بقلم الفنان التشكيلي الكبير : حسين نوح
سأحاول أن أجيب عن سؤال القدير (جلال أمين) وعسي أن اقترب من الصواب، فاليقين صعب نعيش حاله من تلاسن وتراشق ومعارك وسفسطة تظهر بشكل جلي على شبكات التواصل وتويتر وإنستجرام والهدف المزعج أصبح (الترند) لعنة الله عليه فكم من أطروحات وقضايا وافتكاسات وأحياناً طبية، وتلك مصيبة أخري وكل يدلو بدلوه في السياسة والاقتصاد والكورة والفن، ويجتهد ويختلط الحقيقي بالمدعي بالجاهل والهدف (الترند) الملعون افتح اليو تيوب وما عليك إلا التسجيل وانتظر هواة الفضائح والبحث عن ما يقضون به وقت فراغهم الطويل، فاللقاء بين مدعي المعرفة والباحث عن تفريغ لطاقة الحقد أو المعاناه بداخله فيشبع رغبته حين يجد من حوله يعاني ويمتهن.
وأعتقد تلك أمراض نفسيه يدركها المتخصصون العالم حولنا عجيب والأخبار بين قتال واعتداء وقتلي وأوبئة ومشاكل المناخ وحرائق تضرب البلاد من حولنا والفيضانات تهدد السودان والجوع يهدد الصومال ومشاكل العراق واليمن وسوريا وليبيا ثم أوكرانيا، وتداعيات الحرب مع روسيا ومشاكل القمح والبترول والغلاء الذي ضرب العالم الغربي ويعاني منه الجميع، العجيب أننا هنا نعيش حالة من تلاسن منفصل عن ما يحدث في العالم ونحن جزء منه وبالحتميه سيؤثر علينا ما يحدث في العالم.
وهنا يأتي السؤال ماذا حدث للمصريين؟!
الأكيد أنها حالة إصابة البعض منهم بالأنانية المفرطة والبحث فقط عما له دون النظر لما يحدث حوله متناسياً أننا مثلث أنت ضلع فيه وجوده بوجودك ولا انفصال فهل لك مبدئياً هذا الاستفهام حتى أكمل وجهة نظري التي تحتمل الصواب؟!، عشت ومعي كثيرون بعد هزيمة سبعة وستون وكانت نكسة صادمة لكل المجتمع وخاصة المثقفين ورجال الفكر والإبداع، ولكن ماذا حدث حين حاول عبد الناصر التنحي وهو يعلن عن تحملة كامل المسؤلية؟، لقد خرجت جموع الشعب وتحركت الجماهير من كل المحافظات ورغم استشهاد كثير من شباب الوطن، وقد لا أبالغ حين أقول لم تترك أسرة أو عائله بدون شهيد ووقف المصريون علي قلب رجل واحد وأكلنا اللحم ثلاث مرات في الأسبوع وكانت طوابير الجمعيات التعاونيه في كل الأحياء والمحافظات، وكان البحث عن فرخه في الجمعية أزمه لبعض الأسر.
وأتذكر أن كتب العظيم (أحمد رجب) مسرحيه باسم (كلام فارغ) كل الاحداث فيها تتحدث عن الازمات وكيف يعاني المواطن، فالتليفونات تداخلت الخطوط فتطلب الجزار فيرد السباك وأزمه المستشفيات وتابلوه باسم مستشفي عيني يعيني ويغني نوح: (مستشفي عيني يا عيني/ الداخل فيها مفقود والخارج منها مولود)، ويغني: (يا بلدنا يا عجيبه فيكي حاجة محيراني/ نزرع القمح في سنين يطلع القرع في ثواني)، لقد وقف المصريون مع مصر في أحلك الظروف إلى أن جاء النصر وعادت سيناء الحبيبة.
