بقلم : محمد حبوشة
في سبتمبر من عام 2021 أطلقت الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية حملتها التي تهدف إلى بناء الوعي قائلة : تتحرك الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية بخطوات ثابتة نحو تحقيق أحد الأضلع الرئيسية في (بناء الإنسان المصري) فتضع كل إمكاناتها وتسخر الطاقات في سبيل تقديم كل ما يبني وعي المصريين، انطلاقا من قاعدة رئيسية تحطم مخططات الشر على صخرة الوطنية.
والحقيقة أن (المتحدة) على مدار الخمس سنوات الماضية، اقتحمت ملفات معقدة في المجتمع المصري، وفتحت الأبواب المغلقة على قضايا كانت عبارة عن قنابل موقوتة، بداية من نسف ومعالجة الأفكار المتطرفة وقطع دابر مخططات الإرهاب، وصولا إلى تقديم نماذج لأعمال وطنية جادة احتلت مكانها لدى المصريين وصنعت الفرق لصالح الدولة بإمكانات لم تصل إلى واحد من العشرة من ملايين الدولارات التي تنفقها قوى معادية على أذرعها الإعلامية التي تضمر الشر لمصر.
وفي هذا الصدد: لم تكن كلمات الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال افتتاح عدد من مشروعات التطوير فى هيئة قناة السويس من فراغ، عندما أشار إلى الجهد الكبير الذي تقدمه الشركة المتحدة وما صنعته من تغيير في المشهد الإعلامي، وقال الرئيس السيسي: (لن ننسى الفترة الصعبة التى شهدتها الدولة المصرية وتم تناولها فى دراما رمضان.. الدراما اللى اتقدمت واللى لازم تقدم أكثر من كدة.. فكرتنا بأيام صعبة.. ومرت بفضل الله ثم بتضحيات شعب مصر.. كل أسرة قدمت شهيد.. فى أى قطاع من قطاعات الدولة.. الجيش والشرطة والقضاء والمساجد والكنائس).
حملت تصريحات الرئيس السيسي عدة دلالات، أبرزها نجاح الدراما المصرية والأعمال الفنية التى تقوم بها الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية في تشكيل الوعي، وهذا من أهم مقومات بناء الإنسان المصري والأساس الذي ترمي إليه الدولة المصرية في عملية البناء والمستقبل، أما الدلالة الثانية والتي لا تقل عن الأولى فقد أصبح للمشهد المصري درع يحمي العقول بالتصدى للأفكار الظلامية والمتطرفة ومساعى التشويه والتشكيك التى يبثها أهل الشر دائما ضد الدولة المصرية، ولا يمكن فصل ذلك عما أحدثته الأعمال الفنية التي أنتجتها الشركة المتحدة من خلال إصدارتها المختلفة في إعادة تشكيل الوعى والتعريف بحقيقة المخاطر التى يواجهها الشارع المصرى، وما تعرض له على مدار الفترة الماضية، وكشف الصورة كاملة بكافة الكواليس حتى يكون الشعب على دراية بما يدور ويحاك من مؤامرات ضد بلده.
بالتأكيد فإن الأعمال الفنية المختلفة على مدار الفترة السابقة من القوى الناعمة ساهمت فى تصحيح المفاهيم، وترسيخ البطولات والتضحيات لدى النشء، وخاصة دراما رمضان المواسم الثلاثة الماضية التي قادت معارك الوعى والتنوير للمشاهد، كما أنها جسدت مرحلة هامة من تاريخ مصر وبطولات ابنائنا من رجال القوات المسلحة والشرطة فى مواجهة خفافيش الظلام والإرهابيين.
ومؤخرا أطلقت (المتحدة) حملة (أخلاقنا الجميلة)، تلك التي يؤكد خبراء، وإعلاميون، وكتاب، على أهمية حملة (أخلاقنا) التى تبنتها الشركة بهدف تثبيت منظومة الأخلاق التى تنادى بها الأديان السماوية، فى مواجهة الاختراق القيمى الذى تعمل عليه بعض الجهات عبر العديد من الوسائل وخاصة السوشيال ميديا لمحو مفاهيم أصيلة فى مقدمتها: احترام المرأة، والعطف على الصغير، ومساعدة كبار السن وغيرها، لكني أرى تناقضا واضحا في تزامن إطلاق هذه الحملة مع التعاقد مع مخرج الفضائح (خالد يوسف) على مسلسل (سر الباتع)، وخاصة أن المسلسل من إنتاج شركة سينرجي، وإنه سيكون إنتاج ضخم، ويجري خالد يوسف في الفترة الحالية عمل كاستنج لجميع الأدوار التي ستشارك في العمل، في سرية تامة، ولم يعلن حتى الآن عن بطل المسلسل، ومن المفترض أن يتم الإعلان عن العمل في الفترة المقبلة، بعد معاينة أمكان التصوير واللوكيشنات، حيث أن هذا العمل يمثل عودة المخرج خالد يوسف للدراما بعد توقف كبير، ويواجه منافسة كبيرة هذا العام بعد الكشف ملامح الدراما في رمضان المقبل.
