* لا أفهم النجوم الحاليين وهم يتحدثون باللهجة العامية، فمابالك باللغة العربية
* عدم وجود مسلسل أو مسرحية باللغة العربية يعد مؤامرة على لغة الضاد
* للغة العربية ليست فقط كلمات، وإنما إحساس وإيقاع، وأعزى نفسي كل يوم فى اللغة العربية
* نادم على عدم كتابة مذكراتي، لأن الفترة التى عشتها لن تتكرر إلا كل مائة عام أو أكثر
* الإصرارعلى تقديم الكوميديا الساذجة يساعد على انحطاط الذوق العام للجمهور
* دوري فى (أرض الخوف) من أجمل أدواري السينمائية وحصلت من خلاله على أربع جوائز
* (عادل أمام) كان يقول لي : (جملك يا أبو زهرة بتخرم الأذن).
* تنبأت لأحمد ذكي بالنجومية، وكان أسعد إنسان بمشاركتي بطولة أحد أفلامه
حوار أجراه – أحمد السماحي
الحوار مع الفنان الكبير (عبدالرحمن أبوزهره) متعة تجعل أمر إنهائه صعبا فهو مبدع قيل فيه وعنه الكثير، لكن الكلام وحده لا يكفي للتعريف به، لأنه باختصار يظل صاحب الأسلوب المميز في كل عمل شارك في بطولته مهما كان حجم أو مساحة الدور، عاش العصر الذهبي للفن المصري، ونادم على عدم كتابة مذكراته، خاصة أنه قدم للفن المصري حوالي 400 عمل ما بين الأفلام السينمائية والتلفزيونية والإذاعية، والمسرحية، والدوبلاج الصوتي للأفلام الكرتوينة.
في الحلقة الأولى من الحوار عرفنا ظروف دخوله للمجال الفني الذي كان بعيدا عنه في طفولته وصباه، وعرفنا كيف بدأ مشواره الفني عام 1955 من خلال الإذاعة المصرية، التى يعتبرها عشقه الأبدي، ومنها انطلق للمسرح والتليفزيون والسينما، وكيف كان النجم عمر الحريري سببا في إعطائه فرصة البطولة المسرحية الأولى، وسر رفض (فؤاد المهندس وعبدالمنعم مدبولي) لبطولة مسرحية (زهرة الصبار) التى كانت سببا في نجوميته المسرحية، وواحدة من علامات مشواره الفني.
كما تطرقنا لمقطتفات من مشواره المسرحي، وبعض من مشواره السينمائي، وسألناه هل ظلمتك السينما؟ وإليكم الحلقة الثانية والأخيرة من الحوار:
* قدمت أفلاما سينمائية كثيرة، ما الفيلم الذى تفتخر به وتعتز بأنه موجود فى أرشيفك الفني؟
** فيلم (أرض الخوف) بطولة أحمد ذكي، وإخراج دواد عبدالسيد، الذي أعتبره دورا يجب أن أمثله، حتى وإن دفعت مقابل أن أؤديه، فقد عشقته، لدرجة أنه كان هناك مشهد مكون من خمسة عشر صفحة، وهذا صعب جدا فى تمثيله، مثلته ( وان شوط)، لهذا حصلت على أربع جوائز هامة عن دوري في هذا الفيلم الذى يعتبر من واحد من أهم أفلام السينما المصرية فى السنوات الأخيرة.
وفى هذا الفيلم كان النجم الراحل أحمد ذكي أسعد إنسان بمشاركتي لأنني فى يوم من الأيام وهو يخطو أولى خطواته توقعت له بالنجومية، حيث كنت فى المسرح القومى وعلمت أن امتحانات معهد الفنون المسرحية تجرى على خشبة القومى، وحينما جاء دور أحمد زكى قدم مسرحية عالمية، وجسد من خلالها خمس شخصيات، وكل شخصية كان لها معالم صوتية مختلفة، وأداء مختلف وانبهرت بأدائه وذهبت إليه بعد امتحانه وقلت له: (يا ولد أنت هتبقى نجم كبير بس حافظ على نفسك).
