بقلم: بهاء الدين يوسف
أتابع منذ فترة ليست بالقليلة حملات التوعية المختلفة التي تذاع عبر القنوات المصرية مثل حملة (نبذ التعصب)، وأخرى للتعريف بـ (أخلاقنا الجميلة) وثالثة للتوعية بـ (أضرار المخدرات)، وهى إعلانات تذاع بشكل متكرر في أغلب القنوات المصرية في الأسابيع الماضية وتسعى بالطبع لتحقيق هدف نبيل لا يمكن لعاقل أن ينتقده وهو ضبط حالة الانفلات الأخلاقي التي بدأت تستفحل بين المصريين نتيجة لظروف كثيرة منها الضغوط المعيشية التي يعاني منها الملايين.
لكن هل ما يذاع على القنوات يمكن أن يحقق الهدف المنشود من وراء هذه الحملات ويوازي أو يفوق تكلفتها التي لا يمكن أن تقل بأي حال عن عدة ملايين؟!، هل تمت دراسة الفئات المستهدفة من هذه الحملات والتعمق في تحليل سلوكياتها وأسبابها وبالتالي استطاع القائمين على تلك الحملات وضع تصور يكفل لتلك الحملات أن تكون فعالة وتحقق الأهداف التي يراد لها تحقيقها؟!
الإجابة في الغالب ستكون بالنفي لأن ما رأيته (وربما كان هناك إعلانات أخرى لم تصادفني) يقول أن من قام بتصميم تلك الحملات لا يزال يعيش في زمن ماضي ويخاطب مشاهدين من ذلك الزمن الذي نشأ هو فيه حين كانت كلمة الشخص الكبير مسموعة، والنصيحة الهادئة مقبولة وكانت هناك خطوط حمراء لكل فئة عمرية واجتماعية لا يجرؤ على اجتيازها إلا المارقين الذين يتعرضون للنبذ من المجتمع.
مما شاهدته فإن لغة الخطابة هى الغالبة على تلك الحملات الإعلانية مع الاستعانة بمشاهير لا يوجد اتفاق بين الناس حسب تقديري على حبهم مثلما كان الحال مثلا مع (عبد الحليم حافظ وأم كلثوم)، كما أن النصائح في كل الإعلانات التي شاهدتها صريحة واضحة من النوع الذي يرفض الشباب الاستماع له حتى من أهله فما بالك بأشخاص لا تخلو سيرة بعضهم من التفاصيل غير اللطيفة، ورغم أنني لا أريد ارتداء ثوب التشاؤم إلا أنه وفقا للقاعدة العلمية الشهيرة التي تقول (إن المقدمات المتشابهة تؤدي إلى نتائج مشابهة) يستطيع أي متابع أن يتوقع عدم نجاح الإعلانات في تحقيق أهدافها.
في الحقيقة أن تلك الحملات ذكرتني بشخص كنت أعرفه وكان يدير موقعا إخباريا وكان يصر على أن يقرر بنفسه صلاحية الأفكار التي يقدمها المحررون قبل تنفيذها، ولفت انتباهي بعد فترة قصيرة إنه يحكم على الأفكار حسب اهتماماته هو وليس اهتمامات القراء ولا يدرك أن الفارق شاسع بينه وبين الغالبية منهم بحكم اختلاف الأجيال والطفرة التكنولوجية والأخلاقية التي حدثت في العقد الماضي، وكانت النتيجة بالطبع تراجع مخيف في الإقبال على الموقع حتى لم يعد يتابعه سوى حفنة من العواجيز من أصدقاء مدير الموقع وأبناء جيله، فيما انصرف الشباب وهم الأغلبية من سكان العديد من المجتمعات العربية عن الموقع نهائيا واتجهوا لمواقع أخرى لا تضبط أذواق متابعيها على مقاس (صاحب المحل)!
كالعاده تغرد خارج السرب.. متنوع الأفكار و بتروح لمناطق يغفلها البعض .. احسنت يا استاذ..