هل تؤثر زحمة المارثون الرمضاني على كلمة سميحة أيوب للمسرح غدا؟!
كتب : أحمد السماحي
غدا يحتفل الفنانون من كل أنحاء العالم بيوم المسرح العالمي (World TheatreDay)، حيث تقام جملة من الأنشطة والاحتفاليات الخاصة بهذه المناسبة التي جرى العرف منذ عام 1962 على أن يتم اختيار شخصية إبداعية ومسرحية لكتابة كلمة خاصة بهذه المناسبة تلقى في اليوم ذاته، ويتم تعميمها على جميع المؤسسات المسرحية في العالم، وقد كتبت كلمة يوم المسرح هذا العام الفنانة الكبيرة سميحة أيوب.
وقد حصل (شهريار النجوم) على نسخة من كلمة سيدة المسرح العربي، حيث تقول في بدايتها: أبث إليكم هذه الكلمة، في ذكرى اليوم العالمي للمسرح، وبقدر ما يعتريني من شعور غامر بالسعادة أنني أتحدث إليكم، فإن كل ذرة في كياني تختلج تحت وطأة ما نعانيه جميعاً – مسرحيين وغير مسرحيين – من ضغوط طاحنة ومشاعر صادمة، وسط ما ينتاب العالم من حالة من عدم الاستقرار كنتيجة مباشرة لما يمر به عالمنا اليوم من صراعات وحروب وكوارث طبيعية، كانت لها آثارها المدمرة ليس فقط على عالمنا المادي وإنما كذلك على عالمنا الروحي وسلامنا النفسي.
وتضيف: أتحدث إليكم اليوم بينما ينتابني شعور بأن العالم بأسرة بات كالجزر المنعزلة، أو كالسفن الهاربة في أفق معبأ بالضباب، كل منها ينشر شراعه ويبحر على غير هدى، ليس يرى في الأفق ما يهديه، ورغم ذلك يكمل إبحاره، آملاً أن يصل إلى مرفأ آمن، يحتويه بعد تيه طويل وسط أمواج بحر هادر.
وتتابع: لم يكن عالمنا الواحد، أكثر التصاقاً ببعضه البعض منه اليوم، إلا أنه وفي ذات الوقت لم يكن أكثر تنافراً وابتعاداً عن بعضه البعض منه اليوم، وهنا تكمن المفارقة الدراماتيكية التي يفرضها علينا عالمنا المعاصر، فرغم ما نشهده جميعاً من تقارب في تداول الأخبار والاتصالات الحديثة، التي كسرت كل حواجز الحدود الجغرافية، إلا أن ما يشهده العالم من صراعات وتوترات فاقت حد التصور المنطقي، وخلقت وسط هذا التقارب الظاهري تباعداً جوهرياً، تنئ بنا عن الجوهر الحقيقي للإنسانية في أبسط صورها.
وأردفت سيدة المسرح العربي: إن المسرح في جوهره الأصلي هو فعل إنساني محض، قائم على جوهر الإنسانية الحقيقي ألا وهو الحياة، وعلى حد قول الرائد العظيم قسطنتين ستناسلافسكي: (لا تدخل المسرح بالوحل على قدميك، اترك الغبار والأوساخ في الخارج، تحقق من ترك مخاوفك الصغيرة والمشاحنات والصعوبات البسيطة مع ملابسك الخارجية، كل الأشياء التي تدمر حياتك وتلفت انتباهك بعيدًا عن فنك، عند الباب)، عندما نعتلي خشبة المسرح، فإننا نعتليها وبداخلنا حياة واحدة لإنسان واحد، إلا أن هذه الحياة لديها قدرة عظيمة على الانقسام والتوالد، لتتحول إلى حيوات كثيرة، نبثها في هذا العالم، لتدب فيه الحياة وتورق وتزدهر، فقط لننتشي بعطرها مع الآخرين.
وتتابع: إن ما نقوم به في عالم المسرح كمؤلفين، ومخرجين، وممثلين، وسينوغرافيين، وشعراء، وموسيقيين، ومصممي كوريوجرافيا، وحتى كتقنيين، وفنيين، كلنا بلا استثناء، إنما هو فعل لخلق حياة لم تكن موجودة من قبل، قبل أن نعتلي خشبة المسرح، هذه الحياة تستحق يداً حانية تتعهدها، وصدراً حنوناً يحتضنها، وقلباً حانياً يأتلف معها وعقلاً رزيناً يوفر لها ما تحتاجه من أسباب الاستمرار والبقاء.