ما هذا العبث الأخلاقي الذي يتناقض تماما مع (بناء الإنسان المصري) فكيف تضع كل المتحدة كل إمكاناتها وتسخر الطاقات في سبيل تقديم كل ما يبني وعي المصريين في ظل الاستعانة بمخرج لا ينطبق عليه الحد الأدنى من قواعد الأخلاق التي يخاصمها (يوسف) الذي يشهد (اليوتيوب) على فضائحه التي لاتؤهله على الإطلاق للمشاركة في بناء الوعي لشركة تتطلع إلى مستقبل أفضل للأجيال القادمة، وهى القائلة : لم يكن طريق النجاح ممهدا أمام الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية في ظل ظروف داخلية وخارجية تعيشها البلاد، وتحديات في السوق المصرية المكبلة بجراح لم تلتئم بعد، وحرب من جبهات خارجية ممولة بملايين الدولارات للتأثير في وعي الشعب المصري من ناحية ومحاربة مؤسسات الدولة وعلى رأسها القطاع الإعلامي من ناحية أخرى.
وبخريطة مدروسة وخطوات ثابتة وإرادة التخطيط والتنفيذ، نجحت الشركة المتحدة بتكوين درعها الحامي لوعي المصريين ضد أفكار ومساعي التشويه لإنجازات الدولة المصرية، وبدأت في خطوات التطوير من خلال إصداراتها المختلفة وإنتاج دراما وطنية تسهم في إعادة تشكيل الوعي والتعريف بمخاطر يواجهها الشعب المصري خلال الفترة الماضية، فكيف تقنع العقول المصرية بمخرج (فاسد أخلاقيا) في ظل إدارة الشركة المتحدة اللعبة باقتدار ووضعت فيها قواعدها الخاصة من خلال تقديم إعلام برسالة مؤثرة دون انحراف وقنوات وأعمال درامية لعبت دورا في مواجهة الشائعات والأكاذيب التي تبثها مافيا خارجية على مواقع التواصل الاجتماعي وقنوات خاصة بملايين الدولارات لجماعة الإخوان الإرهابية.
كيف يمكن أن تستند الشركة إلى نظرية الارتقاء والتطوير المستمر للقوى الناعمة المصرية، من خلال تقديم إعلام هادف له رسالة مؤثرة سواء من خلال القنوات أو من خلال الأعمال الدرامية التي تبث الوطنية في قلوب المصريين، وكيف تلعب دور التثقيف في مواجهة الشائعات والأكاذيب التى تبثها مواقع التواصل الاجتماعى والقنوات الخاصة بجماعة الإخوان الإرهابية، في ظل وجود مخرج مشبوه، ظني أنه لايرقى إلى مستوى تقديم عمل على غرار مسلسل (الاختيار) بأجزائه الثلاثة، مرورا بهجمة مرتدة ثم القاهرة كابول، تلك الأعمال التي تجسدت فيها مقومات النجاح في الأعمال الفنية الوطنية في أكثر من عمل درامى، من خلال مرحلة مهمة من تاريخ مصر صاغت بطولات رجال الجيش والشرطة فى مواجهة إرهاب غاشم، مع تحدي تشكيل وعى الشعب وتعريفه بحقيقة ما قامت به قوى الظلام في مخطط ضرب استقرار البلاد، وتقديم وجبة درامية تعزز من روح الانتماء والهوية الوطنية.
