كتب : محمد حبوشة
انتشر في الأونة الأخيرة تطبيق يسمى تيك توك (Tik Tok) على وسائل التواصل الاجتماعي (فيس بوك) وأصبح يستخدم بشكل مفرط وبدون وعي، وخاصة بين الأعمار الصغيرة، والسؤال الذي يطرح نفسه: هل يتسبب تطبيق (تيك توك) في تعرض مستخدميه للموت؟! وما دور إدارته في مراقبة محتواه؟، وهل هو المسؤول الأول عما نشاهده من كوارث متتابعة؟ وكيف تكون للأسرة والمؤسسات التعليمية والمجتمع بصمة قوية في الحد من هذه المآسي؟
نعم أصبح (تيك توك) سبب رئيسيا لموت أطفالنا في غيبة من وعينا، بعد أن استطاع أن يستقطب أكثر من مليار مستخدم في سنوات قليلة، معظمهم تحت سن 15عاما، وذلك بفضل ما يتيحه من إمكانية إنشاء مقاطع الفيديوهات القصيرة ومشاركتها مع الآخرين، إذ يغلب على الكثير منها طابع التحدي والاستعراض لكل ما هو مفيد وغير مفيد، وربما كانت هذه التحديات سببًا رئيسيا في تعرض بعض مستخدميه للموت!
تبدأ القصة من لعبة (الحوت الأزرق) الموجهة إلى فئتي الأطفال والمراهقين، والتي قد تدفعهم إلى الانتحار في التحدي النهائي بعد 50 يوما من بداية اللعبة، حيث تتضمن سلسلة من التحديات المؤذية، تلعب على الجانب النفسي للمستخدم وتهديده، وقد تعرض حياته للخطر، وبدأت تغطية لعبة (الحوت الأزرق) إعلاميا في عام 2016، حين كثر عدد ضحاياها من المراهقين في روسيا، كما جرى الإبلاغ عن عشرات الضحايا في دول أخرى مثل: (تونس، البرازيل، بنغلادش، بلغاريا، الهند، إيطاليا، فرنسا، الجزائر، مصر، المغرب) وغيرها، الأمر الذي أدى إلى اتخاذ سلطات هذه البلاد الإجراءات اللازمة لمنع انتشار اللعبة والحد من ضحاياها.
وبعد تحدي (الحوت الأزرق)، انتشر تحدّ آخر يدفع الأطفال والمراهقين إلى كتم أنفاسهم أطول فترة ممكنة حتى يحدث الإغماء، وبالفعل سجلت حالات وفاة بين الأطفال حول العالم بسبب هذا التحدي، فقد أصيب طالب في مصر بشلل رباعي نتيجة دخوله في تحد خطير من تحديات (التيك توك)، وبدأت معاناة الطالب (أحمد خالد) بعد اتفاقه مع زملائه في المدرسة على تجربة تحدي (ارم صاحبك) الموجود في تطبيق (تيك توك)، وتلتف مجموعة من الأصدقاء في شكل دائرة حول صديق يختارونه، ويلقونه في الهواء، ثم يتركونه يقع أرضا لمعرفة مدى قوة تحمله، ويفوز الصديق في حالة عدم تعرضه لأي ضرر.
لكن حدث عكس ما كان يأمله الأصدقاء، راح (أحمد) وهو بطل الجمهورية في لعبة الجودو، ضحية التحدي الخطير، حيث تعرض لإصابة بكسور في عموده الفقري وقطع في النخاع الشوكي ما أدى إلى حالة شلل.
وهناك أيضا لعبة (تشارلي) التي تحكم على الطلاب بقطع الشرايين ، حيث ان لعبة (تشارلي تشالينج (Charlie Challenge) أشبه بألعاب التواصل الروحاني مثل (ويجا) وتعتبر أحد الطقوس المكسيكية التقليدية القديمة، ويقال إن اللاعبين ويكونون عادة من الأطفال أو المراهقين، يتواصلون مع روح طفل يدعي (تشارلي) لاستدعائه ثم سؤاله وإجابته تكون بـ (لا) أو (نعم)، وتقوم اللعبة على وضع قلم رصاص فوق الآخر على قطعة ورقة مكتوب عليها (نعم ..لا)، حيث يحيط بهما مربع مقسم إلى أربعة أقسام ومكتوب في كل جزء عباراة عن (yes وno ) موزعة بالتساوي، وتبدأ اللعبة بطرح سؤال لمناداة (شارلي)، مثل (شارلي هل أنت هنا؟)، أو (شارلي، هل يمكننا اللعب؟)، ومن ثم الانتظار حتى تبدأ الأقلام بالتحرك، ويقوم اللاعب بعدها بطرح الأسئلة، ويتولى (شارلي) الإجابة من خلال تحريك القلم إلى إحدى الإجابات إما ( ( yesأوno).
