بقلم الإعلامية الكبيرة: هدى العجيمي
عود للكتابة وعن السينما أيضا إذا سمح لي (شهريار) بذلك.. شاهدت لك أعترف بأنني قضيت فترة الوعكة الصحية في متابعة الغث والثمين من أفلام التلفزيون وخصوصا القنو ات التي تبث لنا أفلامنا المصرية العريقة والتي كنا سوف نحرم من مشاهدتها لو كانت قد ظلت في المخازن.
أمس شاهدت فيلما جميلا لأنور وجدي وليلي مراد، والغريب أنني لم أتذكر أنني رأيت هذا الفيلم من قبل رغم أنني من عشاق ليلي مراد و أحفظ كل أغنياتها وكل أفلامها التي عرضت في السنوات الأخيرة مرات ومرات، إلا أن هذا الفيلم لم أكن أتذكره لكنني أتذكر أحلي أغنياته (احنا الاتنين/ والعين في العين/ حلي عروسين/ وأجمل حبيبين)، الفيلم هو (ليلي بنت الفقراء) وطبعا هذا من سلسلة أفلام ليلي مراد مثل (ليلي بنت الأغنياء، وخلافه وإن كان الإنتاج خرج عن المألوف في إنتاج فيلم آخر بعنوان (ليلي بنت الشاطئ)، وكان من بطولة ليلي فوزي وليس ليلي مراد، وفيلم الليلة (ليلي بنت الفقراء) رغم أنني استمتعت به وبصوت ليلي مراد إلا أن موضوعه بسيط جدا بل قد يصل إلى حد السذاجة، فهو يناقش المشكلة التقليدية العتيدة هى حب ابن الباشا الثري لابنة الحارة الفقيرة وما يدور بينهما من وقائع وطرائف وفراق ووصال، ثم النهاية الأخلاقية ذات القيمة التي يهدف إليها منتجو الفيلم، هو أن الحب هو الغالب وهو المنتصر وليس عيبا أن يتزوج ابن الباشا من ابنة الحارة الفقيرة وينتهي الفيلم بالزواج و بالتبات والنبات.
وطبعا رغم سذاجة السيناريو والصدف الغريبة التي يمر بها إلا أن الجمال كله يكمن في أغنيات ليلي مرا د الممتعة وصوتها الخلاب وخفة دم أنور وجدي وحماسه المعتاد في التمثيل، كذلك بشارة واكيم وسليمان نجيب عكس هذا فقد شاهدت أيضا فيلما قديما لأول مرة وهو بعنوان (زمن الجدعان) قد حفزني وجود فريد شوقي من أول لقطة في الفيلم لكي أتابعه وأنا أدعي أن لدي خبرة سينمائية لا بأس بها فقد شاهدت تقريبا كل أفلام فريد شوقي ما عدا هذا الفيلم الفيلم كان من بطولة فريد شوقي وبعض الممثلين منهم سعيد عبد الغني الذي أقحم دوره بلا سبب ولا ضرورة لموضوع الفيلم إلى جانب زهرة العلا التي لم أعرفها في هذا الدور العجيب والذي تقوم فيه بدور زوجة فريد شوقي بحجاب متعدد الطبقات مما اخفي شخصيتها الفنية المعروفة رغم ان الفيلم أنتج عام 1991.
أي ليس موغلا في القدم، لكن الواضح أن هذا الفيلم بقصته البسيطة المليئة بالمصادفات قد أنتج من أجل تلميع المطرب (حلمي عبد الباقي)، و لكي يقدم لنا مجموعة من أغنياته، وأيضا لكي تحتفي به السينما كمطرب كبير حقق مجدا وشهرة كبيرة يحلم بها أي مطرب شاب، وذلك في قصة بسيطة وفيلم طويل وأحداث ومصادفات بعيدة عن الواقع، من أبطال الفيلم أيضا حنان شوقي ووحيد سيف.
ذكرني هذا الفيلم بالأحاديث الماضية ونحن نتكلم عن مسيرة الفيلم المصري وكيف شعر المسئولون بأنه لابد من رفع مستوي الفيلم المصري بعد انهيار الصناعة وأنشأت الدولة مؤسسة السينما لإنتاج أفلام على أعلي مستوي فلم يتحقق هذا الحلم، وعادت الأفلام إلى سيرتها الأولي، يقول الناقد الفني سعد الدين توفيق: وبدلا من أن تقوم المؤسسة بالبحث والدراسة وإعداد قصص سيناريوهات للفيلم النموذجي اضطرت إلى أن تنزل إلى سوق الإنتاج بسرعة وبلا تأني أو دراسة، لأنه كان عليها أن تواجه مشكلة تعطل الفنانين عن العمل، تعاقدت مع عدد كبير من السينمائيين لإنتاج أفلام أطلقت عليها اسم أفلام (حرف ب) ومعني هذا أنها أفلام من الدرجة الثانية قليلة التكاليف.
وهكذا وقعت المؤسسة في المشكلة التي نزلت الي الميدان كي تعالجها، ولما كان القطاع الخاص قد توقف عن الإنتاج لظهور أفلام المؤسسة فإنه بعد أن شاهد أفلام المؤسسة وهى (حرف ب ) عاد هو الآخر للإنتاج بنفس الصورة ونفس المستوي، وهنا ظهرت افلام كثيرة بعضها أفلام تافهة وبعضها والقليل منها أفلام متقنة ومعقولة، ويقدم الناقد أمثلة علي ما انتج من أفلام (حرف ب) في ذلك الزمن ليذكر هذه الأفلام مثل (الرجال لا يتزوجون الجميلات الرجل المجهول، العلمين، نهر الحياة، أيام ضائعة، الابن المفقود، زوج في أجازة، المراهقان، هارب من الزواج)، ومن (أجل حنفي) إخراج حسن الصيفي، تمثيل نعيمة عاكف وزهرة العلا وأحمد رمزي، وهذا الفيلم الأخير آثار ضجة كبيرة وانهال عليه النقاد بأقسي كلمات النقد، واعتبروها عودة بالسينما المصرية عشرين سنه إلى الوراء، وأصبح ذكر اسم (من أجل حنفي) عنوانا للفيلم الرديئ بالرغم من أنه حقق إيرادات طيبة في شباك التذاكر الغريبة، إنه لم يكن من إنتاج القطاع الخاص بل كان من إنتاج مؤسسة السينما.