كتب : محمد حبوشة
(سيدى: لا يزال فى مصر خير، ولا يزال فيها قوم يريدون أن يجنوا ثمارا ما لم يزرعوا. أولئك أرجو أن يحبط الله أعمالهم، وأن يهيء لهذا البلد الطيب الكريم ، ولأهله الأوداء المسالمين العاملين، أياما من أيامه السالفه، وسعادة أبقى أمدا وأقوى دعامة) .. هذه كلمة السير (ستيفن كيف) فى مجلس العموم البريطاني.
في كتابه المهم (تاريخ المسألة المصرية 1875 – 1910) تأليف (تيودور رتشتين)، ويتقدمه تمهيد بقلم (ولفرد اسكاون بلنت)، وترجمه إلى العربية كل من (عبد الحميد العبادى ومحمد بدران)، والذي صدر عام 1936 عن مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر، بينما كانت الطبعة الأولى قد صدرت عام 1923، ينطلق هذا الكتاب من فكرة مفادها أن التدخل الإنجليزى، فى مصر لم يكن اختيارا، بل أرغمتها عليه الحوادث، التى لم يكن هناك سبيل لتجنبها، وتحت عنوان (خراب مصر .. تاريخ مالى وإدارى) جاء الفصل الأول بعنوان (بداية الاعتداء) وفيه:
يبتدئ تاريخ مصر المالى من حيث علاقته المباشرة بإنجلترا، من آواخر حكم (الخديو إسماعيل)، وأوائل الشدائد الاقتصادية الكبرى التى نزلت برعيته، فلا نزاع فى أن مصر كانت فى عهد (سعيد باشا) الذى خلفه إسماعيل أكثر البلدان الشرقية رخاء، فقد كانت خبت منذ عهد طويل نيران حروب (محمد على) التى كان يؤخذ لها الفلاحون عنوة من ديارهم، وكانت ضريبة الأراضى خفيفة للغاية لا تكاد تبلغ ثلث الضريبة الحاضرة، وبلغت حاجات المعيشة من الرخص حدا لا يتصوره العقل حتى كانت أجرة العامل العادية اليومية وهى قرش واحد تقوم على سعة بحاجة أسرة قروية بأسرها، وكان العمل فى الأشغال العامة الكبرى، السكك الحديدية والقناطر الخيرية الشهيرة التى بدأت فى عهد (محمد على وعباس الأول) سائرا بهمة عظيمة، فحفرت ترع جديدة، وأدخلت فى مصر لأول مرة الأسلاك البرقية والآلات البخارية الرافعة، ومنح المسيو (دى لسبس) إجازة إنشاء قناة السويس.
وما أشبه الليلة بالبارحة، فكما سعى الاستعمار البريطاني لاحتلال مصر والسيطرة على موارده الطبيعية آنذاك، فإنه في ظل النمو الاقتصادي الذي تشهده مصر حاليا نجد أن هنالك هجوما غير مسبوق بل يعد أقوى من 25 يناير و30 يونيو تقوده (بريطانيا) في ظل انعقاد مؤتمر المناخ (COP27) الذي بدأت فعالياته ،أمس الأحد في مدينة شرم الشيخ بحضور 198 دولة حول العالم، فكما هو معروف أن هذا المؤتمر سوف يدفع مصر إلى منطقة أخرى حيث ستكون أكبر مركز للطاقة المتجددة في منطقة الشرق الأوسط، ومن ثم سوف نلمح انتقادات لاذعة لمصر حاليا من القريب والبعيد، وفي الخلفية نلمح أصابع بريطانية تعبث بمقدرات بلد يسبب لها إزعاجا كبير.
نعم مصر تسبب إزعاجا كبيرا لبريطانيا جراء التطور الذي تشهده حاليا ويدفع بها نحو مستقبل أكثر تطورا ونموا وأمانا، وتسعى بريطانيا أن تغرق مصر من خلال حرب ممنهجة بتخطيط من مخابراتها – بعد أن أصبحت مأوى للإرهابيين في القارة العجوز – في أثناء انعقاد المؤتمر الدولي للمناخ في أحداث تشبه أجواء 25 يناير و30 يونيو، وخاصة أن ثورة 30 يونيو ألقت بظلال كثيفة على الاقتصاد المصري الذي تعافى مؤخرا وذهب منطلقا نحو آفاق رحبة من النمو المتسارع، وهو مالا يرضى بريطانيا الحليف القوي لجماعة الإخوان الإرهابية التي تسعى حاليا لتحفيز أنصارها على التظاهرات الاحتجاجية في وجود معظم قادة العالم في شرم الشيخ، وذلك كنوع من الضغط على القيادة المصرية ومحاولة التشويش على إنجازات الرئيس السيسي غير المسبوقة في (مصر الجديدة).