وتقول مضيفةً: ربما لا أغالي عندما أقول إن ما نقوم به على خشبة المسرح هو فعل الحياة نفسها، وتوليدها من العدم كجمر مشتعل، يبرق في الظلمة، فيضيئ ظلمة الليل ويدفئ برودته نحن من يمنح الحياة رونقها، نحن من يجسدها، نحن من يجعلها نابضة ذات معنى، ونحن من يوفر الأسباب لفهمها، نحن من يستخدم نور الفن، لمواجهة ظلمة الجهل والتطرف، نحن من يعتنق مذهب الحياة، لتدب في هذا العالم الحياة، ونبذل من أجل ذلك من جهدنا، ووقتنا، وعرقنا، ودموعنا، ودمائنا، وأعصابنا، كل ما يتوجب علينا بذله من أجل تحقيق هذه الرسالة السامية، مدافعين بها عن قيم الحق والخير والجمال، ومؤمنين بحق، أن الحياة تستحق أن تعاش.
و تتابع أيوب في رسائلها، إلى العالم: أتحدث إليكم اليوم لا لمجرد الحديث أو حتى للاحتفال بأبي الفنون جميعاً، المسرح، في يومه العالمي، وإنما، لأدعوكم لتقفوا صفاً واحداً كلنا جميعاً، يداً بيد وكتفاً بكتف، لننادي بأعلى صوتنا كما اعتدنا على منصات مسارحنا، ولتخرج كلماتنا لتوقظ ضمير العالم بأسره، أن ابحثوا في داخلكم عن الجوهر المفقود للإنسان، الإنسان الحر، السمح، المحب، المتعاطف، الرقيق، المتقبل للآخر، ولتنبذوا هذه الصورة القميئة للوحشية، والعنصرية، والصراعات الدموية، والأحادية، في التفكير والتطرف والغلو، لقد مشى الإنسان على هذه الأرض وتحت هذه السماء منذ آلاف السنين، وسيظل يمشي، فلتخرجوا قدميه من أوحال الحروب والصراعات الدموية، ولتدعوه لتركها على باب المسرح، لعل إنسانيتنا التي أصبح يعتريها الشك تعود مرة أخرى يقيناً قاطعاً، يجعلنا جميعاً مؤهلين بحق، أن نفخر بأننا بشر، وبأننا جميعاً أشقاء في الإنسانية.
وتختم سميحة أيوب: إنها رسالتنا نحن المسرحيون حملة مشعل التنوير، منذ أول ظهور لأول ممثل على أول خشبة مسرح، أن نكون في طليعة المواجهة لكل ما هو قبيح ودميم ولا إنساني، نواجهه بكل ما هو جميل ونقي وإنساني.. نحن ولا أحد غيرنا.. نمتلك القدرة على بث الحياة.. فلنبثها معناً من أجل عالم واحد وإنسانية واحدة.
المارثون الرمضاني
يأتي يوم المسرح العالمي غدا، وكل نجوم العالم العربي تحديدا في بلاتوهات التصوير لتكملة تصوير ومتابعة أعمالهم الذين يشاركون بها في المارثون الرمضاني، والسؤال الذي نطرحه هل سيؤثر موسم شهر رمضان الدرامي وإنشغال معظم النجوم على كلمة سيدة المسرح المصري غدا؟
نجوم العالم
جدير بالذكر أن مجموعة من كبار النجوم العالميين قد كتب من قبل كلمة اليوم العالمي للمسرح، حيث كتبها العام الماضي المخرج الأمريكي الكبير (بيتر سيلرز)، وفي عام 2021 كتبتها ممثلة المسرح والسينما والتليفزيون (هيلين ميران)، وعام 2020 كتبها الكاتب المسرحي الباكستاني (شهيد نديم).
وعام 2019 كتبها المخرج الكوبي (كارلوس سيلدران)، وفي عام 2018 كتبها خمس نجوم وكتاب هم (رام قويال، مايا زبيب، سيمون مكبورني، سابينا بيرمان، ويري ويري لايكنج)، وفي عام 2017 كتبتها (إيزابيل هابيرت)، وعام 2016 كتبها المخرج الروسي (أنا تولي فالسيليف).
من المعروف أن يوم المسرح العالمي بدأت مراسم الاحتفال به عام 1962، وذلك بهدف الترويج للفن المسرحي في جميع أنحاء العالم وتسليط الضوء على قيمة هذا الفن فضلًا عن تمكين المجتمعات المسرحية من الترويج لإعمالهم علی نطاق واسع حتی یدرك صناع القرار قیمة ھذه النماذج الفنية من أجل دعمها، كما يهدف إلى التمتع بهذا الفن في حد ذاته.