* ما ظروف اشتراكك عام 2017 فى الفيلم الروائي القصير (ونس) الذى حصل على جائزة (التانيت البرونزي) فى مهرجان قرطاج السينمائي؟
** بضحكة عالية وبصوت مليئ بالفرحة قال: فى البداية لابد أن أعترف لك أننى توقعت حصول الفيلم على جائزة مهمة من أي مهرجان يشارك فيه لأنه يعالج موضوع مهم جدا لم تتطرق إليه السينما الروائية الطويلة، وهو أثار الوحدة على زوجين مسنين تخطيا الثمانين من العمر مع إنهما تحت سقف واحد، وعندم عرض على مخرج ومؤلف الفيلم أحمد نادر السيناريو وافقت على الفور لأن الموضوع جميل، وإنساني وهزني من الأعماق، لأننى أكاد أكون عشته.
* لماذا شعرت يومها بالسعادة البالغة عندما أبلغتك بحصول الفيلم على جائزة رغم حصولك على العديد من الجوائز والتكريمات عبر مشوارك الفني الطويل؟
** لأن الفنان مهما عاش، ومهما حصل على جوائز، تظل أجمل لحظة فى حياته عندما يقف على منصات التكريم، ويحصل على جائزة من جهة مهمة ليس لها أغراض إلا إعلاء شأن الفن، كما حدث عندما كرمتوني فى (لأهرام) عام 2017، لهذا لن أغفر لمنتج الفيلم ومخرجه حرماني من الذهاب لمهرجان (قرطاج) والصعود على المسرح، والحصول على الجائزة، فهما حرماني من هذه اللحظة الجميلة التى كنت أتمنى أن أعيشها، رغم إنني كنت على استعداد لدفع قيمة تذكرة الطيران والإقامة.
* ألهذه الدرجة حضرتك كنت متأثرا وسعيد بالجائزة؟
** طبعا لأن النجاح جميل، ويبعث على الحيوية والنشاط، ويعطي للفنان أمل فى المستقبل، ويضخ في شراينه دماء الشباب، ويشعره برد الجميل.
* بحكم تقديمك لمسلسلات كثيرة باللغة العربية الفصحى، سواء تاريخية أو دينية ماهى أسباب ندرة هذه المسلسلات الآن خاصة فى مصر؟
** هذه النوعية من الأعمال تحتاج جهة إنتاج قوية، لهذا كانت الدولة هى التى تقوم بإنتاجها، وعندما توقفت الدولة عن الإنتاج اختفت هذه الأعمال، وأنا حزين جدا على اختفاء هذه النوعية من الأعمال فى أعمالنا الفنية، فقد كانت فى يوم من الأيام أحد معالم الدراما في شهر رمضان المبارك.
وأعتقد أن ندرة وجودها يرجع لندرة الكتاب الذين يكتبون باللغة العربية الآن خاصة بعد وفاة (يسري الجندي، وعبدالسلام أمين، ومحفوظ عبدالرحمن)، كما أن العناصر الثلاثة اللازمة لإنجاح الدراما التاريخية والإسلامية وهى الإنتاج والمؤلف والممثلين القادرين على تحدث اللغة العربية الفصحى بشكل سليم، أصبحوا نادري الوجود، خاصة الممثلين القادرين على تحدث اللغة العربية الفصحى بشكل سليم، فاللغة العربية ليست فقط كلمات، وإنما إحساس وإيقاع، فمع الأسف أن معظم الممثلين حاليا لا أفهمهم باللهجة العامية، فما بالك باللغة العربية الفصحى؟!
ولعل عدم وجود مسلسل أو مسرحية باللغة العربية يعد مؤامرة على اللغة، ودفع الجماهير المصرية والعربية لمشاهدة المسلسلات التركية والهندية، يا إبني أنا أعزى نفسي كل يوم فى اللغة العربية، فنحن مسحنا تاريخ الإسلام واللغة العربية بهذا الإسفاف المنتشر فى الفضائيات، وما يحزنني أن كثير من الشباب يستخدم لغة جديدة وهي (الفرانكو آراب) فى رسائلهم على الهواتف المحمولة وهذا أكبر مثال على ضياع اللغة العربية التى تشكل هويتنا.