شبكات التواصل الاجتماعي كانت البيئة الخصبة لترويج مثل هذه الألعاب بين المراهقين، وهناك تحديات أخرى خطيرة، انتشرت أيضا عبر فيديوهات (تيك توك) مثل (تحدي النار، تحدي كسارة الجمجمة، تحدي أسنان مصاصي الدماء)، وغيرها مما تسبب في إصابة عدد كبير من المراهقين والأطفال، وجدير بالذكر أن شبكات التواصل الاجتماعي كانت البيئة الخصبة لترويج مثل هذه الألعاب بين المراهقين، وقد اتخذت هذه الشبكات، فيما بعد بعض الإجراءات لمنع المستخدمين من التسجيل في هذه اللُعب وحظر الحسابات التي تروج لها، وما إلى ذلك.
وقد أصدرت إدارة منصة تيك توك بيانا، أكدت فيه أن مثل هذه التحديات ليست ضمن المحتوى المقبول لدى المنصة، حيث إنها تنتهك إرشادات المجتمع الخاصة بها، وأنها تقوم فورا بإزالة هذا النوع من المحتوى، ليكون (تيك توك) مساحة آمنة وإيجابية للمستخدمين، وبالطبع لايمكن بأي حال من الأحوال أن نلقي اللوم كله على (تيك توك) وغيره من التطبيقات، رغم أنها البيئة الخصبة والمناسبة لانتشار مثل هذه التحديات المؤذية، ويبقى على الأسرة والمؤسسات التعليمية والمجتمع دور أساسي لا يستهان به في الحدّ من هذه المآسي.
ومع ذلك، فإن سياسة المنع لدى (تيك توك) غير كافية، كما يصرح بعض الصحافيين والمتخصّصين في وسائل التواصل الاجتماعي، وربما كان ذلك بسبب عدم القدرة على التحكم في أكثر من مليار مستخدم، وفي كل هذا الكم الهائل من المحتوى المعروض، وربما يمكن لمسؤولي المنصة التحكم في الهاشتاجات الرائجة التي تدعو إلى مثل هذه التحديات الخطيرة ومنعها تماما،
وفي هذا الصدد، وجهت الجهات المعنية بالمؤسسات التعليمية نحو تشديد المراقبة على أي أنشطة يقوم بها الطلاب قد تضر بهم، ودعت لتنفيذ حملات توعوية بأضرار هذا النوع من الألعاب، وتبقى على الأسرة أيضا (وهي الأساس) مهام التنشئة الجيدة لأبنائها ومراقبة سلوكهم على الهواتف الذكية، وتوعيتهم بمخاطر استخدامها بشكل سيئ.
(تيك توك) صناعة صينية طورها الشيطان (تشانغ يي مين) وهو عبارة عن مقطع فيديو لا تزيد مدته عن 15 ثانية، تم إطلاقه في سبتمبر 2016 وبحسب آخر إحصاءات نشرت عن التطبيق، فإنه أصبح منصة تريند عالمي؛ حيث شهد نموا سريعا ووصل مستخدمو التطبيق إلى أكثر من مليار وأخذ التطبيق على موقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك) اتجاها مقلقا أدى إلى نتائج كارثية، ليس فقط على مستوى العادات والتقاليد، بل راح لابعد من ذلك، وهو تهديد الأمن والسلام الاجتماعي، من خلال جمع بيانات شخصية وقوائم اتصال وبيانات مواقع وتفاصيل بطاقات ائتمان، وهو ما أشار إليه مشرع أميركي يدعى (جوش هاولي) قام بإعداد قانون يحظر تنزيل التطبيق على الأجهزة الحكومية، ولاتقتصر خطايا التطبيق على ألعاب الموت فقط بل أيضا ذهب البعض إلى أن يطالب مستخدميه وضع قطعة نقود معدنية على مسافة قريبة من شاحن جهاز آيفون، الموضوع في قابس الكهرباء، ما يؤدي لإنشاء شرارة كهربائية.
