بقلم : محمد شمروخ
انتظرت لأكثر من أسبوع متابعا لعله يحدث رد فعل جراء هذا الخطأ الفادح الذي شاهدته على قناة (نايل سينما) في أثناء متابعة فيلم (سلام يا صاحبي)، حيث فوجئت بفاصل من أجل حلول أذان الفجر لينطلق صوت المؤذن خلال الفاصل ثم يعود الفيلم من حيث انتهى.
طيب وفيها إيه؟!
المصيبة أنى قبل أن أتأهب لأداء الصلاة، نظرت إلى ساعة الحائط حيث حدثتنى نفسي بأن في الأمر شيئاً غريباً واستشعارا منى بأن الوقت لم يزل مبكرا على موعد الأذان.. أمعنت النظر في وضعية عقارب الساعة!، لكن فوجئت بأنه باق على موعد أذان الفجر أكثر من ساعة، فكذبت ساعة الحائط وساعة الموبايل ورحت أقلب في القنوات المصرية بحثاً عن الساعة أو أذان آخر، لكن لم يحدث شيء سوى أننى تيقنت أن الوقت مازال مبكرا جدا على موعد الأذان!
ولم أغير القناة طوال عرض الفيلم مع تتابع الفواصل الإعلانية، أملأ فى أي استدراك أو اعتذار أو تنويه بأي وسيلة، لكن لم يحدث ثمة شيئ غير معتاد!.
فهل كان الأذان مسجلا في الفاصل مثلا ولم ينتبه القائمون على القناة إلى هذا الخطأ؟!
إذن فإن المشرفين على قنوات التلفزيون المصري الرسمي يتركون أماكنهم في أثناء أعمالهم ويشغلون أنفسهم بأى شيء سوى العمل!
الأمر لا يقف عند هذا الحد ليس غير، فهناك من هم في مواقع المراقبة لكل ما يدور على الشاشة وهؤلاء خطبهم عظيم من هول ما قد يفوتهم.. فأين كان هؤلاء الذين غفلوا عن أمر ما يبث على شاشة التلفزيون الرسمي في غير موعده؟
الأمر جد خطير، فنحن أمام قناة تلفزيونية لعلها كقناة متخصصة في الأفلام، تعتبر من أكثر القنوات التلفزيونية الرسمية مشاهدة، خاصة أنها تقدم أفلاما قادرة على جذب المشاهدين الذي هجروا بقية قنوات تليفزيون بلادهم الرسمي، كما ان هناك أفلاما كأنها خاصة بها قلما تجدها على قنوات أخرى، كما أن من مميزاتها أن فواصلها قصيرة لا تدفعك إلى التحول عن القناة إلى قنوات أخرى من ذوات الفواصل الفلكية التى تنسيك ما كانت تقدمه فتتركها لغيرها مرغما!
يعنى لما يكون قناة (ماسبيروية) قادرة على المنافسة رغم خلو الإعلانات ومع الصعوبات المالية والتقنية، نفعل فيها ما يجعلها تفقد الإحساس بالزمن فتذيع أذان الفجر قبل موعده بساعة أو يزيد؟!
وبصفتى واحد من المنتمين إلى الإعلام القومى الذي يجتاز أكبر أزمة في تاريخه، بسبب تربص وتنمر من الكثيرين ومنهم من داخل مؤسسات الدولة نفسها (صحافة وإذاعة وتلفزيون) فإنى أعلن حزنى وفزعى بسبب ما حدث ليس فقط لوقوع خطأ، فالأخطاء وارد حدوثها وتدارك آثارها بأى وسيلة، لكن حزنى هو أن أحدا من داخل القناة، لم ينتبه لذلك، بل ولو من داخل التلفزيون نفسه!
وأما فزعي الذي جاوز الحزن، فبسبب أن أحدا لم يعلق – على حد علمي حتى الآن – على ما وقع أو استنكره أو طالب بالتحقيق في أسباب وقوعه!.
ولقد تجولت بين صفحات فيسبوك عقب هذا الحدث مباشرة، فلم أعثر على أى بوست يحوى استنكارا أو سخرية أو معلومة، مع أن هناك من يترصدون للشاردة والواردة في كل مكان لاسيما الجهات الحكومية المصرية!
لكن لم أجد شيئا لا على صفحات فيسبوك ولا على أى موقع إخباري أو متخصص في أخبار الفن والإعلام!، حتى أنى بدأت أشك في نفسي ورحت أتفحص ساعة المطبخ، فلعل ساعة الصالة معطلة وكذلك ساعة الموبايل!
وأخيرا تأكدت بعد ما يزيد عن ساعة، أننى لم أكن على خطأ إذ انطلق صوت مؤذن المسجد المجاور وجاوبته بقية الميكروفونات بالمساجد المحيطة!.
ولأنى مواطن مصري يقطن في إحدى ضواحي مدينة القاهرة ويخضع لقوانين ونظم الدولة المصرية وأهمها في هذه الحالة اعتماد التوقيت الإفرنكى الذي تدور عليه مواعيد الأذان في الصلوات الخمس، فلم أعد أشك في أن ما حدث على شاشة قناة النايل سينما كان خطأ فادحا.
ولكن مع الأسف الشديد لم تعد إلى نفسي ثقتى فيها لارتباطى بالتلفزيون المصرى واتخاذه ضابطاً للوقت رغم المحنة التى يمر بها!
ولا شك أن هذه المحنة أثرت تأثيرا فاحشا على أدائه بعد سيطرة القنوات الخاصة على مقدرات الفن والإعلام وبعد أن سحبت البساط من تحت أقدامه!، فأنا أنتمى إلى جيل تربي على أن مواعيد التلفزيون والإذاعة وصدور الجريدة يومياً هى مواعيد طبيعية كشروق الشمس وغروبها تماما.
ومنذ أربعة أعوام وأربعة شهور قامت الدنيا على إذاعة محلية رسمية وفتحت التحقيقات وتوالت الاعتذارات بسبب انطلاق أذان المغرب قبل موعده بسبع دقائق!
وبقى سؤال مازلت أطرحه على نفسي: هل كنت أنا المشاهد الوحيد الذي تنبه لهذا؟!
مما لا شك فيه أن هذا السؤال عبثي!.
إذن فسوف أضطر للجوء إلى سؤالين أكثر مرارة مع الاحتفاظ بنفس درجة العبثية:
هل كنت أنا المشاهد الوحيد بين الناطقين بالعربية في العالم كله الذي كان يوقف الريموت كنترول أمام قناة نايل سينما؟!
وهل من قبيل المصادفة أن يكون اسم الفيلم الذي يعرضه التلفزيون المصري على واحده من أشهر قنواته “سلام يا صاحبي”؟!.