أليس فيكم رجل رشيد يعي خطور المرحلة، ومن ثم ينبعي أن ننقي ثوب الدراما من الدنس التي اعتراه سنوات طويلة بفضل وجود أمثال (خالد يوسف ومحمد سامي) مع إعلان بدء مرحلة قادمة لإكمال البناء المستقيم لاستكمال مسيرة الـ 5 سنوات الماضية، والتي حققت الشركة المتحدة بشكل إجمالي طفرات ونجاحات كثيرة، عن طريق فلسفة التطور التي قامت في الأساس على التنوع الضخم في المتحوى الإعلامي المقدم للجمهور عبر مجموعة قنواتها وإصداراتها المختلفة، ومساندة الدولة المصرية في مسيرة الإنجازات على أرض الواقع.
لماذا تعمد الشركة في وقت اطلاقها حملة (أخلاقنا الجميلة) بإسناد أعمال درامية لمخرجين (خالد يوسف، ومحمد سامي) اللذين يعمدان في منهجهما الإخراجي إلى سياسة (تغيب الوعى)، حيث يستهدفان في الأساس السيطرة على عقول الشباب عبر العنف والعشوائية، واليوم فإن أخطر تحدى تواجه الدولة المصرية، ليس غياب الوعى، وإنما (تغيب الوعى) عمداً وطمس الهوية الوطنية، والوعي ياسادة في اللغة العربية يعنى الإدراك أو الفهم لما يحدث حولك، كما يعرفها بعض الفلاسفة بقولهم إن (الوعى) مرادف لإن تحكم عقلك ولا تسلم نفسك لأحد، كما أن هناك من يتوسع في المفهوم بقوله أن تعي جيدا ما يواجه وطنك من تحديات وتهديدات ومخاطر، وألا تسمح لأحد بأن يوظفك ويستخدمك لتكون ذريعة ضد وطنك، أو تكون أداءه لعرقلة التنمية أو لتشويه المجتمع أو لبث الفتن، وكلها أشياء تصب في صالح أعداء الوطن.
ولماذا لا تتذكر إدارة المتحدة قول الرئيس السيسى في المداخلة الشهيرة: (هناك قضايا كثيرة ويهمنا نحصن أبنائنا وشبابنا وبناتنا والشباب الكبار الدنيا حول ماذا يحدث حولهم)، مؤكداً على أهمية وضرورة الوعى، قائلا: (أنا أتصور أن القضية الأهم هى الوعى بمفهومها الشامل، سواء الوعى بالدين، ولعل ما قاله الرئيس السيسى في المداخلة، هو جرس انذار جديد للجميع، مفاده أن القضية الكبرى التي يجب أن تهتم بها الدول الآن هي قضية الوعى، خاصة أن ما يحدث في محيطنا الأقليمى، يشير إلى خطورة المستقبل اذا لم ننتبه لهذه القضية، وأعتقد أن وجود المخرجين (خالد يوسف، ومحمد سامي) في خارطة رمضان 2023 لايخدم على الإطلاق (قضية الوعي) التي يقصدها الرئيس، والحقيقة أن الرئيس السيسى، منذ سنوات وهو يركز دائما على قضية الوعى وبناء الإنسان المصرى ويوليها اهتماما بالغا، بل أنه لم يكتفى بطرح القضية للنقاش العام، بل بدأ الخطوات الفعية نحو تحصين المجتمع المصرى من آفة الانهيار، وأري أن المخرجين المذكورين لايمكن أن ينتجا أعمالا تعمل على تحصين المجتمع بل حتما تساهم في الانهيار.
وأخيرا تستهدف تلك الحملة التأكيد على الأخلاق التى تربينا عليها وتأمر بها جميع الأديان السماوية والإنسانية من احترام الكبير وحسن الجيرة وحسن المعاملة والأمانة والشرف والأدب فى التعامل، وتربية أجيال جديدة على العادات والتقاليد المصرية الأصيلة وتذكر الأجيال الحالية بالقيم الإنسانية، وجميعها مبادئ يخاصمها المخرجين (خالد يوسف) بأعماله المشينة، و(محمد سامي) الغرور وصاحب اللسان الزالف في ترسيخه للعنف والبلطجة كما جاء في (الأسطورة، ونسل الأغراب)، وهو ما سنراه مجسدا على الشاشة في رمضان القادم، طالما هنالك إصرار على الدفع بهما لتشويه كعكة الدراما في الموسم الأكثر مشاهدة، إلا إذا تم تدراك الأمر واستبعادهما من المشاركة في موسم يخلو من الأعمال الوطنية التي ميزت المواسم الخمسة الماضية .. اللهم بلغت .. اللهم فاشهد.