لم تكن فتاة التيك توك (بسنت محمد) التي ألقى القبض عليها بالأسكندرية، بعد تداول فيديو لها على مواقع التواصل الاجتماعي تظهر فيه بمظهر غير لائق وخادش للحياء العام، الأولى ضحية الاستخدام الخاطئ للتطبيق، بل سبقتها أخريات، مثل (حنين حسام) وهى فتاة تبلع من العمر 21 عاما، وهى طالبة بكلية الآثار جامعة القاهرة تم إحالتها إلى المحاكمة الجنائية مع استمرار حبسها، بعد أن أُعيد حبسها عقب مواجهتها بدليل جديد أسفر عنه فحص أجهزتها الإلكترونية المضبوطة؛ وذلك لاتهامها بالتعدي على المبادئ والقيم الأُسرية في المجتمع المصري، وإنشائها وإدارتها حسابات خاصة عبر الشبكة المعلوماتية لارتكاب تلك الجريمة، وحيازة أحدهم برامج مصممة بدون تصريح من (جهاز تنظيم الاتصالات) أو مسوغ من الواقع أو القانون؛ بغرض استخدامها في تسهيل ارتكاب تلك الجرائم، وإخفائه أدلة للجريمة، ونشرها أمورا من شأنها التأثير في الرأي العام لمصلحة طرف في الدعوى.
وبعد مطاردات بسبب تنقلها من القاهرة الجديدة للساحل الشمالي لمنطقة السادس من أكتوبر، نجحت الأجهزة الأمنية من القبض على فتاة (تيك توك) أخرى تدعى (مودة الأدهم)، وقررت النيابة العامة، حبسها احتياطا على ذمة التحقيقات؛ لاتهامها بالاعتداء على مبادئ وقيم أسرية في المجتمع المصري، وإنشائها وإدارتها واستخدامها مواقع وحسابات خاصة عبر تطبيقات للتواصل الاجتماعي بشبكة المعلومات الدولية بهدف ارتكاب وتسهيل ارتكاب نفس الجريمة.
أيضا أمرت النيابة بمدينة 6 أكتوبر بحبس (هدير الهادى) فتاة (تيك توك) 4 أيام على ذمة التحقيقات؛ على خلفية إتهامها بالتحريض على الفسق والفجور، وبث فيديوهات فاضحة وتخدش الحياء، ومخالفة قيم وعادت المجتمع، وكانت مباحث الآداب، ألقت القبض في يوليو الماضي على فتاة الـ (تيك توك) هدير الهادي، في شقة بمنطقة حدائق أكتوبر، والتى استأجرتها الفتاة قبل أشهر من القبض عليها، وبتهمة بالاتجار بالبشر والإعلان عن نفسها لممارسة البغاء واستغلال شقيقتها ذات الـ 8 أعوام لكسب مشاهدات على مقاطع الفيديو الخاصة بها، ألقت الأجهزة الأمنية في الأول من يوليو الماضي على فتاة (تيك توك) جديدة تدعى (ريناد عماد) التي قامت بنشر مقاطع فيديو وصور مبتذلة وخادشة للحياء على السوشيال ميديا.
لقد أصبح تطبيق (التيك توك) التطبيق الأول الرائج بين الأطفال والمراهقين، وللأسف نتيجة انتشار الكورونا والبقاء لوقت طويل في المنزل عمدت بعض البنات القاصرات إلى الرقص لقتل الوقت، وذلك عبر تطبيق تيك توك، الأمر الذى بات يشكل خطورة كبيرة على حياتهن؛ لذلك فإن عرض مقاطع فيديو لفتيات قاصرات وهن يرقصن يشجع المتربصين والمجرمين على استخدام المقاطع للإساءة إلى هذة الفتيات القاصرات أو التحرش اللفظى بهن أو إرسال رسائل مسيئة تؤدى غالبا إلى إحداث أذية نفسية للشخص ولعائلته، وبما أن جمهوره الأول هو الشباب الصغير فهم أكثر المتأثرين بأى شيء خاطئ قد يحدث عبر التطبيق.
