في عيد ميلاد نجمة مصر الأولى (نبيلة عبيد) نهديها باقة ورد بلدي، ونتذكر روائعها
كتب : أحمد السماحي
في كأس بللورية واحدة مزجت لنا نجمة مصر (نبيلة عبيد) كل دموعنا وضحكاتنا وآمالنا وأحلامنا ورؤانا، وما نريده أن يكون، كل هذا سقتنا إياه بجرعة واحدة وكأنه شراب من الجنة، وتركتنا أسرى لها، لقد وهبتنا هذه الفنانة المبدعة أجمل لحظات سينما عشناها مع ممثلة، ونقشت على قلوبنا كوشم النار شارتها وشخصياتها.
خطت (نبيلة) خطواتها السينمائية الأولى مترددة بين أكثر من أسلوب، ولكن كان يطغي على كل الأفلام التى مثلتها في المرحلة الأولى من حياتها بعد فيلمي (رابعة العدوية) و(المماليك) روح خفيفة مختلفة عن كل النجمات الموجودات روح مليئة بالخفة والدعابة والشقاوة تفوح من كل حركة من حركاتها، وكل كلمة تنطق بها مجللة بوشاح من البراءة والعفوية جعلتها تتسلل ببساطة إلى القلوب كافة.
فى البداية قدمت أدوارا خفيفة في أفلام (زوجة من باريس، خطيب ماما، كنوز، السيرك، النصابين الثلاثة، سارق الملايين) وغيرها، وفى هذه الأفلام عزفت على أوتار قيثارتها السحرية أنغامها الأولى البسيطة، وتوالت أفلامها التى لم تستفد من موهبتها إلا القليل، ولم تستفد منها (نبيلة) غير الانتشار !.
ولكن الوحش الفني العملاق كان رابضا في سكون في أعماق أعماقها يتحين الفرصة للانطلاق ونزع المخرج (أشرف فهمي) في فيلمه (لا يزال التحقيق مستمرا) الصمام الأول لينطلق الدخان المقدس معلنا ظهور (التنين الرابض)، في هذا الفيلم واجهت (نبيلة) اثنين من أكبر نجوم السينما المصرية هما (محمود ياسين، ومحمود عبدالعزيز)، لكنها استطاعت بموهبتها وعفويتها وكمية الأحاسيس الفطرية المتضاربة في قلبها أن تعبر عن شخصية (زينب) المتطلعة التى تريد الثراء السريع.
وتوالت أفلام النضج والاحتراف التى عزفت فيها على مشاعرنا وكانت فيها ندا لكبريات الممثلات في العالم، وظهر الوعي الفني الذي كان كامنا فى نفس (نبيلة عبيد)، وبدأ طموحها يتجلى بدقة الاختيار وفي البحث والتنقيب عن خفايا الشخصية التى تتقمصها، وشاركها هذه الأفلام مجموعة من أكبر نجوم ومخرجين مصر، فجسدت العديد من الأفلام التى ناقشت قضايا المرأة مع المخرج العبقري (حسين كمال) مثل (العذراء والشعر الأبيض، أرجوك أعطني هذا الدواء، أيام في الحلال، حارة برجوان، ديك البرابر).
ومع المخرج المبدع (أشرف فهمي) قدمت العديد من القضايا الخاصة بالمجتمع (الشيطان يعظ، الشريدة، الراقصة والطبال، اغتيال مدرسة، امرأة تحت المراقبة)، ومع المتميز (على عبدالخالق) عزفت على قيثارة النساء في (الحناكيش، شادر السمك، الوحل، درب الرهبة،عتبة الستات)، ومع الأسطورة (سعيد مرزوق) توغلت أكثر وأكثر في عدة قضايا خاصة بالمرأة والمال والنفوذ واستغلال السلطة في (هدى ومعالي الوزير، المرأة والساطور، قصاقيص العشاق) ومع اللامع (أحمد يحيي) قدمت نوعية آخرى من القضايا في ( انتحار صاحب الشقة، الصبر في الملاحات، سمارة الأمير).
ومع الموهوب (عاطف الطيب) لعبت سياسة بحرفية عالية وبمزاج عال من خلال (التخشيبة، أبناء وقتلة، كشف المستور)، ورجعت لقضايا المرأة مع الجريئة إيناس الدغيدي (التحدي، قضية سميحة بدران)، ومع المشاكس يوسف شاهين قدمت (الآخر)، ومع مخرج العائلة عاطف سالم ناقشت قضايا ذو الاحتياجات الخاصة ــ موضوع الساعة هذه الأيام ــ من خلال فيلمها (تووت تووت)،
ومع المختلف (محمد خان) خرجت خارج الأستديوهات وقدمت تجربة خاصة جدا ومختلفة في مشوارها من خلال (الغرقانة)، ومع مخرج الأكشن والحركة (سمير سيف) لعبت واحدا من أهم أفلامه وأفلامها وهو (الراقصة والسياسي).
مشوار طويل قطعته نجمة مصر الأولى (نبيلة عبيد) بموهبتها الفياضة، وعاشت في وجوه كثير من النساء من مختلف الطبقات والشرائح الإجتماعية، ونجحت أن تصبح من عمالقة السينما المصرية الذين كتبوا بإراداتهم وتصميمهم وعزيمتهم وبحثهم عن المختلف والجديد أسمائهم بحروف من نور في سجل السينما المصرية، واليوم في عيد ميلادها نرسل لها باقة من الورد البلدي المليئ بالأمنيات الطيبة.