بقلم : محمد حبوشة
لقد أصبحنا نخجل من متابعة الدراما والسينما مع أولادنا، فبعد أن كانت الدراما تتوجه إلى كل العائلة بتنا نتهرب من مشاهدتها مع الأولاد خوفا من أسئلتهم عن مضمونها، بعدما أثارت مواضيع الدراما والسينما حفيظة بعض العائلات عندما يتسمرون أمام التلفاز؟، وهل الجرأة في طرح بعض المواضيع الجنسية في الفن كان هدفها تعليم الأطفال والمراهقين من التجارب المعروضة أمامهم؟، أم أنها جاءت لإبراز قدرة الكتاب على تناول المواضيع الجريئة بهامش الحرية الممنوحة لهم في ما يتعلق بالجنس دون غيره من التابوهات السياسية والدينية؟، وهل الممثل العربي حريص على أخلاق مجتمعه؟، ثم لمن تتوجه الدراما والسيما الحالية في مواضيعها؟ ما هي الفوائد أو الأضرار المستقبلية لتناول موضوع الجنس؟، وهل عرض هذه المواضيع على الأطفال مسؤولية الأهل أم القنوات العارضة أم كتاب السيناريو؟.
أسئلة طرحت نفسها مؤخرا على طاولة المناقشة حول الدور الذي تلعبه الدراما السينمائية والتليفزيونية التي أصبحت تلعب دور المثقف الجنسي في وقتنا الآني، ولأن الدراما تلعب دور المثقف الجنسي الذي لا تلعبه الجهات الحكومية وخصوصا المدارس والجامعات، وهذا الشيء له وجهان فإما أن يصل بشكل صحيح، أو أن يتم استغلاله بشكل سيئ والأمر متعلق بثقافة الكاتب وطريقة معالجته، ومتعلق أيضا بباقي طاقم التنفيذ من شركة ومخرج وممثلين، فالمسؤولية مشتركة بين الجميع، إلا أن الفضائيات التي تعرض هذه الجرأة هى صاحبة السلاح الأقوى، فالمتلقي ما زال غائبا عن وعي الكتاب، والدراما لا ترسل رسائل واضحة وهذا ما يجعل المحطات التلفزيونية والمنصات الجديدة في حالة تخبط لا تعنى بموضوع الفئات العمرية وتصنيفاتها، فمن الملاحظ أن عملا ذا محتوى إنساني فكري عميق يصب في محتوى العلاقات الجنسية يعرض ليلا ثم يعاد بثه صباحا وكأنه مخصص للأطفال، والانفتاح غير مخصص لكافة الأعمار، ولا يمكن مخاطبة الأطفال والمراهقين بهكذا جرأة متعلقة بالانفتاح.
إن حاجة العرب الماسة الآن حتمية لمنبر إعلامي على ملتقى للقنوات والمنصات الجديدة لوضع هويتها تجاه تحديد جمهورها، ووضع إشارة صغيرة على طرف الفيلم في أن المادة المعروضة (للكبار فقط)، كما في أغلب القنوات العالمية لهو شعار مزيف لضرب القيم والعادات والتقاليد العربية المستمدة من روح الأديان السماوية، فيفترض من الدراما عندما تتطرق في موضوعاتها إلى التابوهات، أو عندما تقدم أطروحات غير مقبولة مجتمعيا وتكون موجهة لفئة عمرية أكبر من المراهقين، وضع إشارة على التلفزيون، كما يجب أن يعي الأهل ما يشاهده أولادهم سواء من الأفلام الغربيَّة أو المحلية.
فمع اختراق التابوهات لأنها ما دامت غير معلنة، فسيرسم الفرد أوهاما غير حقيقيّة في ذهنه ويضع لها صورا خاطئة، ما يصعب عليه التعامل معها بشكل صحيح عند اصطدامه بها في الواقع، ويجعل وقوعه في الأخطاء واردا بشكل كبير، خصوصا أن معظم الأسر العربية تتعامل مع أبنائها بمنطق التابو، وعمليا يوجد الكثير من المواضيع غير المطروحة للنقاش في العائلة، ولهذا فإن الخبراء وعلماء النفس والاجتماع نبهو إلى خطورة الانفتاح الجنسي في مجال الدراما السينمائية والتليفزيونية بشكل فاضح، خصوصا وأن أغلب الأعمال لا تقدم الحد الأدنى من الحلول وتترك الأمور معلقة ما يزيد الشك في ذهن المتلقي.
وقد لاحظت مؤخرا أن ظاهرة الانفجار الجنسي بدأت تجتاح تحتاج السينما والتلفزيون والمنصات الرقمية بغير وعي لخطورة هذا الانفجار الذي سيفضي في الغالب إلى كوارث حقيقية، ومن هنا يجب أن يراعي العمل المقدم المصلحة في توعية الشباب أساسا، ونحن لسنا معنيين بالضرورة لمحاكاة الأعمال الغربية التي اخترقت شاشاتنا وبيوتنا العربية أولا، ثم بدأت الشركات العربية في إنتاجها ثانيا، في اجتياح غريب ومثير للغاية، ولنا مدرستنا الخاصة بالإبداع والصفاء، وباعتقادي إننا تحولنا إلى نوعية من الأعمال الموجهة لتوعية الأفراد وتربيتهم جنسيا في شكل علاقات مفتوحة لتتسرب في صلب السينما والدراما العربية على جناح الحرية المزعومة.
