رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

قصة القصيدة التى أعجب بها (محمد عبدالوهاب) وقام بغنائها وتمثيلها (فريد الأطرش) !

كتب : أحمد السماحي

تعتبر قصيدة (عدت يا يوم مولدي) من القصائد المحفورة في ذاكرة عشاق الطرب لما تحمله من معاني ومفردات مختلفة عن السائد مليئة بالإحباط والندم، عن رجل لديه إحساس بالكهولة، ويستقبل يوم مولده وقد كبر وغزا الشيب مفرقه، ويصرخ نادما (ليت أني من الأزل لم أعش هذه الحياة)، هذه القصيدة وكما ذكر الكاتب الصحفي (جميل الباجوري) في مجلة (الكواكب) عام 1960 نشرت في مجلة (الاثنين) عام 1948، وفور نشرها أعجب بها الموسيقار محمد عبد الوهاب، واستأذن كامل الشناوي في تلحينها، وكام من مرة وضع عبد الوهاب لحنا جميلا للقصيدة، لكنه كان يعود ويأخذ اللحن ليضعه لأغنية أخرى .. وأخيرا اعتذر لكامل الشناوي وقال له أنه لن يلحنها حيث صرح فيما بعد أنه كان يشعر بالإحباط عندما كان يقرأ كلمات القصيدة، ولم يكن يحب أن يصدر هذا الإحباط أو البكائية إلى الجمهور!.

الموسيقار محمد عبدالوهاب يقرأ القصيدة

ومع بداية الستينات وبالتحديد في شهر نوفمبر عام 1960 ومع اقتراب ذكرى ميلاد كامل الشناوي يوم 7 ديسمبر اقترح عليه فريد الأطرش أن يحتفي بعيد ميلاده، وأن يقيم له فريد حفلا بمنزله، ووافق الشناوي، وفي تلك الليلة ألقى الشناوي قصيدة (عدت يا يوم مولدي) وأعجب بها فريد، وكانت أول مرة يسمع فيها القصيدة، واستأذن كامل الشناوي في تحلينها وغنائها، ووافق كامل بعدما شرح له قصتها مع عبد الوهاب.

ولكن هناك كلمة لم تعجب فريد في القصيدة وهى كلمة (الطين) في مقطع (كنت طينا ولم أزل)، فطلب من الشناوي استبدالها بكلمة أخرى، وقد اقترح فريد أن يكون مكانها كلمة (وهما أو حلما) لكن الشناوي اختار (الروح) ليصبح المقطع: (ليت أني من الأزل … كنت روحا ولم أزل).

ومن فرط إعجاب فريد الأطرش بالقصيدة طلب من السيناريست (يوسف عز الدين عيسى) والمخرج (بركات) أن يضعا قصة سينمائية تدور حول فكرة هذه الأغنية، وبالفعل قام بتمثيل فيلم له اسمه (يوم بلا غد) بطولته مع مريم فخر الدين، وزيزي البدراوي عام 1962 متضمنا هذه القصيدة، التى اندمج فيها وقدمها بإحساس مرهف جريح مضاعف من بدايتها إلى نهايتها، كأنه يستحضر شبابه الضائع في كل كلمة ذكرها.

كامل الشناوي مع المذيع أحمد فراج يقرأ في الإذاعة كلمات القصيدة
فريد الأطرش قرر تلحينها في الاحتفال بعيد ميلاد كامل الشناوي

وقد حلل المؤرخ والباحث الموسيقي الدكتور (سعد الله آغا القلعة) القصيدة في كتابه تراث الأغاني فقال : (جسد لحن القصيدة تفاعل الملحن مع الكلمات، وحمل الكثير من التجديد على المستوى الموسيقي، فقد صاغه على أسلوب أعماله الكلاسيكية القديمة مبتعدا إلى حد ما عن الشكل التقليدي في تلحين القصيدة موظفا تكثيف التوزيع الهرموني خلافا للنهج السائد عند ملحني القصيدة في الاعتماد على المقامات الشرقية الشجية التي تبرز موسيقى الشعر حتى حار بعض النقاد في التصنيف الموسيقي لـ (يوم بلا غد) في خانة القصائد ، وفي ختام العمل وعند (أنا وهم أنا سراب) أعاد توظيف تقنية البوليفوني حين تداخل صوته مع صوت الكورال ليذكر جمهوره بتعانق صوته مع صوت أسمهان في ختام أوبريت انتصار الشباب .

هذا وقد أكد (فريد الأطرش) في أكثر من تصريح أن هذه القصيدة لخصت حياته.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.