وليد سيف : أشتغل على مسلسل عن (سقوط غرناطة)، وأحول (ملوك الطوائف) إلى كتاب !
كتب : أحمد السماحي
أعلن الكاتب الكبير (وليد سيف) إنه يعكف حاليا على كتابة المسلسل الأخير من ثلاثيته الأندلسية (صقر قريش، ربيع قرطبة، وملوك الطوائف)عن (سقوط غرناطة)، وعن معاناة المورسكيين أي العرب الذين بقوا في الأندلس ردحا طويلا من الزمان بعد سقوط غرناطة، وتعرضوا للاضطهاد الشديد، وهذه مرحلة لا يعرف الناس كثيرا عنها.
وكشف خلال تكريمه أول أمس السبت الموافق 3 سبتمبر في معرض عمان الدولي للكتاب عن عزمه القيام بتجربة جديدة في تحويل مسلسل (عمر) إلى دراما مكتوبة وعلى شكل مشاهد مع الاكتفاء منه بـ 17 حلقة ليصبح مثل مسلسل كتب سابقا يحمل عنوان(بيوت في مكة)، ويتحدث عن عملية التغيير او الثورة الاجتماعية التي أحدثها الاسلام في المجتمع العربي في ذلك الحين، من خلال شخصيات ليست من كبار الصحابة المعروفين.
وأشار إلى أن مشروعه الحالي هو استكمال عدد من اعماله الدرامية والتلفزيونية وتحويلها إلى أعمال روائية ومنها (ملوك الطوائف)، وهناك عمل قديم له خصوصية خاصة وهو ملحمة (الحب والرحيل) عن حرب البسوس التي تعتبر واحدة من أعظم الملاحم التاريخية التي لم يتنبه إليها العرب والكتاب.
جدير بالذكر أن معرض عمان الدولي أقام ندوة تكريمية أول أمس السبت للدكتور والأديب (وليد سيف) كشخصية المعرض الثقافية، وخلال هذه الندوة تم مناقشة أعماله الشعرية والدرامية بمشاركة نقاد، وأدباء.
مثقف شمولي، وفيلسوف وكاتب دراما
استهلت وزيرة الثقافة (هيفاء النجار) الندوة بكلمة رحبت خلالها بالدكتور (وليد سيف) في معرض (عمان الدولي للكتاب) الذي وصفته بالمعرض الأول في المئوية الثانية، مشيرة إلى أن الدكتور سيف الذي تم تكريمه بوسام الاستقلال من الدرجة الأولى نراه كمثقف شمولي، وفيلسوف وكاتب دراما، ومواطن يقدم الصالح العام، ونموذج إنساني يتميز بالكفاءة والنوعية والامتياز، والنزاهة، والإبداع، ويستحق التكريم أيضا بشخصية المعرض الثقافية لهذا العام.
وليد سيف الشاعر
رأى الناقد والمترجم (فخري صالح) في مداخلته في الندوة التي جاءت بعنوان (وليد سيف شاعرا): أن الدكتور سيف ليس كاتب دراما بل شخص عامل في حقول عديدة في الانتاج الثقافي، بدأ شاعرا بارزا في بداياته في سبعينيات القرن الماضي لفت الأنظار في منجزة الشعري حيث كان يكتب بين كوكبة مختلفة من الشعراء العرب.
وأضاف: إن تجربة سيف الشعرية شهدت حركة تطور سريعة جدا في التجربة ونضوج الصوت الشعري لديه، وهناك قفزة وعثور على الصوت الشعري الخاص به، وكان ينشر شعره بين شعراء كبار مثل (بدر شاكر السياب) وغيره من الشعراء، كما كان يكتب ملحمية شعرية تستفيد من أساطير الخصب والرموز الموجودة في شعر غيره.
وبين الناقد فخري صالح: أنه من الصعب أن تكتب تاريخ الشعر في الأردن وفلسطين بدون أن تذكر اسم الشاعر (وليد سيف) الذي له صوته الخاص كما قلنا، وقصيدته مختلفة عن شعراء جيله، مشيرا إلى أنه على الرغم من توقفه عن نشر الشعر فأنني لا أنظر له إلا شاعرا كبيرا، وأجد في كتاباته الدرامية شيء من شعره، وتغريبته هي مواصلة للتغريبة في شعره عندما يكتب، وتركيزه على الكتابة عن الأندلس جزء من الحديث عن الكتابة عن التغريبة الفلسطينية.