* ما سر تمييزك فى اللغة العربية؟
** عشقي لترتيل وقراءة القرآن الكريم بأحكامه، وبالمناسبة صوت الممثل وقدرته على التحكم فيه يميزه عن غيره.
* ما هو مواصفات العمل الذى توافق عليه مباشرة؟
** أن يحتوى على قيمة إنسانية أو سياسية أو اجتماعية يستفيد منها المشاهد، ولا يحتوى على مشاهد خليعة، وإلا يكون ضد الأخلاق.
* رغم قيامك ببطولات مطلقة كثيرة خاصة فى المسرح والدراما التليفزيونية لكننا أحيانا نفاجأ بقيامك بدور صغير في فيلم أو مسلسل؟
** على مدى مشواري الطويل لم أبحث يوما عن مساحة الدور، فالعبرة بقدر تأثيره وقيمته على العمل، فالممثل عازف فى فريق مثل عازف الموسيقي، لكل عازف دور، حتى تكتمل السيمفونية وتظهر بصورة مبهرة، ولقد لعبت كل الأدوار سواء أدوار صغيرة أو بطولات باهتمام شديد وإتقان، كما لو أنني بطل العمل، حتى أن الزعيم (عادل أمام) كان يقول لي: (جملك يا أبو زهرة بتخرم الأذن).
والدليل على صحة كلامي شخصية (إبراهيم سردينا) فى مسلسل (لن أعيش فى جلباب أبي) مع النجم نور الشريف كانت صغيرة، فهذه الشخصية تظهر فقط فى 10حلقات وحصلت من خلالها على جائزة، ومازال الجمهور يتذكرها رغم مرور سنوات طويلة على العمل.
* قدمت أعمال كوميدية كثيرة جدا فى كل مجالات الفن ما رأيك فى الكوميديا الحالية؟
** كوميديا لا تعبرعن الشعب المصري، ويعتقد مقدموها أنهم قادرون على إضحاك الجمهور، والإصرارعلى تقديم الكوميديا الساذجة يساعد على انحطاط الذوق العام للجمهور، الفن قادر على رفع الذوق العام أو الانحطاط به.
* ما الأعمال التليفزيونية التى تعتبرها محطات رئيسية فى مشوارك الفني؟
**كثيرة جدا… أعتز كثيرا بمسلسلات (الحجاج بن يوسف الثقفي)، (العودة من المنفي) الذي لعبت فيه شخصية المناضل المصري، وخطيب الثورة العرابية (عبدالله النديم)، ولنفس المخرجة علوية زكي أعتز جدا بمسلسل (نهاية العالم ليست غدا)، وأحب أيضا (عمر بن عبدالعزيز)، و(لن أعيش فى جلباب أبي).
* ما الشيئ الذى ندمت عليه فى مشوارك الفني؟
** عدم كتابة مذكراتي، لأننى عشت العصر الذهبي لمصر المحروسة، فالفترة التى عشتها فى الفن كانت الفنون جميعها سواء فى السينما أو المسرح أو الإذاعة أو التليفزيون أو الفن التشكيلي أو الأدب فى أوج مجدهم وعطائهم، وكانت أحلامنا الفنية ممتدة للسماء، والفترة مليئة بالعباقرة فى كل مجالات الفن وكنا رواد بالفعل، وأعتبر الفترة التى عشتها لن تتكرر إلا كل مائة عام أو أكثر، فالمسرح في الستينيات مثلا عاش مرحلة نهضة فنية ومؤلفين كبار وحرية في الأفكار ودفعات من الممثلين والمخرجين سافرت للخارج، وعادوا لإنتاج ما يدور في رؤوسهم، والمسرح يحتاج هذا المناخ الآن ليزدهر.