والسؤال: لماذا تحول البعض منا إلى حالة الاستهجان من أي أزمة رغم ما يحدث في العالم حولنا فالنساء في ألمانيا تشكو من عدم القدرة على شراء بعض أنواع الفاكهة وبالمثل في فرنسا وإنجلترا، إني أشاهد تلك المناظر يومياً علي كل منافذ الإعلام العالمية، هل قلة القدره على استحمال خشونة ظروف الحياة؟، أري بعض الشباب يحاول أن يبدأ من حيث انتهي والده وقد يكون ذلك صعب المنال أحيانآ ويتناسي أن والده كان يتعامل مع بقال الحي وليس السوبر ماركت وركب الترولي باص والأتوبيس والمترو والترماي، هل لما حدث في فترة الرئيس السادات وبعده الرئيس مبارك أثر علي طموح البعض؟
فبعد أن كانت المنتزه والمعمورة أقصي الحدود ومراقيا نهاية الساحل والشمالي وفندق عايدة بشقاوة المصطافين، ولكن الآن يشاهد الجميع شباب ونساء تجليات احداث الساحل المجنون بأسعاره وأخباره وراقصاته، فالحفلات بالأرقام وتحمل كل المبالغات ويضيف إليها الطيبين وأسعار الإقامه وبيع الفيلات، ويضيف أيضاً القابعون مع المراوح والتكيف ويتناسي الجميع أن الحياة بها الغني المجتهد و الفقير الكسول، وتلك تفسيرات للبعض دائما الأبيض يقابله باقي الألوان إلى أن تصل للأسود.
ومنذ بدايه الخليقة الناس وتنوع البشر اجتهد لتكون راض وتحقق طموحك ولا تستمع للأصوات علي شبكات التباعد، قد تكون لبعض الكسالى وقد يكون من ينعم في الساحل هو نتاج لمجهود وعمل طوال العام، وكيف لا يكون منقوص في شيئ لا يعلمه إلا القادر العليم؟، لا تنظر لغيرك وانما اجتهد لتحقيق مرادك وأتمني أن يلعب الإعلام دوره الحقيقي في تنمية قيم الانتماء وقيمة العمل والاجتهاد، ولا يبحث هو الآخر كما يحدث أحيانا عن (الترند) الملعون ويشارك في عرض ساذاجات بعض مما يطلق عليهم نجوم وأخبار استفزازيه للبعض وأعمال درامية بعيد عن الواقع المصري.
وأحياناً تسلط الضوء علي نشر البلطجة ومطاردات العصابات وحاملي السنج وكل ما يغازل مشاعر بقايا قاطني العشوائيات وسائقي التوكتوك، فالفنون والثقافة والإبداع الحقيقي والمثقفين الحقيقيين من دعائم نشر قيم الانتماء والولاء والعمل والنهوض بالمجتمع إلى آفاق أكثر رحابة واستنارة، العالم يعاني ومعظم الدول في معاناة إما من تقلبات المناخ والطبيعة والأوبئة ولعل ذلك إنذار لعل البعض يستفيق، ومعاناة أخرى من أطماع اقتصاديه أو تعود بنا إلى قوانين الغابات وسطو القوي على الضعيف.
نعم يا سادة العالم ومصر يعاني بعض المواطنون من تجليات ما يحدث حولنا فالغلاء يسيطر أحياناً والبعض يعاني صعوبة المعيشة، ولكن لنا أن نتابع مايحدث وما يتم إنجازه من مشروعات لمصلحة الدولة والأجيال القادمة، وعليك يا سيدي أن تدرك أن تعداد المصريين قد تجاوز المائه مليون ويزيد بمعدل اتنين مليون سنويا وهو تعداد بعض الدول، لا أطالب إلا بالموضوعية في إصدار الأحكام وما يقال علي شبكات التباعد، فمصر لها من المحبين والمخلصين يتمنون لها الخير وأيضاً بقايا الكارهين والمتاسلمين، وليس لنا اللا اليقظه فمصر تنطلق وتستحق.