رسالة من إمرأة المجهولة.. فيلم يدين الفنان المصري !
* لبني عبدالعزيز : عبدالحليم طلب مني عدم الإشتراك في الفيلم
* النقاد انتقدوا الفيلم بقوة ومنهم المخرج (فايق إسماعيل)
* الفيلم يشهد أول بطولة للشاعر الكبير (حسين السيد) الذي كان التمثيل أحد أحلامه
* ظهر الفنان الكبير (عزت العلايلي) في دور قصير في نهاية أحداث الفيلم
كتب : أحمد السماحي
بدأ المخرج (صلاح أبوسيف) حياته الفنية كمخرج بتقديم أفلام من كل نوع، إلى أن قدم فيلمه السادس (لك يوم يا ظالم)، ومن الواضح كما يقول الناقد (سعد الدين توفيق) أنه قد اكتشف هذا الاتجاه عندما سافر إلى إيطاليا ليخرج فيلم (الصقر)، فقد كانت روما وقتذاك تعاني (حمى الأفلام الواقعية) التى بدأها (روبرتو روسيلليني) بفيلم (روما مدينة مفتوحة)، وعندما عمل (أبوسيف) في ستوديوهات روما، والتقى بالسينمائيين الإيطاليين كانت موجة (الواقعية الجديدة)، قد وصلت إلى ذروتها.
بعد أن أتم (صلاح) تصوير فيلم (الصقر) في روما، عاد إلى القاهرة، وقد استقر رأيه على أن يقدم للناس الفيلم الذي يريده، وهو الفيلم الواقعي، وبدأ بالفعل يعد مع (نجيب محفوظ) سيناريو فيلم (لك يوم يا ظالم)، فيلم تجري حوادثه في حمام السوق في حارة شعبية، وراح يعرض هذا الفيلم على المنتجين فأبوا جميعا أن يغامروا بإنتاج فيلم تدور حوادثه في حمام شعبي!.
وكانت الأفلام الناجحة المضمونة في نظرهم هى الأفلام التى تدور حوادثها في القصور وشخصياتها من أبناء وبنات الطبقة الراقية، لكن (صلاح) لم ييأس بل قرر أن يقوم هو بنفسه بإنتاج الفيلم وأخذ يجمع المال اللازم لمثل هذه العملية الضخمة، وبالفعل قدم الفيلم الذي حقق نجاحا جيدا وكان سببا في مولد أسلوب جديد لمخرج الواقعية.
لكن من وقت لآخر كان يبتعد عن أسلوبه السينمائي الذي عرف به، ونوع السينما التى أجاد فيها، ويقدم نوعية أخرى من أهمها السينما الغنائية، فقدم فيلم (الوسادة الخالية) عام 1957 الذي كان أول ظهور للفنانة (لبنى عبدالعزيز) التى قدمت معه مجموعة من أفضل أفلامها مثل (هذا هو الحب، أنا حرة) وفيلمنا هذا الأسبوع (رسالة من إمرأة مجهولة) الذي للأسف الشديد أدان فيه صورة الفنان المصري وقدم في صورة المستهتر الذي يشرب الخمر ويصاحب النساء يوميا.
………………………………………..
قصة الفيلم
تدور أحداث الفيلم حول الموسيقار (أحمد سامح/ فريد الأطرش) الذي يعيش حياة اللهو والعبث معاقرا للخمر ومصاحبا للنساء ويعانى من الوحدة رغم شلة المنتفعين من حوله، وفي يوم مولده تصله رسالة مطولة كاد أن يطيح بها جانبا لولا أنه قرأ على الظرف: أرجوك إقرأ هذه الرسالة التى تكشف لك سرا مجهولا في حياتك واقرأها بقلبك ولا تقرأها بعينيك، فعينيك سريعة النسيان!.
ويقرأ (أحمد سامح) الرسالة ونعرف من خلالها كيف تعرف على جارته (أمل/ لبنى عبد العزيز) التي كانت تسكن أمام منزله وكانت من المعجبين به، تراقبه من نافذة حجرتها دون أن يشعر بها، وتتفاعل مع ألحانه ومعاناته حتى تمكن حبه من قلبها، وفى أحد الأيام تستسلم له ونسى هو ما حدث ولم تنس هى فقد بقيت في أحشاءها ذكرى منه، وصارحت عمتها بماحدث وتسترت عليها وأنجبت بالفعل ولد وأطلقت عليه اسم (سامح) وكبر حتى صار عمره 5 سنوات، وأثناء ذلك تصدم سيارة مسرعة طفلها الصغير (سامح) ويحتاج إلى نقل دم، ولم يجدوا فصيلته فأرسلت له الرسالة من أجل القدوم بسرعة لإنقاذ ابنه، فهو الأمل الوحيد الباقي لها، وبالفعل أسرع (أحمد سامح) للمستشفى متبرعا بدمه، وتم إنقاذ الطفل.
………………………………………..