نحن أمام منعطف خطير الأن أكثر من أي وقت مضى ياسادة: فالشباب العربي أصبح يتلقى صورا مؤذية، سواء من الأفلام أوالكليبات العربية والأجنبية التي تؤثر سلبا، ومن الملاحظ أن الإعلام المرئي يفتقر إلى مراقبة التربويين وتدخل أصحاب التوعية الإجتماعية والثقافية والأخلاقية، فأصبح في ظل السماوت والفضاء التخيلي المفتوحان على مصرعيهما تعرض أعمال ترسخ للجنس والعلاقات المفتوحة بلا حرج أو رقيب بعرض بعض الأمور غير اللائقة لأطفالنا وشبابنا، لذا على أهل التربية والاختصاص التدخل لتأييد ما ينفع وتصحيح ما يسيء لأخلاق المجتمع، ولعل التوعية المنزلية مهمة في ما يتعلق بالبرامج والأعمال الدرامية المفيدة بمجالستها، أما البرامج البعيدة عن منهج التربية كبرامج العنف ومسلسلات الفساد الخلقي فينبغي منعهم منها من قبل الأهل، لما في ذلك من تدمير الأخلاق وتفجير منابع الشر لدى الأطفال.
ربما اختلفت الدراما والسينما عما كانت عليه سابقا من حيث جودة الأعمال الفنية، وأصبحت الأعمال تطرح المشكلات بشكل أكثر واقعية وتصوير المعاناة التي يعيشها المواطن بجرأة غير معهودة، لكن هذا ينعكس سلبا في كثير من الأحيان على الأطفال ومدى فهمهم وإدراكهم المشاهد أو المواقف الحياتية المعروضة، ويظهر الوجه السلبي في تقمص الطفل شخصية البطل ومحاكاتها في معالجة مشكلاته، ولا ننسى في زحمة تلك الأعمال أن نتوقف طويل عند سلبيات الجرأة اللفظية والكلمات المبتذلة والسوقية التي حاول بعض الممثلين التلفظ بها لإثارة المرح والتسلية دون وعي منهم بانعكاس ذلك على الطفل، خاصة مع تزيد تكرار تلك الألفاظ من خلال أعمال المنصات التي تضرب بالقيم عرض الحائط.
الفن ياسادة شكل من أشكال التعبير الإنساني، ووسيلة لإثراء التجربة الإنسانية والترفيه والتقدير الثقافي وتحسين الشخصية وحتى التغيير الاجتماعي، فهو يؤثر بالحياة بطريقة أو بأخرى، ومن تعزيزات الفن للإنسانية التقدير: فهو يعمل على إعادة النظر في قيمة الأشياء مما يؤدي إلى تثمينها، الذاكرة: فهو تسجيل وحفظ المقصد الذي يحمله العمل الفني يخزن في الذاكرة على شكل مجموعة من الأحاسيس، الحزن: يوفر الفن منظورا مختلفا للمشاعر فهو لا يمنح الفرح فقط ولكنه يعمل على إيجاد طريقة للتعامل مع الحزن أيضا، وفوق كل ذلك هو تعزيز تحقيق الحرية بمهمومها الصحيح الذي ليس من بينه الحرية الجنسية طبعا، فالفن شكل من أشكال الحرية، فهو طريقة للتعبير عن الذات وتحقيق الحرية في المجالات العامة، وهو عمل يتميز بالإيمان بالذات فهو مرآة لانعكاسات الروح ورغباتها.
ومعروف أن لكل مجتمع فن يتميز عن غيره بالتعبير عن أوضاع البلد السياسية والاقتصادية والاجتماعية بسمات معينة، فبعض الفنانين لا يرسمون من أجل المال وإنما لهدف التغيير للأفضل، فالفن طريقة أخرى للتعبير عن الآراء بصورة قوية من غير الحاجة إلى استخدام الكلام، وهدفه نشر قيم التسامح والأخلاق، بل يعتبر الفن أساس للأخلاق، فهو عبارة عن عمل غير مؤذي بحد ذاته إذ يخدم في جلب المتعة والراحة، فبعض الأعمال الفنية تعزز المعتقدات والمواقف الأخلاقية بما تستعرضه، ما يؤدي بالضرورة إلى إبعاد الناس عن الشوارع وإلهائهم بأعمال تعبر بطرق إيجابية عنهم، فالمشاركة في الأعمال الدرامية والغنائية والرقص والفنون البصرية وغيرها، هى مشاركة وجدانية قد أثبت فاعليته في مخاطبة الفطرة السليمة.
