بقلم : بهاء الدين يوسف
العنوان الذي اخترته لمقال هذا الاسبوع يمثل واحدة من أكثر الجمل استفزازا في الشارع المصري حين يتعامل البعض ممن يصطلح على تسميتهم النخب بتعالي ليس فقط مع رجل المرور أو الشرطة أو حتى فرد الأمن في مكان ما، ولكن يصل الأمر بهؤلاء إلى الاعتقاد بأنهم فوق القانون نفسه باعتبار أنه وضع للفقراء والغلابة الذين لا واسطة ولا ظهر لهم في البلد.
ما استدعى الجملة الكريهة إلى عقلي الواقعة الأخيرة التي كان بطلها مغني يدعى (حمو بيكا) الذي لا أعرفه في الحقيقة ولا أريد أن أعرفه، مع ضابط مرور شريف حين طلب منه إبراز رخصتي القيادة والسيارة وهو حق طبيعي لأي ضابط في كمين مروري، وكان يمكن أن يمر الموقف ببساطة شديدة لولا أن الرجل الذي ابتلينا به في الزمن الردئ وابتلي به ما يعرف بالفن الشعبي رأى أن طلب الضابط يمثل إهانة كبيرة لفنه الذي يستمتع به أصحاب الذوق الهابط ممن وصموا مصر عبر تشجيع قلة من العاطلين الذين لم يفلحوا في أي مهنة فرأوا في الغناء (الكلشن كان) وسيلة للتكسب.
الكابتن (حمو بيكا) الذي بات نجما للمهرجانات داخل مصر وخارجها في السنوات الأخيرة، لم يرضخ لطلب الضابط وقرر تصعيد الأمر، وأمام إصرار الضابط على ممارسة حقه قرر (حمو بيكا) الاستعانة بصديق وكان مدير أمن الجيزة بحسب ما نشر في مختلف وسائل الإعلام، حيث اتصل به المطرب المغرور عبر الموبايل قبل أن يقول للضابط بكل عنجهية (خد مدير أمن الجيزة عايز يكلمك)، ولولا أن الضابط المحترم يعرف القانون وواجبه جيدا ورفض الاستجابة لطلب المطرب وأصر على اتخاذ الإجراء القانوني ليبرد صدر عشرات الملايين من المصريين بأن هناك في مصر من يحترم القانون ويسعى لتطبيقه على الجميع دون تمييز.
قصة (حمو بيكا) وتعاليه على القانون ليست الأولى وبالتأكيد لن تكون الأخيرة، حيث يتبنى بعض الفنانين الشعار الذي ارتبط بالنادي الأهلي وهو (فوق الجميع) دون أن يضعوا في اعتبارهم أن الراحل (صالح سليم) حين أطلق هذا الشعار في انتخابات مجلس إدارة النادي عام 1992 كان يقصد به أن النادي فوق الأشخاص وليس فوق القانون بالتأكيد.
في إطار اعتقاد الفنانين بأنهم (فوق الجميع) قرأنا في الأيام الماضية كذلك تصريح غريب للفنان (أحمد ماهر) بضرورة تخصيص شاطئ خاص للفنانين لأن صدره يضيق من رغبة (السوقة والعامة والدهماء) من الأفراد العاديين في التحاور معه وسؤاله عن أحواله ومعرفة سبب اختفائه عن الشاشة منذ سنوات.
ليس بعيدا عن هاتين الواقعتين (خناقة) المطربة (شيرين) مع جارها الممثل (شريف منير) حين تجرأ “علما بأنه ليس من العامة والسوقة والدهماء بعتاب المطربة على إهمالها الذي تسبب في سقوط مياه أجهزة التكييف في منزلها بجانب قطع من الرخام على شقته، كادت بعضها تصيب إحدى بناته، فما كان من السيدة التي شغلت مصر كلها في الفترة الماضية بتفاصيل علاقتها الزوجية مع طليقها سوى أن إهانته بألفاظ نابية يعاقب عليها القانون، مما دفعه لتحرير محضر شرطي ضدها.
السؤال الذي يحضرني تعليقا على عشرات الوقائع المشابهة لعديد من الفنانين، هو كيف نطلب من الشباب أن يحترموا القانون و يلتزموا بتطبيقه إذا كان من يعتبرهم المجتمع قدوة لهم يتفاخرون بأنهم فوق القانون وفوق المجتمع ذاته؟!