بقلم : علا السنجري
وسط أصوات تعلو بمهاجمة ماسبيرو والمطالبة بنقله أو بيعه والتخلص منه عن جهل وعدم دراية بأهمية هذا المبنى العريق، يأتي عمل درامي اجتماعي يدخل أروقة ماسبيرو، يناقش تراثه والاستديوهات التى أخرجت روائع تملأ الشاشات الفضائية، ليكون عملا دراميا يقدم البطل كمثال رائع لأخلاقيات واحترافية أبناء ماسبيرو حتى وأن كانوا من أبناء العاملين، مسلسل بديع ناقش وببساطة مشكلة بعض القيادات غير الواعية بكيفية التعامل مع الطبيعة الإبداعية لهذا المبنى العريق.
جاء (محمد الحناوي) بعمل راق يناقش هموم الأسرة المصرية من الطبقة المتوسطة، الأم ناظرة مدرسة و الأب مهندس صوت وبناته الأربعة، ليناقش من خلالهم قضايا كثيرة تخص مجتمعنا وما يمر به من تطورات في ظل هيمنة الإنترنت.
تدور الأحداث حول (عبدالله الفولاني/ خالد الصاوي) الذي يعمل مهندس صوت بماسبيرو، وهو أب لأربعة بنات، متزوج من (إيناس/ صابرين) مديرة مدرسة، فشلت ابنته (شادية/ نور إيهاب) في التحقيق الإخباري الأول لها مع رئيس المباحث، وذلك لإلقاء القبض على أختها (فايزة/ إيمي الجندي) لكسرها ذراع زميلها بالجامعة لتحرشه بصديقتها (مريم/ ألحان المهدي)، والذي يقوم والدها (عبد الله) بفضح أمر والدته بسبب خطأ فني على الهواء في الإذاعة، وتقابل شادية (مازن/ محمد مهران) المذيع المشهور الذي يحاول التقرب منها ،رغم أنه مرتبط مع صاحبة القناة بوعد الزواج.
أما (والدته/ هناء الشوربجي) وشقيقته (عنبة/ ريهام الشنواني) يعيشان في القرية، وتحب عنبة (صابر/ أمجد الحجار) إبن عمها، ولكنه لا يستطيع الزواج منها بسبب خلافات والده (عباس/ حسن العدل) مع عبدالله لاستيلائه على أرضه، مما يصيب والدته بأزمة قلبية وتنقذها (ليزا/ هدى الإدريسي) ابنه جورج صديق والده.
تقابل فايزة ابنته بوكيل النيابة الذي يحبها ويطلب الزواج منها رغم رفض والده، وهناك (أم كلثوم) الصغيرة التي تعرف كل الأسرار وتقولها.
تأتي أغنية التتر لتعبر أكثر عن موضوع الحلقات بلحن مميز من تأليف محمود طلعت ليلتصق بأذن المشاهد، وكلمات رائعة وسلسة وبسيطة من تأليف محمد الحناوي :
يارب يا ساتر
سلامات يا أهل الدار
ويجعله عامر
طول ما في قولبنا عمار
طول ما في قولبنا عمار
سلامات على الطيبين
والناس الحنينين
والقلب أبو ضحكة صافية.
ليكتمل الجمال بالصوت الجميل (كارمن سليمان) لتصبح محببة جدا للمتابعين.
المخرج (أحمد عبد الحميد) ميز العمل أكثر برؤية إبداعية في اختيار جيد جدا للممثلين، إظهار معالم القاهرة في كادرات الفواصل ليعطي العمل خصوصية وهوية مصرية بحتة لتساند فكرة العمل الاجتماعي.
(صابرين) قدمت تناغما وتفاعلا كيميائيا مع خالد الصاوي، فهي طاقة إيجابية مبدعة للعمل، أداء خالد الصاوي ليس بجديد عليه وإن يعيبه أحيانا الانفعال الزائد في الأداء والصوت والتحدث بسرعة في بعض المواقف.
مولانا (مفيد عاشور، والقدير صبري عبد المنعم، و الرائعة هناء الشوربجي).. إبداع بلا حدود، تستمتع بقمة الأداء الرائع لكل منهم.
الفنان (طارق عبد العزيز) في كل عمل له يثبت إنه السهل الممتنع في الأداء بخفة روح و ثقل فني، (حمدي هيكل) كعادته تمكن من الأداء، الدكتور (أيمن عبد الرحمن) في دور رئيس قطاع الهندسة الإذاعية قدم القيادة غير الواعية بطبيعة العمل الإبداعي وتعنت في إصدار القرارات لمجرد إثبات رؤيته، وكذلك الفنانة (نهال عنبر) اتقان للتسلط والنفوذ والتملص من الخطأ، (هدى الإدريسي) ابتسامة جميلة وأداء للسيدة الفرنسية بلكنة متقنة، توحة أو سحر عبد الحميد حضور متميز، محمود عامر استطاع جعل الجمهور يتعاطف معه في مشهد بسيط ليثبت ان الموهبة ليست بحجم الدور وإنما ما تقدر على فعله في لحظات.
المواهب الشابة (نور ايهاب، ووردشان مجدي، وبيلار أحمد، وألحان المهدي، وإيمي الجندي، وشيماء عباس، وأحمد والي) أداء وموهبة قوية، الثنائي (أمجد الحجار وريهام الشنواني) طاقة كوميدية وموهبة تمثيلية رائعة ، (أحمد جمال سعيد) نضج فني كبير.
العمل يقدم صورة جميلة لقيم أسرية ومجتمعية نتمنى أن تظل متواجدة ولا يأتي عليها طوفان التغيير بحجة التقدم، نحن لسنا ضد التقدم ولكن على أرض صلبة من جذور الأصول والقيم الأخلاقية وفيما يفيد مصرنا الحبيبة.