أمل بوشوشة: دوري في مسلسل (تحت الرماد) أكبر تحدي في حياتي!
كتب: محمد حبوشة
النجمة الجزائرية (أمل بوشوشة) فنانة تربت على حب الفن والموسيقى، لكن التمثيل يبقى شغفها الأساسي، ولهذا ترى أن الإحساس الصادق أساس الدور الناجح، وعلى الرغم من أنها ليست خريجة معاهد تمثيل أو سينما، فقد احتاجت في بداياتها الأولى على طريق التمثيل إلى من يوجهها وإلى الإيمان بحس فطري يدفعها إلى الأداء بشكل جيد، لكنها اكتشفت أن الطريقة الفضلى هى أن تكون على طبيعتها، حيث تعني أولا بقراءة الدور والتمعن فيه والغوص في عوالمه، تتخيله وتخترع له أطرا وتعطيه أدوات تبرع من خلالها في تجسيد الشخصيات على نحو يشير يوحى بتعلمها في أعرق أكاديميات التمثيل، كما يبدو من متعة خاصة لديها عند القيام بأدوار مركبة أو حتى سهلة وبسيطة تحمل المزيد من التنوع في تجربتها في مجال الفن.
لقبت أمل بـ (جوهرة الدراما العربية السمراء)، إنها إمرأة جميلة من داخلها وواثقة من نفسها إلى أبعد حدود، لذا فهي مؤمنة بما قدمته وما ستقدمه لها الحياة، ومن ثم فهي ترى أن العمل في الدراما شرف لها، ومع ذلك تعيش حياتها الخاصة ولا تعير أي انتباه أو أي كلام يدور عن أخبار الناس والثرثرة، كما أنها تعيش في عالمها بعيدة عن الانتقادات التي تثار في الصحف والإعلام من حولها، ومن يتابع (أمل) من بدايتها فسيجد أنها قدمت أروع أدوارها مع أول مرة مثلت فيها بمسلسل (ذكرة الجسد) لأحلام مستغانمي باللغة العربية الفصحى، حيث أبدعت في الدور رغم أنه كان صعبا جدا كأول تجربة لها، ومن بعده انخرطت في الدراما السورية التي لم تواجه أدنى صعوبة في لهجتها، وحتى مع دخولها إلى مصر فإن اللهجة المصرية لم تغلبها لتؤكد في النهاية أنها ممثلة تتمتع بقدرات خاصة ورائعة.
أمل بوشوشة تفهم جيدا تمثيل الإحساسات أو الانفعالات التي تتولد من تلقاء نفسها عن الطريق الذي يحدث الحدث ولا يحتاج إلى تصنعها والتكلف بتمثيلها، فكلما أحب الممثل دوره و خلص له ظهرت الشخصية وتجلى هدفه الأساسي بنقل أفكار المؤلف وأحاسيسه للمشاهد، ولهذا السبب تعيش (بوشوشة) في الشخصية التي تمثلها، فالشخصية الشريرة تختلف عندها عن الشخصية الطيبة، إذ يلزمها في كلا الحالين الكشف عن ظروف الشخصية وأحوال معيشتها قبل القيام بتجسيدها، ومن هنا فهى لاتخشى انقطاعها لمدة سنتين عن الدراما التلفزيونية بعد آخر أعمالها في الموسم الدرامي الرمضاني 2021 في مسلسل (على صفيح ساخن) الذي حقق نجاحا كبيرا وقتها برفقة كل من (باسم ياخور، سلوم حداد، وميلاد يوسف) وآخرين.
منذ أيام قليلة بدأت (أمل) تصوير مسلسلها الجديد (تحت الرماد) والذي تخوض به السباق الرمضاني المقبل 2023، من كتابة (حازم سليمان)، وإخراج (عامر فهد)، ويشاركها البطولة (عبد المنعم عمايري، سامية الجزائري، أحمد الأحمد) بالإضافة إلى النجم الكبير (فايز قزق)، ويتناول المسلسل فترة التسعينيات (95 – 96) ويناقش موضوع التعايش والتسامح الموجود بين الطوائف الدينية المختلفة، ويسلط أضواءا كاشفة على الأحداث الاجتماعية بين الأسر الموجودة في الشام آذاك، بالإضافة إلى طرح موضوع التطرف والتشدد، فيقوم العمل على فكرة التعايش الديني وفترة دخول التطـرف بكافة أشكاله إلى سوريا من خارج البلاد حيث يتناول العمل عددا من الخطوط الجريئة والمواضيع الحساسة، وذلك في إطار درامي اجتماعي.
