بقلم: ماجد كامل
(مدرسة المشاغبين، العيال كبرت، سك على بناتك ، شاهد ماشافش حاجة، هاللو شلبي)، وغيرها من روائع المسرح الكوميدي المصري خلال عقود الستينيات والسبعينيات والثمانينيات من القرن الماضى، هى هدايا الفضائيات الدائمه للمشاهدين كل عيد .
ومن جانبه فالمشاهد المصري يتابعها بكل الحب ويضحك على (ايفيهاتها) رغم أنه قد شاهدها عشرات وربما مئات المرات.. ويحفظها ظهرا عن قلب، والفضائيات بدورها تدرك بذكائها الشديد مدي حب الجماهير العريضه لهذه الأعمال إلى الدرجة التى ينتظرون عرضها خلال أيام العيد المختلفة رغم توافرها بسهوله على اليوتيوب والمواقع المختلفة على الإنترنت.
فقط بضغطة إصبع يمكن لهم أن يشاهدونها كاملة، لكن أغلب المشاهدين يفضلون مشاهدتها على الفضائيات خلال أيام العيد وكأنها أصبحت إحدى طقوسه، حيث يستمتع أفراد العائلة بمشاهدتها مع تقديم حلوى العيد كـ (الكحك والبسكوت والبتى فور) وغيرها .
السر فى رأيى يرجع إلى سحرها الآخاذ، فأنت تشاهد صناعة كوميدية قديمة بجودة فائقه للغاية، تلتزم – فى كثير من الأحيان – بأجواء المسرح وهياكل العمل المسرحى التقليدية، فلدينا 3 فصول أو عدة لوحات وقصه لها حبكة درامية مهما كانت بسيطة، حتى إذا كانت مترجمة فهى ممصرة بشكل جيد لتناسب الذوق المصري وشهيه مشاهد المسرح الكوميدي المصري.
جهد فائق فى التدريب والبروفات المجهدة يظهر جليا على إتقان نجوم العرض والتناغم الشديد بينهم، ومساحة ارتجال النجوم بما لايخل بالخطوط العريضه للنص الأصلي، وكيف ينطلق إبداع نجم الكوميديا فى هذه الأعمال كهداف كرة قدم من العيار الثقيل ليسجل أهدافه المذهلة التى تفجر ضحكات الجماهير.
وكما قلنا يعود بخفة ومهارة فائقين إلى مربع النص المسرحي الأصلى دون الإخلال بمضمونه، ووراء كل ذلك مخرج كبير أبدع لتصل هذه السيمفونيات إلى وجدان الجماهيرالعريضة لتسكن فيه خالدة مهما مرت السنوات وتوالت العقود.
يكفى أن نعرف أن أسماءا مهمة للغايه فى عالم المسرح قد أخرجت عددا كبيرا من هذه الأعمال وبعضهم لاعلاقه له أساسا بالمسرح الكوميدي، حيث أخرج عملاق المسرح القومي (سعد أردش) مسرحية (هاللو شلبى) لنجم الكوميديا الأشهر (عبد المنعم مدبولى) وعدد من نجوم الكوميديا البارزين كـ (سعيد صالح وعبدالله فرغلي)، وأسهمت المسرحية فى اكتشاف نجمين من العيار الثقيل هما (أحمد زكى ومحمد صبحي)، بينما أخرج المخرج الكبير حسن عبد السلام (سيدتى الجميلة) إحدى أيقونات المسرح الكوميدي المصري، بينما أخرج المخرج السينمائي حاصد الجوائز حسين كمال (ريا وسكينة) إحدى أهم المسرحيات الكوميدية فى تاريخ المسرح.
وتمتد الأسماء الكبيرة اللامعة من مخرجينا الكبار لتشمل (سمير العصفوري وهانى مطاوع) اللذين أخرجا (العيال كبرت، وشاهد ماشافش حاجة) وغيرهما من كبار مخرجى مصر فى المجال الدرامي، كل ذلك إلى جانب أباطرة الإخراج الكوميدي كـ (عبد المنعم مدبولى والسيد بدير).
كل ذلك كان يتم بأبسط الإمكانات والتكاليف ووافر الجهد والعرق وتدفق الإبداع، وعبر كلمة سر موحدة اسمها (الاتقان الشديد)، لذا جاءت هذه الأعمال التى يبتعد عنا تاريخ إنتاج أحدثها أكثر من 3 عقود، جاءت لتخلد فى ذاكرة المشاهد المصري وتتحول إلى إحدى سعادات العيد.
والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا لم تحفر المسرحيات التى تم إنتاجها بعد هذه الحقبه الذهبية لها موطئا فى وجدان المشاهد؟، الاجابه ببساطة شديدة: لعدم توافر أغلب عوامل النجاح التى ذكرناها سابقا، حيث جاءت فى معظمها وبكل أسف فى إطار من الاستسهال وكثير من الاستظراف الذي يميزه المشاهد ببراعة شديدة.