنساء والفتيان والفتيات و(شوهد) بعض المحجبات (في الدور والآوت دور) بدون أي اعتراض!.
كما وقعت المفاجأة العظمى التى برأت المنشاة، حيث إنه وجدت ثلاث من الموظفات بالمطعم نفسه يرتدين الحجاب!
يا سلام سلم يا سلام سلم..
وهنا حضرت روح الفنان البديع الراحل (صلاح منصور) لتتجسد في شخصية (العمدة عتمان) ليطلق كلمته الشهيرة (الدفاتر بتاعتنا والتواريخ في إيدينا.. حد هيحاسبنا)؟!.. اعقد يا راجل اعقد!
وكان أن ثبتت براءة المطعم الكبير المملوك لشركة أكبر والتى تلقى رعاية أكبر وأكبر وأكبر.
أما الفيديو الذي قامت صاحبة عيد الميلاد (غير المحجبة) على شبكة الإنترنت من موقع الحدث لتشهد العالم كله على ما حدث من قلب مسرح الجريمة ووسط زميلاتها وصديقاتها غير المحجبات (باستثناء صديقتها الطبيبة صاحبة المشكلة) فيبدو للجنة أن كل هذا أضغاث أحلام ولم يحدث منه شيء!
ليه يا حضرة العمدة؟!
لأن الجهة المختصة ببحث الشكوى لم تتلق أية شكاوى من أي من الفتيات المتضررات من الواقعة أو أي جهات أخرى!.. بس (دكر البط) عامل عمايله يا عمدة خصوصاً إنه مدبوح خصوصى.. خصوصي.. وامضي يا أبو العلا)!
المهم أحب اختم كلامى بموقف شهدته في كافيه كبير (من أبو منيمم ومينوهاته بالعنجليزي والفرنساوى ولغة ثالثة لم أحددها لكن ليس من بينها اللغة العربيّة)، فقد كان أحد العاملين بذلك الكافية، قد تحدث بشكل غير لائق مع سيدة دخلت وهى ترتدى عباءة حريمي سوداء وطرحة تشبه طرحة الفلاحة المصرية، ثم جلست بمفردها على مائدة منزوبة ولأن ملامح السيدة تبدو مصرية من الريف فأثارت البيه المتر بتاع الكافيه فتحدث معها بحديث لم أسمعه، ولكنه فيما يبدو أنه كان قاسيا أو أنه طلب منها مغادرة المكان، وهى لم ترد بكلمة وظلت صامتة جامدة في مكانها، حتى تغير الموقف تماما مع دخول رجل يرتدى ملابس دول الخليج العربي وتبين أنه زوجها وأنه لسبب ما تاخر عنها عند دخول الكافيه، فتحولت الجليطة التى تم التعامل بها مع السيدة إلى سيل من الاعتذارات ختمها مدير الكافيه بذات نفسيته بمقولة لا أنساها وهو يعتذر عن الموقف (اعذروه لأنه كان فاكر إن حضرتها مصرية)!
وأخيرا.. هل تعلم أن هناك منشآت سياحية مقامة وتدار على أراض مصرية وتخضع للقوانين واللوائح والقرارات المصرية، من نواد وفنادق ومطاعم وغيرها، ومع ذلك تمنع دخول أي شخص يرتدى الجلباب من حاملى الجنسية المصرية فحسب، حتى لو كان نظيفا ومكويا.. أقصد بالنظافة الجلباب، أما المكوي فكلا الاثنين الجلباب والمواطن معا!