ولذلك تحاول بريطانيا اللعب بأوراق السجناء وعلى رأسهم ما يسمونه بالناشط السياسي (علاء عبد الفتاح) ففجأة قررت (إنجلترا) منح هذا المجرم الذي كان يحرض على الهجوم على الجيش قبل سجنه الجنسية البريطانية، وللعلم لايمكن لإنسان على وجه الكرة الأرضية أن يحصل على جنسية دولة أخرى وهو غير موجود، كيف تمنح بريطانيا سجينا الجنسية التي تتطلب وجوده بشخص شخصيى وتقديم الأوراق الثبوتية التي تكفل له الحصول على الجنسية، فضلا عن اهتمام الخارجية البريطانية بأخت (علاء عبد الفتاح) التي تدعي كذبا أن أخوها مضرب عن الطعام بشكل جزئي منذ سبعة أشهر، ومن ثم منحتها تأشيرة دخول مصر كعضو بريطاني في الوفد الذي يحضر فعاليات مؤتمر المناخ في سبيل إحراج مصر، إما بمنعها من الدخول أو حضورها لإحداث بلبلة داخل المؤتمر، وها هو رئيس الوزاء البريطاني الأرعن يطالب السيسي بالإفراج عن المجرم (علاء عبد الفتاح) كأولوية قصوى لأي تعاون بين مصر وبريطانيا.
انها البجاحة في أقضى صورها من جانب مستعمر قديم، فلم يستسيغ محور الشر الذي يساند (الإخوان الإرهابية) وعلى رأسه بالطبع (بريطانيا) أن مصر في ظل أزمة الحرب الأوكرانية قادرة على الصمود والتصدي لكافة الأزمات، صحيح أن هنالك ارتفاع جنوني في الأسعار، لكن تظل مصر قادرة على تجاوز الأزمات، والحقائق الدامغة تؤكد قدرة مصر في ظل الأزمة العالمية الطاحنة على النمو، وفي ظل كساد يعم العالم حاليا ومصر تقلل نسب البطالة، فهذا يمثل نجاحا كبير، خاصة في ظل بحث كثير من دول العالم وخاصة الاتحاد الأوروبي عن الغاز ومصر بعدما كانت تستورد الغاز تقوم حاليا بتصديره، وهذا ما يقلق محور الشر الذي يسعى لخراب مصر.
لقد كان لدى الرئيس السيسي دافعا قويا لتحقيق المعجزة، وقد قالها فى إحدى تصريحاته: عندما تريد أن تتحول من دولة مستورة للغاز إلى دولة مصدرة فإن هذا يحتاج لسنوات طويلة، وفي سبيل تحقيق المعجزة فقد ضغط على كل الشركات العاملة في التنقيب عن الغاز بتسريع عمليات البحث عن ماهو موجود في باطن الأرض والبحار، ووعدهم بحل كل مشكلاتهم على أن تتم عمليات الإنتاج بعد ستة شهور فقط ، وهو ماكان بالفعل، وعندما تشيد الأمم المتحدة بجهودك المشهودة في الطاقة المتجددة، والإنجليز يعترفون بأنك ستكون المركز الإقليمي للطاقة المتجددة، فهذه أدعى لنصب فصول المؤامرة، ولعل ما أثار حفيظة المستعمر القديم أن صحيفة ألمانية تشيد معترفة بنجاحك بأنك ستكون مركز للطاقة المتجددة بعد أن كانت تهاجمك، فماذا تتوقع من محور الشر الذي يقود الإخوان نحو حافة الخراب الذي تريده لمصر وشعبها.
