بقلم علي عبد الرحمن
مصر ولادة، هكذا توصف أم الدنيا لكثرة نابغيها وروادها في مجالات عدة، فمنذ فجر التاريخ ومصر تقدم للعالم فكرا وعلما وإنجازا، منذ السبق الفرعوني في كل مجال مرورا بنوابغها علما وفنا في عصور اليوناني الروماني والقبطي والإسلامي، فقد قدمت رصيدا كبيرا ضمن عباقرة الحضارات المتعاقبه عليها، ثم في عصريها الحديث والمعاصر قدمت نوابغ الفن والأدب والعلم والرياضه والتلاوة ممن أفادوا البشرية، وكرمتهم دول العالم بدءا من الأوسمة والناشين والدروع وحتي أم الجوائز (جائزة نوبل)، وكان ذلك لأن مجال تبني وصقل ودعم المواهب لم يكن هدفا بذاته بل كانت مجهودات فردية للنوابغ أو جهة تابعين لها.
ولحسن الحظ أن نوابغ مصر مها علا شأنهم لايبعدون كثيرا عنها بل يرجعون ويسهمون في تطورها وإنجازاتها، وهكذا فعل (الدكتور زويل – رحمه الله، والسير مجدي يعقوب، والباز والنشائي وحجي وعازر)، وكلهم أعلام للبشرية جمعاء، وسمعنا مرار عن مدارس الموهبين وأكاديميات ومسابقات المواهب وبرامج اكتشاف المواهب، وكلها تجارب ناقصة لم تفرز شيئا يذكر.
ولما كانت مسئولية اكتشاف المواهب وصقلها والدفع بها في مجال تخصصها وهى (صناعة النجم الموهبة) هي عمل وطني جماعي تشارك فيه الاسره والمدرسه والجامعات والنوادي والأحزاب ومراكز الشباب وبيوت وقصور الثقافة، ورواد المجتمع وخبرائه من خلال الوزارات المعنية كالتربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي وأكاديمته، ووزارة الثقافة والشباب والرياضة ووزارة التنميه المحلية ومجلس الإعلام والاعلام الخاص والمجالس النوعية المتخصصة، كل ذلك في إطار خطة قومية لاكتشاف المواهب ومن خلال استراتيجية وطنية لتوجيه نوابغ الوطن.
ولست أدري هل لدينا هذه الخطة؟، وهل لدينا مشروع قومي لذلك أو أكاديمية وطنية لهذا، أو إدارات متخصصة لهذه المهمة داخل الوزارات والهيئات، أو لجان داخل الأندية والأحزاب والمؤسسات الدينية والتعليمية وغيرها، أم لا توجد؟، ورغم تجارب الدول المحيطة بنا في تبني مواهب التعليم مثل قطر ومواهب الإداره مثل دبي، وأوائل التخصصات مثل الأردن، ورغم ذكاء النشئ لدينا إلا أن عملا جماعيا وطنيا بهذا الخصوص لم ير النور ولم يقدم لمصرنا ما تستحقه.
ولما نفض الإعلام يديه من هذا الحلم الوطني اللهم ماعدا برامج مثل (أوائل الطلبة والعباقرة والدوم)،وهم ليسوا أفضل شئ، ولكن غياب الجيد هو الذي وضع هذه المحاولات في صدارة مشهد اكتشاف المواهب، ولأن رئيسنا يصنع إعلامه بنفسه فقد وجه مؤخرا بإجراء حوار وطني شامل وعقد منتدي للإبداع بعد غياب الاعلام وجهات أخرى عن هذا الملف، وبعد مكوث كوادر وخبرات كثيرة علي المقاهي خارج نطاق تخصصها فكانت الدعوه وكان التكليف للمتحدة، وكنت أتمني لجنة عليا أو مجلسا وطنيا أعلي لهذه المهمة، أو أن تشارك الأكاديمية الوطنية للتدريب وتأهيل الشباب في ذلك، وقد يحدث ذلك مستقبلا في إطار التعاون والتجهيز للمنتدي.
ولأن المتحدة أسرفت إنفاقا على الدراما والبرامج مع غياب الرسائل الوطنية وغياب دعم حركة الوطن سياحيا واقتصاديا واجتماعيا فأتمني أن يتم صياغة المنتدي بشكل علمي وطني جماعي تشارك فيه كافة الجهات ذات الصلة بموضوع المواهب حتي نقدم استراتيجيه لاكتشاف وتبني وتقديم ودعم والاستفادة من مواهب ونوابغ مصر، ولتظهر عندنا الخطة القومية لاكتشاف المواهب والأكاديمية الوطنية للموهبين وبنك الأفكار الوطني دعما لهذه العقول المميزة، ولتعود حركة الابتعاث واللقاءات الدولية لمواهبنا، ولندعمهم حتي يأخذوا بفكرهم النابغ بيد مصر خطوات للأمام .
وعليه فإن إرساء ثقافة اكتشاف وتبني الموهبة ونشرها في ربوع مصروتعاون كل الجهات مع المحليات، ووضع مقاييس دولية لقياس درجة الموهبة لهو بداية العمل الوطني المدروس لمواهب مصر، ولعل حوارنا الوطني ومنتدانا للإبداع يفرز لنا حاجة مصر لمواهبها، ويقدم مستقبلا بنكا وطنيا للأفكار النابهة لخدمة قضايا ومشروعات الوطن وأمانيه وأحلام أهله.
ولعل (منتدي مصر للإبداع)، وليس (منتدي المتحدو) يساهم في صدارة المشهد للمبدعين ويدعم قوة مصر الناعمة بعد مئات المسلسلات التي لم تقدم رسائل وطنيه داعمه لحركة المجتمع، ولكي يكون هذا المنتدي مفيدا ومؤثرا نري انه من الأدق اتباع مايلي:
(١) وضع تعريف محدد للموهبة والموهوب والمبدع والإبداع.
(٢) وضع مقاييس دوليه لاختبارات الموهبة وقياس الإبداع.
(٣) البحث في كل ربوع مصر عن الموهوب والمبدع.
(٤) تحديد مجالات الموهبة في كل مجال وعدم قصرها علي نطاق معين.
(٥) إجراء الاختبارات عبر لجان علمية متخصصة.
(٦) وضع برنامج لصقل وتنمية المواهب والمبدعين بشكل علمي مدروس.
(٧) إفساح المجال إعلاميا لعرض المواهب والأفكار على الرأي العام.
(٨) توفير فرص الابتعاث واللقاءات الدولية لمبدعينا ومواهبنا.
(٩) تبني أفكار المبدعين وتنفيذها واقعيا بدعم من القطاع الخاص وأكاديمية البحث العلمي.
(١٠) وضع خطه للاستفاده من افكار المبدعين في تنمية وتطوير أم الدنيا.
وأخيرا: لعل الحوار والمنتدي يفرزان لنا، خطه قومية لاكتشاف وتبني الإبداع والموهبة وهيئة قومية لرعاية هذا الملف، وبنكا وطنيا للأفكار للوطن، وخطة لتنفيذ أفكارهم لصالح أم الدنيا، وأرجو ألا يتحول المنتدي لفرقعة إعلاميه دون لقاء إبداعي، وفكر إبداعي ومستقبل يعلي قيم الإبداع في ظل تحول رقمي وجمهورية جديدة ودولة فتيه طامحه لمصاف الدول المؤثره عالميا،لأنها مصرأم الدنيا، مشرق شمسها ومهد حضاراتها، وتحيا دوما مصر.