بقلم الكاتب الصحفي الكبير: أسامة سرايا
حى (السيدة زينب)، رضى الله عنها وأرضاها، ليس من الأحياء الشعبية المصرية العريقة فقط، ولكنه بالإضافة إلى ذلك، فإن أهله يعيشون بجوار ضريح (الطاهرة) يكتسبون من خصالها الكثير، وإذا فتشت فى شخصياتهم، وبين ثنايا عقولهم، فستجد أنهم يعيشون معها طوال الوقت، ويلتفون حولها، ويأخذون الكثير عن شخصيتها (حفيدة رسول الله – صلى الله عليه وسلم، وابنة ابنته رضى الله عنهما، وأرضاهما، كما أنها ابنة سيدنا على، كرم الله وجهه، التى عاشت فى هذا الحى، ولقيت ربها فيه، ودفنت فى ترابه).
إننا نستطيع أن نلمس منهم، كما وصف الأديب الكبير يحيى حقى، كاتبنا الأبرز، صفاتهم جميعا تماما، وأنا عشت هناك، ودرست فى مدرسة محمد على الإعدادية، والخديوي إسماعيل الثانوية، وعرفتهم، وجمعت بينهم وبين ريفنا النقى الطاهر، الذى أنا أصلا منه، فهم جميعا عاشوا على الفطرة، ويتأصل لديهم العمق الإنسانى.
لقد ظلت محنة كربلاء، واستشهاد شقيق السيدة زينب (الحسين)، وأبنائه، وأبناء الحسن، رضى الله عنهم جميعا – تعيش مع أهل (السيدة) كظلهم، فهم يشعرون بأنهم أهلها، مما زادهم صلابة، وثباتا فى المواقف، والقدرة على مواجهة الشدائد، وأهل السيدة يمتازون بالجدعنة، والصلابة فى الدفاع عما يؤمنون به، ومن بينهم برز الزعيم الوطنى، والمصلح الدينى، (مصطفى كامل).. رحم الله ابن حى الصليبة، فشخصيته تكشف عن شخص تسامى على مرضه، وواجه الاستعمار فى أعلى درجات الصلابة.
إن مسلسل (جعفر العمدة) الذى شاهدناه فى رمضان، بعيدا عن النقد الدرامى، ظلم أهل (السيدة زينب)، وبعيدا عن الحبكة الدرامية اتسم بالبحث عن طفل مخطوف، والفضول الذى جذب جمهور رمضان فى مصر، والمتابعين للدراما فى المنطقة العربية، والبطل الشعبى ليس فى (السيدة زينب)، فالبطل هناك هو المتصوف، المحب لأهل البيت، يعيش ويموت يخدم الفقراء.
منطقة (الميلودراما) وقصصها ليست بين أهل السيدة، ولا تعيش بينهم، فالبطل هناك ملتزم، ومحتفظ بالقيم.. قد يكون المسلسل جيد من حيث الحبكة، والدراما، ومسليا، ومضحكا معا، لكنه لايعكس صورة (مصر)، ولا يعكس حياة الأحياء الشعبية فيها، خاصة (السيدة زينب)، وأهلها الكرام، لذا وجب التنويه، والاعتذار.