فايق إسماعيل ينتقد الفيلم بقوة
تعرض الفيلم الذي حقق نجاحا لافتا فى دور العرض، لموجة من ردود الفعل الغاضبة، ومنهم من قال إن (فريد الأطرش) استعرض حياته هو الشخصية وعلاقاته في فيلم (رسالة من إمرأة مجهولة)، ومن أهم الكتابات النقدية ما كتبه المخرج الشهير (فايق إسماعيل) الذي كان يكتب سلسلة مقالات نقدية في مجلة (الإذاعة والتليفزيون)، فكتب يقول : فيلم (رسالة من إمرأة مجهولة) عاطفي عن قصة بنفس الاسم للكاتب العالمي (ستفان زفايج) سبق إخراجها في فيلم أجنبي ممتاز عرض عام 1948، ولكن الفيلم العربي يختلف كثيرا عن القصة وعن الفيلم الأجنبي بسبب اعتماده على سيناريو ردئ لا يتفق مع فكرة القصة!.
فاختيار عرض القصة بطريق (السرد) لمشاهد من الماضي تربطها حكاية مكتوبة بأسلوب إنشائي جعله بطيئا مجردا من الحيوية والتتابع الدرامي خصوصا، وأن الرسالة وصلت في موقف (ساكن) كأي رسالة عادية، كذلك رسم شخصية البطل (فريد الأطرش) بطريقة تحببه إلى الجمهور من البداية إلى النهاية رغم نزواته يجعل فكرة الرسالة عديمة القيمة لأنها لم تغير شيئا جوهريا ولم تصطدم مع رغبة أو إرادة تعوق النتائج التى ستترتب عليها، أي أنها لم تضع البطل موضع صراع ما.
لقد تأثر وبكى من أول كلمة فكان ذلك إعلانا ساذجا عن النهاية السعيدة التى تمت بطريقة ميلودرامية تعتمد على استدرار العطف على الطفل المصاب، وتبعد عن الموضوع الأساسي للفيلم، كذلك الحب المثالي الذي حملته البطلة (لبنى عبدالعزيز) للبطل رغم أنها تعرف بل وترى أن له في كل ليلة رفيقة لم توضح دوافع هذا الحب مما جعله يبدو شاذا غير معقول، خصوصا بعد أن رفضت التصريح باسم الفنان بعد أن أنجبت منه، وبعد أن رفضت الزواج من رجل يحبها (حسين السيد).
وبعد أن التقت بحبيبها فأعتقد أنها من الساقطات، لماذا لم يسقط من نظرها وكل الظواهر بل والحقائق كانت تؤدي إلى ذلك؟، هل كانت تعرف أن ابنها سيصاب في حادث مفتعل ليكون سببا في النهاية السعيدة التى لا تتفق مع حبها المثالي الشاذ.
لست أدري السبب الحقيقي الذي منع السادة معدو هذا الفيلم (فتحي زكي، خيرية خيري، السيد بدير، فتحي غانم) من علاجه على أساس (الصراع) بدلا من (السرد من الماضي)، لماذا لم يقدم البطل مثلا كإنسان مستهتر بوهيمي، ثم يقع في الحب فيتوب ويقرر الزواج، وعندئذ تصل إليه الرسالة من المرأة المجهولة تعلن له أن له ابنا منها أنجبته معه بعد أن قضت معه ليلة حب، وبهذه الحقيقة تنقلب خطط الفنان ويصبح فريسة لصراع قوي تتجاذبه قوتان: حبه للفتاة التى سيتزوجها وإحساسه بالذنب نحو أم طفله المجهولة التى لا يذكر عنها شيئا ولا يعرف مكانها.
ومن هذه النقطة يمكن أن يتطور الموضوع وتتعرض الشخصيات لصراع حقيقي، وبذلك يصبح للرسالة قيمة درامية لأنها غيرت سير الأحداث وأثرت في تطور الشخصيات.
ربما قسوتنا قليلا في مناقشة الفيلم لكن فيه إيجابيات أيضا مثل تمثيل (لبنى عبدالعزيز) التى تتقدم في كل فيلم جديد، وقد تخلصت من المبالغة القلية التى تشوب تمثيلها من قبل، وكانت بسيطة هنا مقنعة وتتسلل إلى القلوب في صدق، وكذلك (فريد الأطرش) كان في أحسن حالاته كممثل أما الأغاني فهي عادية في التلحين والأداء.
………………………………………..
حليم يطلب من لبنى عدم الاشتراك فى الفيلم
ظهرت الفنانة الكبيرة (لبنى عبدالعزيز) في أكثر من برنامج فضائي كما هو موجود على (اليوتيوب) وأكدت أن العندليب (عبدالحليم حافظ) طلب منها عدم الاشتراك فى فيلم (رسالة من إمرأة مجهولة)، ووسط كل أصدقائه الصحفيين ليقنعوها بعدم الاشتراك في الفيلم حتى أنه أصطحبها مرة إلى إحدى دور العرض، وجعلها تشاهد فيلم غير ناجح لـ (فريد الأطرش) وقال لها: مصيرك سيكون مثل بطلة هذا الفيلم!
