تعرف على الأغنية التى كتبت لنجاح سلام، واشترتها نعيمة عاكف، وغنتها صباح (1/2)
كتب : أحمد السماحي
تعتبر أغنية (مال الهوى يامه) كلمات الشاعر مرسي جميل عزيز، ألحان الموسيقار كمال الطويل هى أول أغنية تحقق نجاحا ساحقا للمطربة (صباح) في مصر، بعد أن قدمت العديد من الأغنيات الخفيفة من خلال السينما المصرية، حتى جاءت أغنية (مال الهوى) لترسم لها ملامح الطريق الذي سارت عليه بعد ذلك، وعلى حد قول (الشحرورة) لي في حوار بيني وبينها نشر في (مجلة الأهرام العربي) سنة 2001،: (كانت هذه الأغنية بطاقة تعارف بيني وبين الشارع المصري، بعد أن قدمت له أغنيات أقرب إلى المونولوجات الخفيفة التى لم تظهر حلاوة صوتي).
لأغنية (مال الهوى يامه) قصة طريفة جدا سنقصها على حلقتين نظرا للمفارقات الكثيرة فيها، وكما رواها شاعرها المبدع (مرسي جميل عزيز) في مجلة (الكواكب) عام 1956، لن أتدخل في الموضوع وسأترك شاعرنا المبدع يحكي لنا في الحلقة الأولى ظروف خروج الأغنية للنور، وفي الحلقة القادمة سيحكي لنا كيف ولدت هذه الأغنية، فتعالوا بنا نسمع شاعرالألف أغنية الشهير بمرسي جميل عزيز الذى قال:
لأغنية (مال الهوى يا مه) قصة بدأت منذ حوالي ثلاث سنوات بحديث بيني وبين الملحن المعروف (محمود الشريف) عن المطربة اللبنانية (نجاح سلام) التى كنا نسمعها من الإذاعات قبل أن نلتقي بها في حفلات الأندلس، وكان الحديث يدور حول صوتها وأي الألوان الغنائية يناسبه، وقلت يومها أن معظم الأصوات اللبنانية أكثر صلاحية للغناء الشعبي المصري.
وعدت لأتذكر رأيي هذا حينما كلفت بالكتابة للمطربة (نجاح سلام)، وكان على أن أدلل عليه بطريقة عملية وأكتب لها الأغنية المصرية التى تحمل ملامحنا الشعبية، فكتبت لها (مال الهوى يامه) فرحت بها (نجاح) وما كادت تكلف الملحن (أحمد صدقي) بتلحينها حتى سافرت إلى لبنان، وأخبرتني أنها ستعهد بتلحينها للملحن اللبناني (فيلمون وهبة).
وطالت غيبة (نجاح سلام) وحاول كثيرون الحصول على الأغنية، وكنت أعتذر مجاملة لـ (نجاح)، وكان الملحن (محمود الشريف) يعرف ظروف الأغنية ويذكر ما كان بيننا من قبل، وفى إحدى سهراتنا أمسك بالعود وأخذ ينظر بعينيين شبه مغمضتين إلى أعلى، وهو يدندن بألفاظ مبهمة لحنا هزني بقوة، وسألته ما هذا؟! وسكت برهه ليمسك بالعود ثانية ويغني (مال الهوى يامه)، وقال أنها مجرد فكرة خطرت له، وسكت وأنا حزين لا أستطيع عمل شيئ.
وعادت (نجاح سلام) إلى مصر، وأذهلني إنها نسيت الأغنية خلال مشاغلها وتنقلاتها، ولم يلحنها (فيلمون وهبة) ولا غيره، ولا شك أني تأثرت لذلك حتى أنني قدمتها للإذاعة عندما طلبت مني أغان وتركت لها حرية التصرف، وعهد الأستاذ (محمد حسن الشجاعي) مسئول الموسيقى والغناء إلى الموسيقار الشاب (كمال الطويل) بتلحينها لتغنيها السيدة (هدى سلطان).
وما كاد (كمال) يتم اللحن حتى انقطعت (هدى سلطان) عن الإذاعة لأسباب طارئة، واقترح (كمال) أن تغنيها (نجاح سلام) ولكني لم أستطع القبول لما كان منها، وتمسك (كمال) وتمسكت، وتدخل الأصدقاء واتفقوا على أن تغنيها (نعيمة عاكف) وقبلت وتنازلت للمخرج حسين فوزي عن الأغنية، ولكن خلافا وقع بينه وبين (كمال الطويل) فعهد إلى (محمد الموجي) بتلحين الكلمات، ولحنها (الموجي) وهو لا يعلم شيئا عن الموضوع ولا عن تلحين (الطويل) للأغنية.
وحفظت (نعيمة عاكف) اللحن، وسافرت إلى أوروبا على أن تعود وتسجل اللحن، ولكن (كمال الطويل) لم يهدأ له بال وصمم على أن تغني لحنه (نجاح سلام) رغم كل شيئ، وبالفعل حفظت اللحن، لكن فجأة اضطرت للسفر مرة أخرى وتركت مصر قبل أن تسجل اللحن، وقفت الأمور بالأغنية إلى تركها عند هذا اللحن وقتا طويلا، حتى كدت أنساها مرة أخرى.
وذات ليلة سمعت مالم يخطر على بال سمعت (صباح) تغني (مال الهوى يا مه) لم أصدق أذني، ولم أصدق الراديو!، كيف حدث هذا؟! ومتى؟! وما العمل؟ وماذا أقول لـ (حسين فوزي ونعيمة عاكف عند عودتهما)؟! وماذا يقول الناس عني؟!
ولم أنم ليلتها، لقد أذيعت الأغنية كثيرا وطلبها المستمعون ورددها الناس، ولكن كل هذا لم يساوى الحرج الذي كنت أتوقعه عند رجوع (نعيمة عاكف وزوجها المخرج والمنتج حسين فوزي) ولا القضايا التى قد أتعرض لها، عادت (نعيمة) لتجد أغنيتها على كل لسان، الأغنية التى اشترت حق غنائها، ودفعت أجر لحنها، ولكني سارعت للقاء (حسين فوزي) بعد عودته مباشرة، وشرحت له الأمر، وعرضت عليه حلولا ثلاثة، أما أن يتمسك بالأغنية ويطالب بإيقافها قانونيا، وإما أن أرد له ما أخذت مضافا إليه أجر اللحن الذي دفعه للموجي، وإما أن أكتب له أغنية أخرى تنطبق كلماتها على لحن (الموجي) وتركت له الاختيار، وإذا به يقدر ظروفي ويختار الحل الأخير، وكتبت له أغنية (نار الهوى جنة) وأعجبته وأعجبت (نعيمة عاكف) .
وعادت لـ (مال الهوى يامه) حريتها من جديد وسمعتها بقلبي لأول مرة مع الناس بعد أن استراحت وأراحتني من مشاكلها.
ولكتابة هذه الأغنية قصة فيها طرافة هى الأخرى سنقصها عليكم الأسبوع الماضي.