كتب : محمد حبوشة
حسنا فعل ( المجلس الأعلى للإعلام)، برئاسة الكاتب الصحفي (كرم جبر) بإيقاف هذا النموذج السيئ للبرامج مثل (إيمي تاتوتو) الذي لايسئ إلى الإعلام فحسب بل هو بمثابة إساءة واضحة للمجتمع بكل فئاته، فمفروض أن الإعلام سلطة رابعة تمارس دور الرقيب الحريص على مصالح الناس، وعلى نقل الحقائق لهم دون تزييف أو تزوير أو نفاق، لكن لوقت قريب لا يبدو أن هذا المفروض أصبح متوقعا في ظل تلك الفوضى العارمة في مصر، لأن الإعلام في كل مكان من هذا العالم لم يعد إعلاما حرا يخدم كل الناس، وإنما هو إعلام ممول في الغالب من جهات متنفذة أو ثرية معنية بالترويج لنفسها أو لأفكارها وسياساتها.
هبوط الإعلام إلى مستوى خداع الناس يشمل العالم الغربي أيضا لأن وسائل الإعلام الغربية متأثرة فكريا وثقافيا بجهات معينة، وقادرة على الاستمرار في البث أو الطباعة بمساعدة تجارة الإعلانات التي يمارسها الإعلاميون مع الشركات الرأسمالية الكبرى، وهذه وسائل ذات مواقف سياسية واجتماعية وثقافية تؤثر بصورة خطيرة على موضوعيتها ورغباتها في نقل الصورة كما هى إلى عموم الناس، وتختلف وظائف الإعلام بين المجتمعات فمنها تزويد الأفراد بالمعلومات المهمة والضرورية لفهم المجتمع والعالم المحيط بهم والتواصل بطريقه سليمه وأيضا تحقيق التنشئه الاجتماعيه عن طريق توفير المعرفه المناسبه للافراد مما يساهم فى تعزيز تفاعلهم مع المجتمع وعمليه تبادل الأفكار.
ومن ثم للإعلام تأثير يمكن أن يكون سلبى أو إيجابي فمن الناحية الإيجابية فإن للإعلام تأثير اقتصادى عن طريق التحفيز لشراء المنتجات وذلك يعزز الاقتصاد وأيضا له تأثير اجتماعى فيساهم الإعلام فى التأثير على المجتمع بسبب استخدام مجموعه من الوسائل الإعلامية في التواصل مع الافراد مثل التلفزيون واقناعهم بأراء معينة، لكن أن يتم إنتاج برامج (لكل من هب ودب) لمجرد شراء ساعات للبث، حيث يخرج هؤلاء الجهلاء لنشر البذاءة في شكلها السيء على غرار المدعوة (إيمي تاتو) التي لا تملك من مواصفات الجمال أو اللياقة أي شيئ سوى أنها تدفع مقابلا ماديا لتخرج علينا بصفاقة وعدم دراية بأصول مهنة الإعلام لـ (تطرش) في وجوهنا قازوراتها القادمة من بلاعة الفناء الخلفي للإعلام، وذلك لمجرد أنها تخرج علينا بشعر أصفر كثيف، بين الكيرلي والغجري، ومكياج صارخ بألوان صريحة وثقيلة، وأكثر من رسمة (تاتو) على مختلف مناطق جسدها.
ويبدو لي أن المجلس أدرك مؤخرا التأثير السلبى على المراهقين والمجتمع بصفة عامة، حيث أن وسائل الإعلام وبشكل خاص التلفزيون والإعلام الإلكترونى قد لعب بشكل كبير على نقل عادات وثقافات الشعوب الغربيه وتشجيع المراهقين على ممارستها واعتناق أفكار جديدة لا تتناسب مع تقاليد وأعراف مجتمعاتنا وأيضا بعض وسائل الإعلام تقوم بتجميل أو تقبيح للوقائع بشكل مبالغ فيه وأحيانا ببث أمور مخالفة تماما لما هى عليه من أجل تحقيق غايه ما، وهذا يجعل المراهقين والمواطنين فى حيرة من أمرهم فيخلق لديهم ازدواجية فكرية، ولحمايه المجتمع من الآثار السلبية للاعلام فلابد من التمييز بين الأعلام الصادق والمفيد، ويتمثل فى الاعلام الوطنى الذى يهدف لإظهار الحقائق وليس الإعلام السيئ الذى يبث المعلومات المغلوطة وأيضا تنميه القيم الثقافية والحضارية منذ الصغر للأطفال حتى لا يتم التأثير عليهم بشكل أو بآخر.