وأجمع علماء الاجتماع، على أن خطورة ذلك تتمثل في عدة نقاط منها: إن نشر هذه المقاطع جريمة موصوفة حتى لو كان الأهل لا يدرون ماذا يفعلون، وسائل التواصل ومن ضمنها (التيك توك) هى أسرع وأسهل طريقة للتحرش بالفتيات في غياب الأهل والمراقبة العائلية والمدرسية، فما أكثر المرضى المتسترين خلف الشاشات الذين يشتركون بحسابات وهمية ويقومون بالتحرش بأولئك الأطفال عبر الرسائل والتعليقات أو حتى الإساءة لهم وتعريضهم للتنمر، مصدر للتحرش نظرا لأن التطبيق يسمح لك بمشاركة جميع أنحاء العالم فإن فرص التحرش اللفظى والجسدى موجودة، بالإضافة إلى الاكتئاب، ولعل مستخدمو (التيك توك) إذا فشلوا في تحقيق رغبتهم في القبول نتج عن ذلك التوتر والضغط والاكتئاب، وقد تصل محاولات جذب الإنتباه إلى المشاهد الفاضحة والتي تؤدى إلى قضايا مخلة بالشرف أو الدعوة إلى الفسق.
صحيح أنه لا أحد يستطيع أن يقف في وجه التقدم والتطور فالحياة تتطور دائما والانتصار دائما للتطور، وهذه هى الحقيقه هى انتصار التطور، وهكذا تطبيقات كثيرة ظهرت مثل (التيك توك) وغيرها ولكن هناك شئ اسمه (التقنين)، بمعني أن هناك سينما ولكن هناك أجهزة رقابية تحدد ما يصح وما لا يصح، حتى في أمريكا تعرض الأفلام الهابطة أو المسفة في سينما درجة ثانية أو ثالثة، ولا تعرض في سينما ذات قيمة، وأيضا التلفزيون والإذاعة، أما بالنسبة للإنترنت تستطيع أي دولة أن تحجب مواقع تماما كمثال المواقع الجنسية وهذا في دول كثيرة، وأيضا التطبيقات التي يساء استخدامها يجب وقفها لفترة حتى يزول أثرها.
أننا الآن أمام موجة عارمة من اختلاف الثقافات ما بين القديم والحديث، فالثقافة القديمة التى كانت تبنى العقل الجمعى للمجتمع المصرى تغيرت تماما، قديما كانت المرأة مختبئة دائما، محتشمة تماما، ومن العيب أن تظهر حتى من خلف شباك، حتى جاءت العولمة وأصبح العالم قرية صغيرة وتداول المعلومات أصبح سريعا للغاية، ومن هنا نجد أن لدينا أجيالا تأثرت بالفكر الغربى والإندماج النفسى عبر قنوات اليوتيوب ومواقع التواصل الاجتماعي، ويعيشون كأنهم فى الغرب تماما.
وانقسم الناس بين سعداء بحبس فتيات (التيك توك) وينادون بغلق تطبيقات والفتن والخلاعة كما يسمونها، وهم دائما ما يقولون الجملة الشهيرة (هو فين أهالى البنات دى)، وعلى صعيد آخر هناك آخرون تحت سن الأربعين، تأثروا بالثقافة الغربية وحقوق المرأة، والحرية، وهم أصحاب مقولة (أنت حر ما لم تضر) وأن أجتياح العالم الآن هو عبر الإنترنت والتواصل الاجتماعى وعليه مسايرة الموضة والشباب وعدم كبتهم، وذلك في ظل أن أصبح حلم كل طفل أن يصبح (يوتيوبر) وليس (طبيب أو مهندس) ، ليحقق ربح كبير بأقل مجهود وفى وقت سريع.
ومن هنا لابد أن نوجه نداء لجميع الأسر، عليكم متابعة التطبيقات التى يتابعها أبنائكم وبناتكم فلاداعى لتركهم يواجهون مثل هذه الأشخاص ومثل هذه التطبيقات بمفردهم فعلينا جميعا التكاتف والمحافظة على القيم التى تبدأ من الأسرة ، فالمرأة نصف المجتمع هى الأم والأخت والزوجة والإبنة فإذا فسدت المرأة فسد المجتمع بأكملة.. وأخيرا: هل نريد مجتمع له قيم ومبادئ وأخلاق حميدة أم نرى مثل هدير، ومودة، وحنين!!!.