كتب : أحمد السماحي
أسئلة كثيرة دارت في ذهني بعد مشاهدتي للجزء الثاني من مسلسل (صالون زهرة) تأليف كلوديا مارشليان، إخراج جو بوعيد، أهمها لماذا تم تقديم جزء ثان من الأساس طالما لا يوجد أحداث تستحق أن تقدم، أو صراع حقيقي نعيش معه بكل مشاعرنا وجوارحنا؟!، والسؤال الثاني لماذا استعان فريق عمل المسلسل بالنجمات السوريات القديرات (سامية جزائري، وفاء موصللي، هدى شعراوي) دون وجود أدوار حقيقية لهن ودون أن يستفيد منهن؟!، والسؤال الثالث لماذا كل هذا الافتعال من نجوم المسلسل خاصة من النجم اللبناني الجميل (مجدي مشموشي) الذي كان مفتعلا للغاية طوال الحلقات وزاد الطين بله تقديمه أغنية مبتذلة؟!.
كل هذه الأسئلة وغيرها سألتها لنفسي وكنت أريد كتمانها حتى لا أفسد بهجة أيامي الخوالي وأنا أشاهد الجزء الأول العام الماضي، لكنني لم أستطع كتمان أسئلتي أمام قارئ الحبيب الذي تعود منا على الصراحة والوضوح، والآن أصرخ بها على الورق لعل أحد يجاوبني من صناع المسلسل، حيث شعرت إننا كمشاهدين تعرضنا لخدعة وأن صناع المسلسل استغلوا النجاح الكبير الذي حققه الجزء الأول على مستوى العالم العربي وضحكوا علينا وعلى المسئولين في الفضائيات والمنصات، وقدموا جزء ثاني من المسلسل على استعجال دون دراسة أو تأني!.
عانى الجزء الثاني من (صالون زهرة) من الفقر في الأحداث، حيث شاهدنا (زهرة) هذه المهرة الجامحة المتمردة التى تجمع بين القوة والعاطفة، والتى أحسنت المؤلفة (نادين جابر) رسمها وتقديمها في الجزء الأول، ظهرت لنا من جديد بعد أن أضافت لنشاطها نشيط جديد وهو تزيين الرجال، غارقة في ماء الورد، وراح الهمس، وحل محله الصراخ، واختفى التلميح وحل محله التصريح، لم نشاهد على مدى الحلقات سوى خط درامي واحد قوي إلى حد ما وهو تهديد (زهرة) من الشاب الذي أغتصبها في الماضي وأنجبت منه ابنتها (ياسمين)، وحتى تملأ (كلوديا مارشليان) مؤلفة الجزء الثاني الأحداث افتعلت خطوط درامية موازية لكنها ضعيفة للغاية، وسبق وشاهدناه من قبل في أعمال أخرى، مثل خطف (باربرا) زوجة الدبلوماسي (روبير) من قبل (زيكو، وفادي) ومحاولتهما طلب فدية، ونصب إحدى الفتيات على والد (زهرة) الذي جسده بمزاج خاص الفنان القدير (نيقولا دانيال).
حتى مجموعة الوجوه الشابة التى أحسسنا ونحن نراها بنسمة هواء نقية تلفحنا، وبتنهيدة ارتياح تملأ صدورنا مثل (زينة مكي، حسين مقدم، لين غرة، جنيد زين الدين، انجو ريحان) الذين استمتعنا بأدائهم وموهبتهم في الجزء الأول، وشعرنا إننا نواجه الجيل الذي نحيا معه الآن، نسمعه يتكلم، ويحب ويهمس، ويخطئ ويتصرف تجاه الدنيا، هؤلاء الشباب كانوا أشبه بالكومبارس في الجزء الثاني، ولم نستطع أن نعيش معاهم نفس المشاعر والأحاسيس التى عشناها معهم في الجزء الأول.
كما شعرنا بالخيبة والإحباط عندما رأينا (سامية جزائري، وفاء موصللي، هدى شعراوي)، هذا الثالوث الجبار يقدم هذا الشيئ الذي لا يليق بفن ومكانة أي واحدة من هؤلاء الثلاثة دون أية محاولة لاحترام أسمائهم الغنية الكبيرة، أومراعاة الجمهور الذي يحبهم ويقدرهم!، مع العلم إنني شخصيا وأعتقد أن هذا حدث مع كثيرين من الجمهور تفاءلنا خير وانتظرنا بشغف وحب طلة هؤلاء النجمات الثلاثة، وأعتقدنا إننا سنرى مباراة كوميدية ساخنة، لكن خاب ظننا للأسف الشديد، حيث لم يستفد المسلسل من وجودهن ولا أدري لمصلحة من يتم تقزيم هؤلاء المبدعات!
ورغم حبي وإعجابي بالنجم اللبناني (مجدي مشموشي) هذا الفنان القدير، صاحب الطلة الحلوة والأدوار المتميزة، لكنه لم يعجبني فى الجزء الثاني حيث كان مفتعلا للغاية، ولم يجد ما يقوله طوال الحلقات إلا (منتوف يا دجاج) هذه (اللزمة) التى حققت نجاحا مع الجمهور في الجزء الأول، ولا أدري بمن نصحة بالغناء ولا لماذا غنى أصلا؟!.
وكان النجم السوري (معتصم النهار) مجرد شاب وسيم، وأفسد دوره بمحاولته تقديم الكوميديا الغليظة، وكان واضحا من طريقة أدائه ونطقه للكلمات أنه يجد الأمر مسليا للغاية وأنه لم يعطي دوره أي نوع من الجدية، والدليل محافظته على شكله وهندامه وتسريحة شعره حتى وهو نائم، لهذا شعرت أنه يهزأ بنفسه قبل أن يهزأ من المشاهدين!.
أما (زهرة) أو (نادين نجيم) هذه الفتاة المظلومة البريئة، وفي نفس الوقت القوية التى تواجه المجتمع القاسي بنظرة قلق، ودمعة متجمدة، وذراع لا تعرف كيف تصرفها كي تدافع عن نفسها، كانت في الجزء الأول مقنعة ومثيرة للتعاطف بكل حيويتها وانفعالها وشبابها، لكننا فقدنا تعاطفنا معها هذه المرة رغم أنها كما هي حلوة كفاكهة خضراء طازجة، لذيذة كجوليا روبرتس.
في النهاية جاء الجزء الثاني من مسلسل (صالون زهرة) ضعيفا للغاية، مليئا بالإستسهال والإفتعال والكوميديا الغليظة، وأفسد روعة الجزء الأول، وكنت أتمنى إلا يستعجلوا بتقديمه، وتعطي المؤلفة للشخصيات حقهم في الكتابة، لكن سامح الله الإستعجال!