كثيرة هى المبررات التي تدفع أعداء مصر وفي المقدمة منهم (بريطانيا) للهجوم على مصر قبل وأثناء انعقاد مؤتمر المناخ في محاولة لإجهاده، خاصة أن مؤسسات دولية تشيد بنمو الاقتصاد المصري خلال الأيام الماضية مثل مؤسسة (ستاندر أند بوورز) التي وضعت مصر في تصنيف (B) مع نظرة مستقرة، وذلك وسط عالم يغلي وخاصة أوروبا، وربما من ضمن أسباب الهجوم المسعور على مصر أنها لفتت مؤخرا إلى الاهتمام بالبحث العملي وأصحبنا رقم (2) عربيا في البحث العلمي، كما أكدت على ذلك منظمة (اليونيسكو)، ولعل حرص مصر على أن يكون لديها جيش قوى ومصنف ضمن أقوى (10 جيوش في العالم)، وقادر على أن يخرج خارج حدوده لأول مرة في التاريخ الحديث، فكما هو معروف أن جيش مصر من عهد الفراعنة وحتى وقت قريب كان جيش دفاع عن التراب المقدس، وليس جيش هجوم على غيره دون مبرر منطقي.
ولقد أشارت قناة الجزيرة في تقرير مؤخرا إلى صحوة المارد المصري للتصنيع الحربي بشكل محلى وعالمي، فهناك صناعة لأسلحة ألمانية في مصر، وكذلك هنالك تعاون مشترك مع الهند في صناعة عديد من الأسلحة ومنها الطائرات، لكن تبقى أهم نقطة ينطلق الغرب منها في الهجوم على مصر، وهى تحول مليارات الاستثمارات الخليجية التي ستصل إلى مئات المليارات قريبا جدا إلى مصر، بعد أن غيرت دول الخليج العربي وجهتها من أوروبا وخاصة (بريطانيا) إلى مصر با عتبارها وجهة واعدة للاستثمار، ومن ثم دولة مثل (إنجلترا) المعروف أنها تعيش على أموال الخليج لابد أن تحقد على مصر، وبالتاكيد داخل الكادر دول أخرى مثل (أمريكا ودول الاتحاد الأوربي).
ومن هنا لابد لنا أن نفهم سر نغمة نشاز في توجيه الاهتمامات للرئيس السيسي بأنه يبيع البلد، هم الذين يرغبون في بيع بلادهم، فليس هناك أدني مشكلة في بيع إنجلترا لكل شركاتها للخليج، لكن عندما تنوى مصر بيع بعض الشركات وجذب الاستثمار الخليجي يسمونها (بنبيع بلدنا)، وربما كان ذلك وراء الحملة الإعلامية غير المسبوقة على مصر، بينما وسائل إعلامنا للأسف غارقة في تفاهات (عامل الكشري، وأزمة مطربي الراب، وصحة شيرين، واعتداءات زوج الإسماعلية على زوجته، وزواج عمر كمال من ندى الكامل، وتهديدات منة عرفة لطليقها أومن يخوض في سيرتها).
هو العبث بعينه عندما يغرق الإعلام المصري المشاهد في مثل تلك التفاهات وغض الطرف عن الرد على تلك الحملات على مصر، غير منتبه إلى أنه كل ربع ساعة تخرج صفحة للكتائب الإخوانية تهاجم الدولة المصرية وعلى رأسها (السيسي) بحديث مموج عن مدن الأشباح الجديدة مع أنه تم بناؤها بأسلوب عصري باعتبارها مدن ذكية، ولقد أطلق الإخوان قناتين جديدين قبل يوم 11/11 ، وتبعت ذلك بإنتاج أغان تهاجم الدولة المصرية والرئيس السيسي، أيضا هناك معدلات صرف بملايين الدولارات حتى يوم 11/11 باعتبارها فرصتهم الأخيرة في التسلق على الأحداث، وفرصتهم أيضا لهدم الدولة المصرية.
وظني أن على الشعب المصري دور مهم في التصدي لتلك الحملات الإخوانية، نعم مطلوب الآن أن يزلزل صوتك أخي المواطن صفحاتهم وقنواتهم في التصدى لمحاولة خراب مصر، سواء بالكتابة على السوشيال ميديا التي تنتشر عليها الكتائب الإخوانية، لابد من إثبات وجود الشعب في ظهر الدولة والقيادة السياسية في مثل تلك الأزمات، خاصة أنها لعبة نفسية بالأساس، حيث تظهر صفحة للهجوم على الرئيس السيسي، وأغنية أخرى تهاجمه، ومن ثم علينا كشعب مصري أصيل أن نعرف هؤلاء حجمهم الحقيقي في الشارع أو في الفضاء الإلكتروني، والتأكيد على أن مصر لايمكن أن تقع طالما هنالك شعب يلتف حول حكومته وقيادته من أجل حماية هذا الوطن.