* حظى إقتراح تكريم د.عمرو دوارة هذا العام بإجماع منقطع النظير مما يؤكد تقدير الجميع لإبداعاته وثراء اسهاماته
* كان حصوله على جائزة الدولة للتفوق في الآداب عام 2022 ومظاهرة الحب التي شارك فيها مايقرب من ألف مسرحي بمصر والوطن العربي بمثابة استفتاء شعبي على تقدير جهوده
* بالرغم من تكرار تكريمه بعدد كبير من المهرجانات المحلية والعربية والدولية إلا أن المؤسسة الرسمية التي يحكمها التوازنات لم تكرمه خلال جميع دورات المسرح القومي أو التجريبي.
بقلم الناقدة المسرحية الكبيرة : د. وفاء كمالو
انتشرت في الفترة الأخيرة ظاهرة تنظيم المهرجانات الفنية بصفة عامة والمسرحية بصفة خاصة، ومما يدعو للدهشة أن جميع اللجان المنظمة لها قد حرصت على أن تتضمن فعالياتها تكريم أكبر عدد ممكن من النجوم والفنانين بوصفهم عامل جذب جماهيري وإعلامي أيضا، ولكن المتابع لهذه الظاهرة يمكنه رصد تعاظم ارتفاع بعض الأصوات الجادة للاعتراض على تلك الاختيارات العشوائية للمكرمين خاصة مع غياب معايير الإختيار الموضوعية، لدرجة أن قائمة المكرمين ببعض المهرجانات – وبخلاف تكرار تكريم بعض الأسماء بها – قد تضمنت التكريم لبعض رموز الفرق الخاصة التجارية، وكذلك لبعض النماذج المسيئة للفن والفنانين والتي لا يمكن تقديمها أبدا كقدوة للأجيال الحالية.
وظاهرة الاعتراضات الكثيرة على قائمة المكرمين تتكرر أيضا غالبا كل عام عند الإعلان عن أسماء الفائزين بجوائز الدولة (التشجيعية، التفوق، التقديرية، النيل)، فكثيرا ما تتدخل المجاملات والمصالح المتبادلة في الاختيارات، وبالتالي يتم استبعاد كثير من المستحقين من أجل منحها لبعض كبار المسئولين أو بعض مشاهير النجوم أصحاب النفوذ.
ولذا فإن الموضوعية تقتضي ضرورة البدء الفوري في وضع معايير محددة وحاسمة عند تشكيل اللجان من نخبة من المتخصصين المشهود لهم بالكفاءة والنزاهة، وذلك مع ضرورة مراجعة اللوائح وتطبيق بنودها بكل دقة، وخاصة تلك البنود التي تنص على استبعاد جميع المسئولين من الترشيحات، وذلك مع ضرورة تضمنها للمعايير المحددة والواضحة لحيثيات منح كل جائزة.
والحقيقة أن ما أثار هذا الموضوع خلال الفترة الأخيرة وجدد الأشجان هي مظاهرة الحب – غير المسبوقة – التي قوبل بها إقتراح الزميل الناقد الجاد (أحمد عبد الرازق أبو العلا) الذي كتب في أول سبتمبر الماضي 2021 مقال بعنوان: (علي هامش المهرجان القومي للمسرح المصري): (حينما أقرأ أن التكريم في المهرجان القومي للمسرح المصري المُزمع إقامته في سبتمبر الحالي، حدد من ضمن معاييره – التي لا نعلمها – معيار (كبار السن) أي أن يتم اختيار بعض المكرمين من كبار السن !! وهذا المعيار – لو صح – فإنه مُضحك ، ويكشف عن نوايا غير مستحبة تحكم عملية الاختيار من قبل اللجنة العليا للمهرجان، ومن هنا أقول: إن هناك من يستحقون التكريم بجدارة، بعيدا عن هذا المعيار المُضحك، بل والمُهلك من الضحك، وفي مقدمة من يستحقون التكريم المُخرج والناقد والمؤرخ المسرحي د.عمرو دوارة، ليس لأنه صديقي ولكن لأنه يستحق التكريم عن جدارة بإجماع عدد كبير جدا من المسرحيين.
فهو الناقد والباحث والمؤرخ المسرحي الذي كتب مئات المقالات والدراسات والأبحاث ونشرها في كتب صدرت عن هيئات وزارة الثقافة .
وهو مؤسس (الجمعية المصرية لهواة المسرح) منذ عام 1982 والتي مازالت تعمل بنشاط حتى الآن، ونظم من خلالها عددا كبيرا من المهرجانات ومن أهمها مهرجان المسرح العربي بدوراته الخمسة عشرة، وقبلها نفس العدد مهرجانات متنوعة.
