في عيد ميلاد محمد صبحي الـ 75.. نكشف سر اختياره لتجسيد شخصية (إخناتون)
كان بين الفنانيين زمان علاقة أقرب إلى الأخوة الصادقة، يعيشون طوال أيام التصوير علاقات صداقة بريئة، وزمالة محترمة، بعيدة عن المصالح الضيقة، والمنافع المؤقتة، والشوائب المكدرة، علاقة قائمة على الثقة والمودة والبساطة، أساسها الصدق وفروعها الكلمة الطيبة وإحسان الظن والألفة، لهذا كانوا يجتمعون دائما فى بداية أي فيلم أونهايته ليأخذون مع بعضهم صورة تذكارية أو (سيلفي) بلغتنا الآن.
كتب : أحمد السماحي
نحتفل هذه الأيام بعيد ميلاد فارس المسرح المصري (محمد صبحي)، أحد رواد الفن المعاصر، والذي ولد يوم 3 مارس عام 1948، وقدم لنا العديد من الأعمال المحفورة في ذاكرة محبي الفن المصري، التى ناقشت العديد من القضايا المهمة بشكل كوميدي ساخر، وصلت إلى قلوبنا جميعا، ولم يكن (محمد صبحي) مجرد فنان يبحث عن النجاح والشهرة من خلال العمل في الفن، بل كان صاحب مشروع فني كبير يعرف كل كبيرة وصغيرة في تفاصيله، كما يعرف جيدا كيف يحيله إلى واقع يفيد الناس.
عشق صبحي المسرح أكثر من السينما لهذا فالنجاح الذي حققه في المسرح من خلال أدواره الكوميدية لفت إلى موهبته أنظار مخرجي ومنتجي السينما ودفع بهما إلى إسناد أدوار البطولة المطلقة له، فقدم العديد من الأفلام المتنوعة ما بين الكوميديا والتراجيديا.
والحقيقة أنه ترك بصمة واضحة في أفلامه الدرامية مثل (أبناء الصمت، الكرنك، وراء الشمس، الجريح، بلاغ ضد إمرأة) وغيرها، كما حقق نجاحا جيدا في أفلامه الكوميدية مثل (العميل 13، هنا القاهرة، محامي تحت التمرين، راجل بسبع أرواح، إحنا اللي سرقنا الحرامية، علي بيه مظهر والأربعين حرامي) وغيرها، لكن نجاحه السينمائي لا يقارن للأسف الشديد بنجاحه المسرحي، حيث لم تكن أفلامه الكوميدية في قوة وجمال أعماله المسرحية وليس لها نفس البريق والتوهج، حتى التى كتبها صديقه المؤلف الكبير (لينين الرملي) الذي قدم معه روائع لا تنسى في مجال المسرح.
من الأسرار التى نكشفها بمناسبة عيد ميلاده، ظروف اشتراكه في الفيلم الشهير (إخناتون) الذي يعتبر من أشهر الأفلام التى لم تخرج للنور، حيث يقول في حواره مع الناقد المسرحي إبراهيم الحسيني: أن شخصية (هاملت) كانت من أحب الشخصيات إلى قلبه، وقدمها عام 1971 أمام واجهة معهد التمثيل بعد تخرجه، حيث كان يعمل معيدا بالمعهد، وفي إحدى ليالي تقديم العرض الذي استمر تقديمه لمدة شهرين كاملين، كان الجمهور يأتي من سكان منطقة العمرانية المحيطة بالمعهد ليشاهدوا العرض الذي ذاع صيته.
وفي إحدى الليالي وبعد انتهاء العرض فوجئ بوالده الذي كان رافضا لدخوله المجال الفني يحتضنه ويبكي ويقول: (لقد أجرمت في حقك بمنعك من هوايتك)، حيث كان الوالد يعتقد أن ابنه غير موهوبا وأنه تأثر بجو المسارح الموجود فيه، حيث كان يعمل الوالد إدرايا بفرقة رمسيس لصاحبها ومؤسسها يوسف وهبي ولم يكن يتصور أنه يمتلك موهبة فنية، ومن تلك اللحظة أخبره أنه سيكون معه وسيقف بجواره حتى يصبح نجما كبيرا، وبالفعل بقى بجواره يسانده حتى أصبح بالفعل نجما مشهورا.
ولم يكن (هاملت) سبب إيمان (عمي صبحي) بموهبة ابنه فقط، ولكن العرض بدأ في اجتذاب جمهور من المتخصصين، وهم جمهور من نوع مختلف إضافة إلى فناني سينما ومثقفين بشكل عام، وذات ليلة فوجئ بمن يقول له إن الفنان (يوسف وهبي) يجلس بين حضور العرض في الصف الأول، وبعد إنتهاء العرض أشاد (يوسف بك وهبي) بالتجربة وبالعمل كله.
وبدأ الفنانون يتوافدون يوما بعد يوم لمشاهدة العرض، ففي ليلة أخرى حضر المخرج الكبير (شادي عبدالسلام) والنجمة نادية لطفي والكاتب الكبير لويس عوض، ونال العرض إعجابهم، ويومها سأل (شادي عبدالسلام) النجم الشاب محمد صبحي عن فترة دراسته في لندن، وكيف قضاها؟ وماذا تعلم منها؟ فأخبره أنه لم يسافر خارج مصر نهائيا، لذا فقد تعجب الرجل منه بشدة، بعدها رشحه لفيلم (إخناتون) الذي كان يحضر له وقتها، وأخبره أنه يريده أن يمثل شخصية (إخناتون).
وبقي (صبحي وشادي) أربع سنوات في التحضير للفيلم، قرأ خلالها صبحي عشرات الكتب عن (إخناتون) وعن مصر الفرعونية بصفة عامة، لكن للأسف الشديد رحيل المخرج شادي عبدالسلام حال دون خروج الفيلم للنور.
هذا الأسبوع في باب (سيلفي النجوم) ننشر له صورة مع اثنين من عمالقة الفن هما (محمود المليجي، وتوفيق الدقن) أثناء اشتراكهم معه في مسرحية (إنتهى الدرس يا غبي) التى عرضت عام 1975، تأليف لينين الرملي، وإخراج السيد راضي، وشاركته البطولة الفنانة هناء الشوربجي.