لقد استفزني إعلان يتحدى قرار المجلس الأعلى للإعلام في إصرار بالغ الاستهتار بقيم المجتمع يقول: انتظرونا على (قناة الشمس)، مع (إيمي)، في برنامج (ضي القمر) فور إعلان المدعية أنها خبيرة التجميل (إيمي تاتو) ظهورها في إحدى البرامج التلفزيونية على نفس القناة، وهو ما أشعل وسائل التواصل الاجتماعي، وظهر سيل من الانتقادات الواسعة يرفض وجود (إيمي) كإعلامية، لأنها كما يبدو من شكلها العام لا هى خبيرة تجميل ولاهى درست الإعلام وليس لها علاقة به، كما وصفوا طريقتها بأنها (غير لائقة)، كل ما في الأمر – على حد تعبير إحدى رواد مواقع التواصل الاجتماعي – أن (إيمي تاتو) أصبحت مذيعة (راس براس مع اللي تعب واجتهد سنين)، مضيفة (عاوزين نعيط على شقى السنين)، وغيرها من عشرات التعليقات التي هاجمت (إيمي) رافضين مساواتها بالإعلاميين، وناشدوا نقابة الإعلام بوقف هذا الأمر، لذا تصدرت مشكلتها السوشيال ميديا على مدار اليوميين الماضيين.
آثارت (إيمي) الجدل أكثر من مرة بسبب أسلوبها وبعض (الإفيهات) التي تقولها خلال فيديوهاتها، وكان أشهرها (الإيد الساندة أحسن من الإيد الساجدة)، والذي احتل الترند من قبل لأيام طويلة، وتداوله عدد من نجوم الفن على (تيك توك)، وعلقت إيمي على أزمتها الأخيرة على صفحتها بفيسبوك قائلة في تحد سافر واستهتار بالمهنية: (بصراحه مش عارفه ليه حصل غضب علي السوشيال ميديا، وخصوصا عند بعض الإعلامين، وخصوصا المبتدئين، الموضوع أخد أكبر من حجمه، الموضوع كله كان فقرة في برنامج تقدمه مذيعة أصلا، اكتمال الموضوع أو نهيه ولا فرق معايا).
وعلى الرغم من الانتقادات الواسعة التي تلاحق (إيمي تاتو) دائما، والتي كانت سبب في وقف برنامجها، ولكن يوجد عدد من رواد السوشيال ميديا يدعمها ويرى أنها فقط تقدم فقرة ببرنامج، وتتحدث من خلاله عن تخصصها، فقد كتبت الإعلامية المأفونة (ريهام سعيد) على صفحتها الشخصية بموقع فيسبوك: (يا عالم الرحمة، إيمي تاتو مش طالعة مذيعة على قناة الشمس، دي فقرة في برنامج ليه مذيعة والفقرة تتكلم عن التجميل اللي هى أثبتت كفاءتها فيه، ولست أدري لماذا تسمي (ريهام سعيد) المطرودة من جنة الإعلام على جناح زيفها وتلفيقاتها الفاضحة تجميلا من الأساس يأتي بألفاظ (إيمي القبيحة والنابية)، كفانا عبثا وتشويا متعمدا لصورة الإعلام المصري الذي كان رائد بقيمه وأخلاقياته النبيلة.
يجسب لـ (قناة الشمس) المملوكة لسميرة الدغيدي أنها أصدرت بيانا أعلنت فيه التزامها بقرار المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام بوقف البرنامج، ولقد كان قرار صائبا من جانب إدارة (قناة الشمس) التي قالت في بيانها الذي أعلنت فيه متابعتها باهتمام ردود الفعل لدى رواد السوشيال ميديا والتي ظهر خلالها تحفظاتهم على فكرة برنامج مختص بالتجميل يضم مجموعة من الخبراء والمختصين بالتجميل من مشاهير السوشيال ميديا، ومحتواه مما استدعاها بالاستجابة وإلغاء البرنامج قبل ظهوره؛ بما يتناسب مع احتياجات المشاهدين ورغباتهم التي تكن لها كل احترام و تقدير؛ وبما يتوافق مع مواثيق الشرف المهنية والإعلامية.