وهو مخرج متميز أخرج أكثر من ستين عرضا مسرحيا بجميع تجمعات الهواة وبمسارح الثقافة الجماهيرية وأيضا بفرق مسارح الدولة ومن أهمها: السلطان يلهو، يوم من هذا الزمان، ملك الأمراء، خداع البصر، سوق الشطار.
كما أخرج خمسة عروض في مجال مسرح الطفل أغلبها من انتاج مسرح الدولة أيضا .
حاز علي العديد من الجوائز في مجال الإخراج المسرحي ببعض المهرجانات المحلية والدولية.
قدم أكثر من خمسة وثلاثين كتابا – عدد منها في مجال التوثيق المسرحي – كان آخرها الموسوعة المسرحية المصورة، التي تتكون من سبعة عشر جزءا، وهو عمل كبير ومهم لم تستطع المؤسسة الرسمية أن تقوم به، برغم وجود مركز متخصص لهذا النشاط، وهذا العمل التوثيقي الكبير – وحده – يكفي لتكريم الرجل .. لو كان معيارنا هو الدور والتأثير وقيمة الإنجاز .
لكل هذا وغيره ، أقول ليس لأن د. عمرو دوارة صديقي أدعو إلي تكريمه ولكن لأنه يستحق يا سادة، دعونا نشعر أن واقعنا المسرحي ليس بكل تلك الصورة من القتامة التي تتم بأيدي المسرحيين أنفسهم، دعونا من فضلكم نشعر بالأمل والموضوعية أيضا).
وبعدما وجد كثير من التعليقات الإيجابية على اقتراحه قرر إثارة القضية مرة أخرى فكتب تنويها بتاريخ 2 سبتمبر تضمن ما يلي: (عندما كتبت عن د.عمرو دوارة كلمات تحت عنوان: (ليس لأنه صديقي .. ولكن لأنه يستحق) أطالب بضرورة تكريمه بالصورة التي تليق بدوره ونشاطه في مجال المسرح المصري .. لم أفاجأ بذلك السيل من التأييد والتأكيد علي صحة هذا الترشيح – علي صفحتي – من قبل كبار المسرحيين من النقاد والفنانين من مصر والوطن العربي وذلك لأنه يستحق بالفعل) .. والسؤال :ألم يلتفت إلي ذلك عضو واحد من أعضاء اللجنة العليا للمهرجان (القومي للمسرح المصري) ؟ أو الهيئات المرشحة لجوائز الدولة .. أنني أرى على الأقل ضرورة ترشيحه لجائزة الدولة التقديرية ومنحها له فهو بحق جدير بها).
وبرغم تلك الخلافات الكبيرة في وجهات النظر – التي يعلمها الجميع – بين كل من الناقد (أحمد عبد الرازق أبو العلا) والدكتور (علاء عبد الهادي) رئيس النقابة العامة للكتاب المصريين والعرب إلا أنهما قد اتفقا معا حول ضررة تكريم د.عمرو دوارة، وذلك حينما وافق مجلس إدارة الاتحاد بإجماع الأصوات على ترشيح د. دوارة لجائزة الدولة للتفوق، ووهو الإقتراح الذي وجد ترحيبا كبيرا من المسرحيين والأدباء ليس بمصر وحدها بل وبمختلف الدول العربية أيضا حيث بادر بالمشاركة وتسجيل التأييد والموافقة على ضرورة التكريم كبار النجوم والشخصيات العامة ولدينا قائمة طويلة جدا من الأسماء.
وأخيرا إنني أرى بكل الصدق أن التكريم الذي حظى به الصديق والزميل الناقد د.عمرو دوارة في هذا الاستفتاء الشعبي هو في حد ذاته يمثل أكبر تكريم يليق بفنان موهوب وهب حياته للمسرح وفنونه، وأنه يمثل من زاوية أخرى تكريم لجيل كامل من المبدعين وخاصة زملائه من جيل ثمانينات القرن العشرين، وسواء تداركت المؤسسات الثقافية الموقف لحفظ ماء وجهها أو لم تتدارك فإن أعماله الإبداعية باقية وسيأتي اليوم الذي ينصفه فيه التاريخ كما نصفه كبار المسرحيين حينما أطلقوا عليه لقبي: (جبرتي المسرح العربي، وحارس ذاكرة المسرح المصري)، ويكفيه فخرا أنه الوحيد الذي نبهنا إلى ضرورة الاحتفال بذكرى مرور 150 عاما على تأسيس المسرح المصري المعاصر، وهي المبادرة التي اعتمدتها بعد ذلك وزارة الثقافة عام 2020، واتخذتها شعارا لثلاث دورات متتالية للمهرجان القومي للمسرح المصري، بدءا من الدورة الثالثة عشر عام 2020 وحتى الدورة الخامسة عشر 2022.