………………………………………..
رسالة من إمرأة ينافس الزوجة 13
عرض عام 1962 مجموعة من الأفلام المتنوعة وصلت إلى 48 فيلما حسب موسوعة الناقد السينمائي الكبير (محمود قاسم) وهذه الأفلام هي (موعد في البرج، أجازة نصف السنة، المعجزة، صراع الجبابرة، الليالي الدافئة، هذا الرجل أحبه، ألمظ وعبده الحامولي، عبيد الجسد، الأشقياء الثلاثة، شهيدة الحب الإلهي، ملك البترول، سر الغائب، الخطايا، يوم بلا غد، الزوجة 13، بقايا عذراء، يوم الحساب، القصر الملعون، جمعية قتل الزوجات، سلوى في مهب الريح، غصن الزيتون، الشموع السوداء، الحاقد، الرجل الثعلب، آخر فرصة، صراع مع الملائكة، الفرسان الثلاثة.
وأيضا: خذني بعاري، صراع الأبطال، حيرة وشباب، أنسى الدنيا، حلوة وكدابة، قاضي الغرام، الخيانة العظمي، أيام بلا حب، كلهم أولادي، الإستعباد، إمرأة في الدوامة، دنيا البنات، مذكرات تلميذة، أنا الهارب، اللص والكلاب، وفاء إلى الأبد، سلاسل من حرير، آه من حواء، من غير ميعاد، المصيدة.
………………………………………..
أهم الأحداث التى عرضت عام 1962
خلال السطور القليلة القادمة نبرز أهم الأحداث السينمائية التى رصدها الناقد السينمائي (علي أبوشادي) في كتابه (وقائع السينما المصرية في مائة عام)..
* رشح فيلم (اللص والكلاب) لكمال الشيخ لجائزة الأوسكار لأحسن فيلم أجنبي.
* قدم المخرج (توفيق صالح) فيلمه الثاني (صراع الأبطال) بعد توقف سبع سنوات بعد (درب المهابيل)، ويستمد الفيلم أهميته من مشفه القوي للتحالف بين الإقطاع والاحتلال من ناحية وبين الفقر والجهل والمرض من ناحية أخرى، وذلك خلال مأساة الكوليرا التى داهمت مصر عام 1948 .
* أقيمت مسابقة السينما لأفلام 6 مواسم من 1956 إلى 1962 ووزعت الجوائز على شكل إعانات مالية تعطي لمنتج الفيلم فقط في مقابل شراء نسخ من الفيلم الذي تختاره لجنة التحكيم وقدرها 3 آلاف جنية للفيلم الملون، وألفان للأبيض والأسود، كما أن النسخ ستخصص للعرض غير التجاري في قوافل الثقافة بالوزارة.
* اشترت وزارة الثقافة 11 فيلما بمبلغ 25 ألف جنيه وهى (أرضنا الخضراء، لا أنام، حب من نار، احنا التلامذة، قيس وليلى، ملاك وشيطان، بداية ونهاية، إشاعة حب، عمالقة البحار، في بيتنا رجل، واإسلاماه).
* نالت (سميرة أحمد) الجائزة الأولى في التمثيل عن دورها في فيلم (الخرساء) لحسن الإمام.
* تم إنشاء معهد السيناريو بمبادرة من المخرج (صلاح أبوسيف) واستمر لمدة عامين، وقدم العديد من الأسماء الكبيرة في عالم السيناريو (رأفت الميهي، مصطفى محرم، أحمد عبدالوهاب) وغيرهم.
* فاز فيلم (صراع الأبطال) لتوفيق صالح بجائزة المركز الكاثوليكي المصري.
………………………………………..
بطاقة الفيلم :
تاريخ العرض 22 أكتوبر 1963.
قصة : استيفان زفايج.
سيناريو وحوار : فتحي زكي، وخيرية خيري.
حوار : السيد بدير.
كلمات الرسالة : فتحي غانم.
كتب كلمات الأغاني : فتحي قوره، عبدالجليل وهبي.
تصوير : علي حسن.
ديكور : أنطون بوليزويس.
موسيقى : فريد الأطرش وأندريا رايدر.
مونتاج : ولاء صلاح الدين.
مهندس الصوت : نصري عبدالنور.
أخذت المناظر وتم الطبع والتحميض في استديو مصر.
ملابس لبنى عبدالعزيز : من محلات كارفن، سلفاجو.
إنتاج : رمسيس نجيب.
بطولة : فريد الأطرش، لبنى عبدالعزيز، ماري منيب، عبدالمنعم إبراهيم، فاخر فاخر، أمينة رزق، حسين السيد، عبدالغني النجدي، يعقوب ميخائيل، ماري عز الدين، أحمد شوقي، ليلى صادق، نوال أبوالفتوح.