وأوضحت القناة، حقيقة ما أثير خلال الساعات الماضية على مواقع التواصل الاجتماعي حول إنتاج القناة لبرنامج مختص بالتجميل يضم مجموعة من الخبراء والمختصين بالتجميل من مشاهير السوشيال ميديا؛ وفي سبيل تحقيق ذلك بدأت القناة فعليا بالاتفاق مع ضيوف ومذيعين لتقديم هذا المحتوي؛ على أن تستكمل كافة الإجراءات بتوفير التصاريح اللازمة من كافة الجهات المسؤولة قبل ظهور البرنامج فعليا على شاشتها، وبالفعل لم يتم إذاعة أي محتوى خاص بالبرنامج على شاشة القناة أو منصاتها على مواقع التواصل الاجتماعي.
وأكدت (قناة الشمس) الفضائية احترامها وتقديرها للمجلس الأعلى للإعلام و نقابة الإعلاميين لحرصهم الدائم على ضبط المنظومة الاعلامية والحفاظ على الذوق العام، وجددت (قناة الشمس) التزامها بكافة المواثيق والأكواد الإعلامية التي أصدرتها هذه الجهات المحترمة، مؤكدة حرصها على دعم الشباب والكوادر الإعلامية لإتاحة الفرصة وكافة وسائل الدعم لهم؛ حتى يتسنى لهم الانخراط في سوق العمل الإعلامي والمساهمة في إيصال الرسائل الإعلامية الهادفة التي من شأنها تحقيق الوعي المجتمعي.
وفي هذا الصدد نلفت نظر (المجلس الأعلى للإعلام) أن هناك الكثير من القنوات التي تقدم العديد من البرامج التي بلا قيمة، ونرصد له أبرز القنوات التي تبيع الهواء للراغبين في تقديم البرامج، ومنها قناة (الحدث اليوم)، وهى قناة مصرية متنوعة، ومن أهم برامجها: برنامج (حكايات، من الجاني، كلام فاخر، بتوقيت الحدث، بالطو أبيض، الموعد، معانا وبس، ملعب الناشئين، أسيست، حراس الوطن)، وهى جميعها برامج لا تلتزم بالمهنية لأنها مدفوعة الثمن، كذلك (قنوات النهار) التي تقدم شعار (اللي جاى أحلى)، وتقدم مجموعة كبيرة من البرامج، مثل: برنامج الطبخ (أكله بيتي) ، و(مطبخ هالة) ، برنامج (الستات) وهى برامج لا ترقى إلى المستوى المطلوب.
ونفس الشيئ ينطبق على قناة (الصحة والجمال) التي تعتبرنفسها أول قناة طبية في مصر والوطن العربي، ومن أشهر برامجها (sms، هو وهى، اختار طريقك، حكايات آدم وحوا، الكوبر، مصر هذا المساء، كلام سليم، شمس كل يوم، أسرار الحياة، حكايتنا، ذا جيم، كواليسنا أون إير)، ولعلها برامج غير محسوسة ولا تحظى بجماهيرية تضمن استمرارها بهذا الشكل المزري.
ومن الآن فصاعدا ينبغي على المجلس الأعلى للإعلام وقف مهزله الإعلام المرئي الآن، خاصة أن هنالك في الخلفية بيع الهوا من خلال أطباء حديثي التخرج يشترون هواءا ويمجدون أنفسهم، أو كوافيرات من الذين يطلقون على أنفسهم (بيوتي سنتر)، حتي المروجين لفلاتر المياه، وكأنهم يتبعون المثل القائل: (معاك قرش اشتري واطلع ولعلط وبلبط كما تشاء)، لقد تحولت تلك النماذج فجاة لظواهر إعلامية فجة وصارخة بالتفاهة، ولهم سماسرة سيدات المجتمع من الصف الأول (علي سن ورمح)، لأن هذه لعبة منفعة ومصالح (شيلني وأشيلك ويلا نقوي ببعض)، لكن خلف الصورة عفانة ونفاق حتى أصبح المشهد بزرميط.