في حوارها أول أمس من خلال (بودكاست مع نايلة)، أعربت النجمة الجزائرية عن أن دورها في هذا المسلسل يعتبر نقطة تحول في تاريخها الفني، بل يعد أهم أدوارها على الإطلاق في حياتها المهنية، ونوهت إلى أنه ربما يري الجمهور في هذا الدور (أمل ممثلة)، فلأول مرة منذ بدأت التمثيل واحترفته أعتبر أن هذا أول دور أرعبني، أول درور جعلني أكلم نفسي لمدة ثلاثة أشهر أمام المرآة، وهو أول دور سيكون التحدي الأكبر في مسيرتي الفنية.
وأضافت أمل: على الرغم من أنه معروف عني أنني لا أخاف إلا أنني بمجرد الانخراط في عمل فني (حتى لو فوت بالحيط) فإنني أتعلم جديدا يدفعني للإمام، لكن عندما عرض على هذا الدور أدركت صعوبته على مستوى الشخصية والتضاريس المحيطة بها وتفاصيله، حتى أن (الكاركاتر) لا يشبهني، فعادة ما نقول أن الشخصية لاتشبهني، لكن البيئة الموجودة في هذا الدور مختلفة تماما، فلا أعرف شيئا عن بيئة الشخصية ولا حتى عشت فيها، والإنسان في النهاية هو ابن بيئته، أنا جئت من الجزائر وعشت بلبنان أو بسوريا وخلال شهرين ثلاثة تعلمت تفاصيل الحياة، العادات والتقاليد واندمجت مع تلك البيئة المغايرة لبيئتي الأصلية.
ومن هنا تقول أمل لـ (شهريار النجوم): عندما أحكي عن تجسيد شخصيتي في مسلسل (تحت الرماد) فإنني أتحدث عن الخط الدرامي الذي يبدو لي متصلا منفصلا في نفس الوقت، أما بالنسبة للشخصية فهى أكبر مني 10 – 15 سنة، وهذا هو التحدي وأنا مغرمة بمثل هذه التجارب، فلا يعني أن أظهر في بعض المسلسلات من خلال شخصية المرأة الجميلة الجذابة أرتدي حذائا بكعب وسيارة وبيوت فخمة أن أستمر في لعب نفس الأدوار، ولكني بطبيعتي أحب التغيير، وأن أذهب إلى مكان آخر لايتوقعه أحد حتى أنا نفسي أن أكون فيه.
ولهذا أوكد على أن بيئة الشخصية مختلفة تماما عن بيئة أي دور لعبته من قبل، فقد مكثت مع المخرج وباقي فريق العمل لمدة ثلاثة أشهر ومن خلال دراستها والمادة البحثية التي أجريتها حولها، ولذا سألت الكاتب: إلى أي لون تنتمي هذه الشخصية، فكان الرد أنها شخصية شكسيبرية، ولهذا أشكر المخرج والمؤلف أن وضعوا على عاتقي هذه المسئولية وأنني قادرة على تجسيد هذا الدور على الرغم من صعوبته، وأسأل المولى عز وجل أن يكون التوفيق حليفي في القيام به.
جدير بالذكر أن أمل بوشوشة خاضت لأول مرة تجربة المسرح من خلال مسرحية غنائية استعراضية بعنوان (جميل بثينة) لتقدم (أسطورة العشق في العلا)، وهى مستوحاة من قصة الشاعر (جميل بن معمر) الذي نظم أروع القصائد في محبوبته (بثينة بنت حيان)، فانتهت كواحدة من أجمل قصص الحب في التراث الإنساني، وقدمت المسرحية بملابس بدوية معلقة: من أعماق الأدب العربي إلى رحاب واحة العجائب، تطل المسرحية الغنائية (أسطورة العشق في العلا)، لتحاكي ماضي العلا ومستقبلها وعرضت لمدة ثلاثة أيام على مسرح مرايا، ضمن فعاليات مهرجان شتاء طنطورة في محافظة العلا بالسعودية، وهي من بطولة الفنان السوري سامر إسماعيل.