التغريبة الفلسطينية
أما أستاذة النقد الأدبي الحديث الدكتورة (رزان ابراهيم) فتناولت في ورقة بعنوان (التغريبة الفلسطينية)، بينت خلاله : أن فلسطين قضية عاشت في قلب (وليد سيف) وشكلت وعيه ووجدانه وأحلامه وشرط وجوده، وأن التغريبة الفلسطينية كعمل درامي وروائي يصدر قريبا في جزئين، قدمت سجلا تاريخيا للاحداث من خلال شخصيات من لحم ودم بأنماط إنسانية مختلفة رأينا معاناتها ماثلة أمامنا على خلفية القضية وتطوراتها.
وقالت إنها لاقت صدى واسعا على الصعيد الدرامي حيث كرمه إتحاد الإذاعات العربية التابع للجامعة العربية ومنحه جائزة تقديرية، وجائزة الدولة التقديرية في الأردن، مضيفة أن هناك جيلا جديدا من الشباب الذين لم يشهدوا النكبة أو النكسة، أصبحت (التغريبة) سجلهم الذي تعرفوا من خلاله على تفاصيل ما حصل، وتراهم يقتبسون ويضعون على صفحاتهم عبارات ومشاهد مقتطفة من التغريبة.
وأضافت الدكتورة (رزان ابراهيم): أن (التغريبة) تركت أثرا وجدانيا عظيما في نفوس المشاهدين بسبب اعتناء المعالجة الدرامية بالتفاصيل الواقعية، حتى إن الذين شاهدوها من الفلسطينيين وجدوا فيها مرآة لحياتهم وأهلهم، ووجدوا أنها صورة من آبائهم وأجدادهم وأقاربهم، وأنها كانت تروي قصصهم الخاصة بقدر ما كانت تروي قصة الشعب الفلسطيني، وبالتالي فإن الصور والحكايات الواقعية في هذه (التغريبة) روت القضية العامة للفلسطينيين، وكذلك روايتهم الشخصية، فوجدوا أنفسهم يعيشون القضية من جديد بكل آلامها وأحزانها وآمالها، الكل وجد نفسه حاضرا فيها في موضع منها أو حدث أو موقف.
واشارت إلى أن المعالجة الدرامية السردية في (التغريبة) لم تنزلق إلى تقديم صورة مثالية رومانسية للواقع الاجتماعي الفلسطيني بما ينجم عنها من ترويج دعائي ساذج وشعارات رنانة، فعلى الرغم من نبل القضية وسموها وكفاح الشعب الفلسطيني في وجه ظروف قاهرة، لم تخجل (التغريبة) من تجسيد الكثير من عيوب المجتمع وتناقضاته وصراعاته الداخلية وبعض مظاهر التخلف في ثقافته العامة والصراعات الطبقية والمظالم التي تقع على المرأة، إضافة إلى إنصاف المخيم الذي يحضر بوصفه بطلا جمعيا فلسطينيا ووعاء للذاكرة الفلسطينية، حاضنة الكفاح والمقاومة قبالة الوصمة التي أنزلت عليه حتى من سائر المجتمع الفلسطيني، وهنا كتابة منحت العمل فرصة عظمى لرفع المخيم إلى ما يستحقه من التقدير في الوجدان الفلسطيني، اعتذارا بالنيابة عمن ظلموه بصور نمطية سلبية.
إثراء المشهد الثقافي
أما الكاتب (معن البياري) الذي أدار الندوة، فأشار إلى أن الدكتور والأديب (وليد سيف) من الذين أثروا المشهد الثقافي العربي في صنوف مختلفة من الأدب، إلى جانب إسهاماته في التربية والتعليم، مبينا أن هذه الندوة اليوم جاءت اليوم كنوع من الوفاء للدكتور سيف الذي تميزت أعماله على مدى تجربته الطويلة، فهو الكاتب الدرامي الأبرز عربيا المعني بتقديم وقائع من الماضي وصناعة جمال إبداعي.
وفي نهاية الاحتفالية التي حضرها وزير الثقافة الفلسطيني الدكتور (عاطف أبو سيف)، ورئيس اتحاد الناشرين الأردنيين ومعرض عمان للكتاب جبر أبو فارس، وناشرين أردنيين وعرب، وعدد كبير من محبي شخصية لمعرض الثقافية، أجاب الدكتور سيف على أسئلة الحضور التي تمحورت حول أعماله الأدبية، وفلسفته في التعامل مع التاريخ، ومشروعه الجديد في تحويل أعماله التلفزيونية إلى أعمال روائية منشورة.