كواليس فيلم (ليلى مراد) الذي كتب فكرته (توفيق الحكيم) ويعتبر دعوة للتخلف !
كان بين الفنانيين زمان علاقة أقرب إلى الأخوة الصادقة، يعيشون طوال أيام التصوير علاقات صداقة بريئة، وزمالة محترمة، بعيدة عن المصالح الضيقة، والمنافع المؤقتة، والشوائب المكدرة، علاقة قائمة على الثقة والمودة والبساطة، أساسها الصدق وفروعها الكلمة الطيبة وإحسان الظن والألفة، لهذا كانوا يجتمعون دائما فى بداية أي فيلم أونهايته ليأخذون مع بعضهم صورة تذكارية أو ” سيلفي” بلغتنا الآن.
كتب : أحمد السماحي
من الأفلام الغنائية الجميلة التى قدمتها سندريلا السينما الغنائية (ليلى مراد) من حيث الموسيقى والغناء والاستعراضات فيلم (حبيب الروح) قصة وسيناريو وإخراج (أنور وجدي) وحوار العبقري (أبوالسعود الإبياري)، هذا الفيلم الذي قدم منذ 70 عاما مازالت قضيته التى تصدى لها مطروحة حتى اليوم وهى أيهما أجدى للمجتمع عمل المرأة في بيتها، أم مشاركتها في العمل خارج البيت؟! وهل خروجها للعمل في صالح الأسرة؟!
تصدى الفيلم لهذه القضية الخطيرة والمؤثرة في حياة المجتمع ككل، والأسرة المصرية بشكل خاص، لكنه انتصر في النهاية لمبدأ (الميكانيكي وحيد) الذي كان ينادي به طول الفيلم بأن المرأة ليس لها إلا بيتها وزوجها، وليس لها علاقة بالمجتمع وما يجري فيه، وليس لها أي خصوصية، وليس من حقها أي تطلعات خارج جدران بيتها.
وبنهاية الفيلم الذي تخرج (ليلى) من دار الأوبرا من الباب الخلفي تاركة وراء ظهرها هتاف الجماهير، وعودتها إلى حبيبها (وحيد) ينهزم الفن، والمدهش كما ذكر الناقد السينمائي الراحل محمد عبدالفتاح: (أن من يقدم هذه الدعوى هم رجال الفن أنفسهم وكأنهم ضد ما يؤمنون به، وضد الفن، ويدعون الناس إلى نبذه، وتصوير الفن على أنه هادم للأسرة ومفسد لها!).
ولم يحاول صناع الفيلم مجرد محاولة تأكيد أن هناك حلولا وسطا أو أنه يمكن الجمع بين الأثنين، فليس هناك تعارض، ولم يحاول الفيلم أيضا أن يقدم معنى واحدا جميلا للفن، واعتبره هادما للحياة الأسرية ومخربا للمجتمع بالتالي، وكأن الحياة كلها ماديات وليس فيها مكان للروح، ويكرس الدعوة إلى انسحاب المرأة من المجتمع والفن، وهو تأثير يتجدد كلما عرض الفيلم وهذا مكمن الخطورة.
المثير أن فيلم (حبيب الروح) فكرة الكاتب والمفكر الكبير (توفيق الحكيم) الشهير بعداوته للمرأة، والغريب أنه لم يُكتب اسمه على (عناوين) الفيلم كصاحب الفكرة، رغم أنه نشر خبر في مجلة (الصباح) عام 1950 وبالتحديد في الرابع من أغسطس يؤكد هذا، ويقول أن الفنان الكبير (أنور وجدي) دفع 500 جنية للأستاذ (توفيق الحكيم) كصاحب فكرة فيلم (حبيب الروح)!
هذا الأسبوع في باب (سيلفي النجوم) ننشر صورة لفريق عمل الفيلم تجمع (ليلى مراد، وأنور وجدي، ويوسف وهبي، وميمي شكيب، ومحمد السبع، وصلاح منصور، وعبدالمنعم بسيوني).
جدير بالذكر أن أحداث فيلم (حبيب الروح) الذي عرض عام 1951 تدور حول (ليلى) المتزوجة حديثا من (وحيد) ابن البلد الذي يعطي كل وقته لعمله الذي يعشقه جدا وهو ميكانيكا السيارات لدرجة أنه يشغله عنها، ويرى أن المرأة خلقت للبيت، وتحاول زوجته (ليلى) أن تخلق أرضية مشتركة بينهما، خاصة أنها عاشقة للفن وتحلم أن تكون مطربة مشهورة، لكن دون جدوى.!
حيث أن زوجها المحافظ جدا يريدها في البيت فقط سيدة له ولا تكون غير هذا، ولكن تشاء الصدف أن يذهب الزوجان إلى إحدى الحفلات لإحدى صديقات (ليلى) المقربات، وهناك تلتقي بالفنان الكبير (يوسف فهمي) الذي يوعز لها بالعمل بالفن عندما يسمع صوتها وامكاناتها الغنائية، وتتطلق (ليلى) وتصبح بفضل إرشادات (يوسف فهمي) واحدة من أهم فنانات البلد.
ويقوم (وحيد) بتطليقها، لكن نظرا لحبه لها، يحاول أن يعود إليها، وهنا يتدخل (يوسف فهمي) لإنقاذ إنجازه العظيم الفنانة (ليلى) من أن تعود إلى أن تكون مجرد ست بيت، وتدور مناقشة حامية بين الاثنين لإقناع (ليلى) بالتخلي عن الفن أو الاستمرار فيه، فيعبر (يوسف فهمي) أن الفنان يجب أن يكون راهبا له ولجمهوره، بينما يصر (وحيد) على أن السعادة والهناء في الحب المتبادل والحياة الهادئة وفي النهاية تقرر (ليلى) العودة لحياتها السابقة تاركة وراء ظهرها (يوسف فهمي) والمجد والشهرة.
……………………………………………………….
** الصور من أرشيف الأستاذ مكرم سلامه.