ومعروف أيضا أن للعمل الفني قيمة تتغير عبر التاريخ وباختلاف الثقافات، فهنالك العديد من الفنانين كأمثال بيتهوفن وشكسبير ومونيه وفان كوخ، حيث ترك كل منهم بصمة في التاريخ المجتمعي، التي تجلت بأشكال عديدة في إبداع الفنان إما بالمسرح أو السينما أو الأدب أو الفنون البصرية أو الغنائية، أو كما يرى البعض بأن الفن هو عبارة عن قطعة قماشية على جدار متحف يظل وسيلة للمعرفة، ويرتبط الفن بالتراث ارتباطا وثيقا، فإن القطع الأثرية كاللوحات والرسومات والمطبوعات والفسيفساء والمنحوتات والصور الفوتوغرافية والوثائق والكتب والمخطوطات والأدوات تدل على الإبداع البشري، فإن هذا التراث ليس مجرد مجموعة من القطع الثقافية أو التقليدية من الماضي، إنما هو لتميز كل مجتمع بشري عن آخر، لكنهما يتفقان معا على مخاطبة فطرة الإنسان السليمة بعيدا عن المماراسات الشاذة والعلاقات المفتوحة.
ولعل أهم أهدافه هو تعزيز الصحة النفسية (أي الترويح عن النفس) الذي يطلق عليه ترفيه، فللفن تأثير على النفس حيث يعتبر الفن نشاطا مريحا وملهما لكثير من الناس سواء أكان العمل من إبداع الشخص أو من إنجاز شخص آخر، ففوائد التعبير الفني أعمق من مجرد الاسترخاء والتمتع به فقط، بل إنه يتجاوز ذلك ليصل لمرحلة العلاج بالفن، وإنها طريقة رائعة للتخلص من الاكتئاب والقلق واضطراب ما بعد الصدمة وحتى بعض أنواع الرهاب، فالفن طريقة للتعبير عن المشاعر دون كلمات أو مواجهة للمشاعر المعقدة لإيجاد الراحة، وليس طريقا يعبد لأشواك الجنس والتمرد على العلاقات الشرعية المستمدة من روح الأديان.
وأخير عزيزي القاري خدعوك فقالوا أن الجنس صناعة غربية مع أن البنية الأساسية لهذه الصناعة مصرية وعربية بامتياز، فقد كشفت مجلة (بلاى بوى) عن وجود أكثر من 120 شخصية عربية تمتلك أسهما عملاقة تقدر بالمليارات فى قنوات ومواقع جنسية، يأتى فى مقدمتها رجل أعمال مصرى يحمل الجنسية الاسترالية ومقيم فى الولايات المتحدة، ويمتلك نسبة 40% من قنوات (إكس إكس ال) الأشهر فى الجنس، وهى النسبة التى تجعله متحكما فى إدارة القناة، كما يدير ثلاث مواقع جنسية على الإنترنت، وأضافت المجلة أن هناك مصريا آخر يحمل الجنسية الأمريكية يمتلك أربعة قنوات للترويج الجنسى عبر الهاتف ومقرها الكونغ.
وفي القائمة عرب آخرون منهم لبنانى يعد من أكثر رجال الأعمال العرب امتلاكا للمواقع الجنسية حيث يمتلك مايقرب من 20 موقعا جنسيا يبث من خلالها أفلام حصرية لمواقعه، وكشفت المجلة أيضا عن قيام رجال أعمال عرب بإنتاج أفلام جنسية أطلقت عليها (رديئة) لتخفيض الانتاج واختيار أماكن تصوير خاصة جدا والاعتماد على عنصرين أو ثلاثة على أكثر تقدير لخروج الفيلم الى النور، ومن المفارقات المذهلة أن المجلة نوهت إلى أن العرب سيدمرون صناعة الأفلام الجنسية لعدم خبرتهم وعدم تكليف المنتج بالشكل الملائم.
ياتى هذا فيما كشفت صحيفة اسكتلندية من قبل عن وجود أكثر من 320 قناة فضائية جنسية على الأقمار الأوروبية مملوكة لرجال أعمال عرب باستثمارات تفوق 460 مليون يورو، وكشفت الصحيفة أن رجال الأعمال العرب الذين أقاموا قنوات جنسية على الأقمار الصناعية الأوروبية جنوا مكاسب تخطت المليار يورو خلال سبع سنوات فقط، ويأتي في مقدمة المستثمرين العرب المصريين، واللبنانيين، والقطريين، والجزائريين، وذلك من خلال عرض لقطات ومشاهد الجنس والحديث عبر الهاتف، حيث يملك أكثر من 15 مصريا ما يزيد عن 56 قناة إباحية وحدهم.
أما الشركات الأوروبية التي تعمل في مجال الأقمار الصناعية بالشرق الأوسط فقالت إن الطلب يزيد على البطاقات المشفرة الخاصة بفتح القنوات الجنسية ذات الاشتراكات الشهرية أو السنوية، وتلك هى الوجهة القادة التي ستكون بدلا لمنصة (نيتفلكس) في المستقبل القريب وهو الأخطر في قنبلة الجنس والمثلية وغيرها من المحرمات.. ألم أقل ياسادة أن القادم أخطر ويستلزم منا الانتباه إلى أن طوفان الجنس الصريح قادم على شاشتنا قريبا؟.