في ذكرى عيد ميلاد (عادل إمام) .. الثائر ضد الإرهاب الذي أنصف اللاجئين
كتب : أحمد السماحي
آمن (عادل إمام) بأن الفن هو الحقيقة التى يوجدها الإنسان بنفسه ليصبح بها أقوى من الحقيقة الموجودة رغما عنها، لهذا تفيقنا أفلامه ومسلسلاته وتجعلنا نتلمس حياتنا ونبحث فيها عن الجمال والقبح والأحلام، فأعماله لا تحكي لنا ولكنها تحكي عنا وتتأملنا.
على مدى مشواره الفني الطويل تعرض الزعيم للكيثر من الشائعات ما بين الموت أو إطلاق الرصاص عليه، أو تهرب من الضرائب أو محاربته للأجيال الجديدة، أوأنه يحصل على مبلغ من المال مقابل قراءة أي نص ولا يرد المبلغ إذا لم يعجبه العمل، وقيل أيضا أنه مغرور، وقيل وقيل وقيل، والزعيم لا يعبأ بالقيل والقال لأنه يحصن نفسه بحب جمهوره والعمل، فهو راهب فى محراب عمله، ويتمنى أن يظل يعمل بالفن حتى اليوم الأخير من عمره.
وبعيدا عن الشائعات واحتفالا بعيد ميلاد الأستاذ الذى يهل علينا اليوم وبالتحديد يوم 17 مايو الجاري، نتوقف عند ثورته على الإرهاب وإنصافه للإجئين، حيث شهدت بداية التسعينات مجموعة من العمليات الإرهابية حيث وضع الجناح العسكري للجماعة الإسلامية الإرهابية كشفا بأسماء 36 ضابطا من ضباط جهاز مباحث أمن الدولة العاملين في مجال النشاط الديني جاء في مقدمتهم المسئول الأول عن هذا النشاط علي مستوي الجمهورية اللواء (رءوف خيرت).
خلايا الجناح العسكري
وبدأت خلايا الجناح العسكري خطتها عام 92 باغتيال المقدم (أحمد علاء) مسئول النشاط الديني في الفيوم، وبدأت سلسلة من عمليات تنظيم الجماعة الإسلامية ضد ضباط الشرطة في محافظات الصعيد، بدأتها بأسيوط ثم المنيا فسوهاج فأسوان؛ قتل علي إثرها مجموعة كبيرة من قادة الأجهزة الأمنية.
منهم اللواءات: (محمد الشيمي، وعبدالحميد غبارة، ورءوف خيرت، ورفعت أنور، وجمال فائق)، وكذا العمداء: (ممدوح عثمان، وشيرين فهمي، وعصام الزمزمي، والعقيد مجدي فائق، والعقيد أحمد شعلان)، بالإضاقة إلي عدد كبير من الضباط من ذوي الرتب الصغيرة.
ولم تقتصر العمليات الإرهابية التي تصدى لها (عادل إمام) على قتل الضابط والمسئولين، ولكن أطلقت مجموعة من الإرهابيين النار على باخرة سياحية تقل 140 سائحا ألمانيا بالقرب من أسيوط مما أسفر عن إصابة ثلاثة من طاقم الباخرة المصرية، واستمرت العمليات الإرهابية ضد السائحين ووصلت إلى ثلاث عمليات في شهر واحد من العام 1992.
ليس مهمته (زغزغة) الناس
وتصاعدت العمليات ضد السائحين الأجانب لتصل في عام 1993 إلي 8 حوادث راح ضحيتها 6 سائحين بينهم اثنان من الأمريكيين، بالإضافة إلي مقتل ثلاثة من المصريين وإصابة 33 سائحا أجنبيا و 25 مصريا.
ولأن نجمنا الكبير (عادل إمام) يؤمن أن الفنان ليس مهمته (زغزغة) الناس وتسليتهم وإنما التعبير عن همومهم ومشاكلهم فى إطار فني جذاب يصل إلى كل الفئات، فقد كان أول من عالج قضية الإرهاب هذه فى أكثر من فيلم مثل (الإرهابي) تأليف لينين الرملي، إخراج نادر جلال، و(الإرهاب والكباب، وطيور الظلام) تأليف وحيد حامد، وإخراج شريف عرفه.
وفى هذه الأفلام حذر (عادل إمام) من التطرف، وأعلن رأيه صراحة لابد أن نحاربه ونواجهه جميعا وإلا سنفقد تاريخنا ونفقد حضارتنا، وفى كل أفلامه التى تطرح قضايا سياسية حاول أن يعالجها بابتسامة وضحكة حتى يصل رسالته إلى الجمهور.
سفير اللاجئين
على مدى مشواره الفني الممتد لأكثر من (60)عاما حصل الفنان عادل إمام على كثير من الألقاب أهمها على الإطلاق هو (سفير النوايا الحسنة لغوث اللاجئين)، وأقامت المفوضية الدولية حفلا كبيرا حضره عدد كبير من الشخصيات العامة الدولية والمحلية منها (سورنسن بيترش) مساعد المفوض السامي لشئون اللاجئين الأمم المتحدة الذى جاء خصيصا إلى القاهرة لإعلان اختيار (عادل إمام) لهذا المنصب الذى يشرف أي فنان عالمي، كما حضر أيضا كلا من (جمال مبارك، فاروق حسني، والدكتور أسامة الباز، والدكتور عبدالقادر حاتم وزير الإعلام فى الستينات)، ومن الفنانيين (أحمد زكي، محمود ياسين، عبدالمنعم مدبولي، صلاح السعدني، سمير صبري، لبلبة، رغدة، ليلى علوي)، فضلا عن عائلة الزعيم.
وقال بيترش في كلمته يومها: الفنان (عادل إمام) استطاع أن يمزج خلال مشواره الفني بين الثقافة والشجاعة وأن يجسد فى أعماله الحياة العادية للمواطن البسيط، من هنا جاء اختياره لهذه المهمة الإنسانية النبيلة، حيث له قناعات فى العمل بالمجال الإنساني ويستطيع أن يقدم المعرفة للجمهور بأعمال المنظمة وسوف يشرح لهم أهمية وجود المنظمة لإغاثة اللاجئين وجمع شمل الأسر.
وكان أول ما فعله (عادل إمام) بعد توليه المنصب تقديم فيلم وثائقي قصير مدته 20 دقيقة عن اللاجئين، قام بتصويره فى منطقة سقارة، وقام بإخراجه (شريف عرفه)، وشاركه فيه حوالي 5500 شخص ذوى أعمار مختلفة من اللاجئين الحقيقيين من البلقان والبوسنة وأفريقيا وجنوب السودان والحبشة وأريتريا.
الفيلم انتجته مفوضية شئون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، وصاغت له السيناريو ليجري عرضه فى مختلف دول العالم العربي والشرق الأوسط وفى تليفزيونات 150 دولة للمساعدة فى إيجاد حل لمشكلة اللاجئين.