بقلم الإعلامية الكبيرة : هدى العجيمي
كان المشروع الذي كلفت به الوزارة الممثل (زكي طليمات) بعدعودته من البعثة في باريس هو عمل دراسة ميدانية عن المسرح المصري فوافق على ذلك وقدم للوزارة تقريبا، بنتيجة عمله قامت الوزارة بتشكيل لجنة تضم (الدكتور طه حسين وعباس محمود العقاد ومحمود عزمي) للعمل مناقشة حول هذا التقرير، فوجدوا فيه الحاجة إلى بداية حركة مسرحية جديدة ونشر التقرير في جريدة (الأهرام) في الصفحة الأولي فقامت معركة كلامية بيني وبين بعض الناس الذين ينصفون الحقيقة والناس الذين لايريدون الخير ولا تقدم البلد ونهضتها.
وكنت أنا علي حق وقامت اللجنة بالموافقة على إنشاء معهد للتمثيل، وكنت عندما كتبت التقرير متاثرا بأجواء مسارح باريس ففكرت في إنشاء معهد للتمثيل من أجل الممثل والمخرج والجمهور، وكنت وقتها أضيق بما يحدث من الناس في مصر، فقد كان كل واحد يشتغل على مزاجه بدون دراسة أو علم فأدركت أن العلم يأتي عن طريق المعهد، وعندما أعلنا عن فتح باب التقدم للدراسة في المعهد جاءني 900 شاب وأربع أو خمس فتيات فقط، وكان أكثر من تقدموا حاصلين على الشهادة الابتدائية، وكنت قد طلبت الحاصلين علي الثانوية وعمره ما بين 16 و 26، وكانت المشكلة في العنصر النسائي.
قلنا نعطي للفتيات منحة مالية هى أربعين أو خمسين جنيها جاءت (زوزو حمدي الحكيم ورفيعة الشال وروحية خالد)، وكانوا قد أتموا الدراسة الابتدائية، وتضمنت الدراسة مادة الإلقاء وفن الممثل وحرفية المسرح وأيضا الالعاب الرياضية وحمل السلاح وأيضا فن الرقص الذي جر على المتاعب، وكنت أقصد بالرقص حركة الجسم ونشاطه، إنه يسمو بالجسم، وكنت أدافع عن ذلك وأقول إنه ليس رقص البطن إنما هو ما نراه في الأوبرا من الفرق العالمية، وكنت قد سمعت عن عالم في فن الرقص وهو فن (الحركة الرشيقة) التي تتماشي مع الكلمة، أي أن الرقص يعبر عن الكلام، وأخذنا نبحث عمن يدرس الرقص الايقاعي وذهبنا إلى اوروبا في رحلة البحث.
وكانت الدراسة في المعهد تجتذب الناس، وكنت حريصا على ترجمة الألفاظ الأوروبية إلى العربية مثل كلمة (الكواليس)، عملنا مسابقات لاختيار مسرحيات مترجمة كان يترجمها شخص واحد ويراجعها اثنان، ونشأت في المجتمع حركة معارضة لإنشاء المعهد والمواد التي تدرس فيه، هاجمني المتزمتين وكنت أرد عليهم، ورغم هذا سارت الدراسة وأحس بها الجمهور، لكن ظلت المضايقات من خارج المعهد على أشدها فقد أصبح المعهد في عين الجماعة المتحفظين هو عبارة عن ولد يقبل فتاة ويعانقها،
وقد بذلت جهدا كبيرا للرد على هؤلاء، لكن أين اجد وقتا لكل هذا؟.
جورج أبيض كان يدرس الإلقاء والتمثيل وأنا كنت أدرس حرفية المسرح، وكانت المتاعب موجودة أيضا في المعهد، الأساتذه يغيرون من بعض كل واحد يريد أن يعلم الطلاب مادة معينة بحجة أنه هو الأجدر، السيدة التي تعلم الرقص شعرت أنني غير مقتنع بها كان وزنها سبعين أو ثمانين كيلو، ومن أجل موضوع الاختلاط بين الاولاد والبنات عملوا لجنة، قالت في تقريرها إن اللقاءات بريئة وواضحة في وضح النهار، لكن المتزمتين استمروا في هجومهم واضطررت للرد عليهم.
ورغم هذا مشيت في طريقى وتقدمت الدراسة وأحس بها الجمهور، ونشأ رأي جديد في نفس الموضوع وهو بمنع وقوف البنت على المسرح أمام الولد، فماذا أفعل في مسرحية عن (قيس وليلى)؟، هل استبدل الفتاة التي تؤدي دور (ليلى) برجل يؤدي الدور؟، وقال بعضهم تعمل عرايس بحجم البنت وتجملها وتجعلها تقف على المسرح بدلا من أي فتاة، أو نعد مسرحيات بدون، شعرت بعد هذه الاقتراحات بحركة غريبة تحدث في المجتم ، وكانت سنة حافلة بالانفعالات الشديدة، أجهدتني نفسيا وعصبيا لكن كانت هناك مشاكل فنيه أخري تتعلق بتعليم التمثيل والإلقاء .