نديم قطيش .. نجم الإعلام المصري في عام 2021
كتب : محمد حبوشة
الإعلامي اللبناني (نديم قطيش) المحب لمصر بقيادتها الرشيدة وشعبها الطيب، كما ترجم ذلك من خلال برنامجه (الليلة مع نديم) على قناة (سكاي نيوز عربية)، ومعروف أنه لفت نظر الجمهور المصري في زحمة البرامج والقنوات المصرية التي تعج بالجهل والتخلف وعدم المهنية، بحيث استحق أن يكون نجم الإعلام المصري لعام 2021، فهو مشهود له بالكفاءة والتفوق على كل إعلامي مصر في الفترة الأخيرة، عندما دافع عن الرئيس السيسي والشعب المصري بجسارة في أكثر من حلقة من حلقات برنامجه طوال العام بعد أن أصبح وجبة أسبوعية دسمة على مائدة المصريين.
ومن جانبة دون نفاق أو تملق أو رياء كعادة إعلامينا الجهابذة أوضح (قطيش) بفهم لطبيعة دور الإعلام في المرحلة الحالية، في حواره مع (خيري رمضان وكريمة عوض) ببرنامجهما (حديث القاهرة) في يونيو 2021، أن الشعب المصري من حقه أن يفرح بعد 10 سنوات وأكثر، بعد حرب ضروس ودفاع ومحاولة بناء ونجاح ونهوض وغيره من محاولات أخرى، لذا طالب الشعب المصري بالاسترخاء، مستندا إلي القول المأثور (مصر محروسة)، وعبر هذا الحوار حكى (نديم) عن تجربته في الفضائيات العربية وقال أن أصعب جمهور يمكن اختراقه هو الجمهور المصري، لهذا أرجع انحياز لمصر لأسباب عديدة، منها: أن الإعلام المصري عنده مساحة واسعة ونجوم كبار، كما إن الإعلام المصرى يتمتع بالاكتفاء الذاتى من ناحية القضايا المصرية، وحجم الإنتاج الجبار الذى تنتجه البرامج اليومية والأسبوعية، لذلك فهو أصعب سوق إعلامى تخترقه لتقديم مادة جيدة ترضيه.
لفت نديم نظرنا إلى حقيقة قد لا نلحظها نحن كثيرا قائلا: عندما يقبلك الجمهور المصري وأنت تتحدث عن قضاياه في قناة عربية فهذا يعد إنجازا كبيرا، حتى أنه من المفارقات المذهلة بالنسبة لي أن قال أحد رواد السوشيال ميديا (ما نمنحه جنسية وعقد احتراف)، ولفت نظري في التعليق – يقول نديم – أن مصر تتعامل مع المواهب بأنها مبتدئة أو هاوية حتى تعترف بها القاهرة على مستوى الإعلام والغناء والتمثيل والرياضة وغيرها، لإنك تظل هاويا خارج مصر وعندما تعترف بك القاهرة فأنت محترف.
ولأنه السياسة هى من أدخلته في قلب ووجدان المصريين فتم سؤاله عن هويته السياسية؟، فقال إنه لست سياسي بل أنا صحفي رأي، ومسئوليتي عندما أبني الرأي على معلومة لابد أن تكون هذه المعلومة صحيحة، بعيدا عن الاقتطاع والتزوير والنسب .. باختصار مسئوليتي النزاهة، عندئذ سأله خيري: ولكن لماذا اخترت مصر لدعمها سياسيا في هذا الفترة الفاصلة من عمر الوطن العربي؟، فأجاب على الفور: كلمة أدعم مصر هذه كبيرة جدا، مصر 103 مليون، مصر جغرافيا كبيرة، لكن أنا متعاطف مع نفسي أولا، فمصر جزء من ذاكرتنا، جزء من مستقبلنا، ولو تخلينا أن مصر ضاعت مثل أي دولة ضاعت في المنطقة بسبب الإسلام السياسي (السني أو الشيعي) لضاع الوطن بكامله، ومن ثم عندما تقف مع مصر فإنك تقف مع نفسك، وما يشجع على ذلك أن هناك مشروع سياسي كبير تقوده مصر حاليا، وهناك ثلاثة عوامل كي تتهيئ مصر للمكانة التي تصنعها، أولا: رغبة في دور مصر خارج مصر، ثانيا: هناك مساحة لدور إقليمي لمصر، ثالثا: هناك القبول للدور المصري، وليس هناك استفزاز جراء هذا الدور المصري في كل الدول العربية (لبنان، السودان، العراق، سوريا، ليبيا) ، وهو دور ليس مغلفا بغلاف أيدولوجي.
ويوضح نديم أساس انحيازه لمصر، بأن الرئيس عبد الفتاح السيسي يتحدث دائما عن الدولة الوطنية، وهذه هى الجزئية المهمة في أن مصر كدولة وطنية مصرية تبحث عن تعاون مع دول وطنية أخرى، فعلى سبيل المثال ليس هناك مشروع مصري للبنانين، بل هناك مشروع تجسير بين مصلحة مصر الوطنية ومصلحة لبنان الوطنية، وكذلك مع العراق والأردن وغيرهما، ليس هنالك مشروعا مصريا مفصلا على دولة بعينها، واستكمالا للثلاث نقاط التي ذكرتها هناك نقطة رابعة تتمثل في أنه لدى مصر القدرات التي تدعم دورها الإقليمي.
وعوضا عن تراجع إعلامنا المصري في عام 2021، أشار نديم إلى أن الملف الأساسي الذي يعمل عليه بخصوص مصر هو (ملف الإخوان) وهو قضية لم تنتهي ولن تنتهي، لم تهدأ ولن تهدأ، فعلي الرغم من شبهة تحسن في العلاقات مع قطر وتركيا فلايزال المشروع الحقيقي للإخوان هو نفسه، وواحدة من ملامح هذا المشروع كما لاحظتها من خلال لقاءاتي بسياسيين ودبلوماسيين وصحفيين في القاهرة خلال الأربعة أيام الماضية، حيث كان هناك سؤالا واحدا يوجه لي : ما هى حكاية الإمارات مع سد النهضة؟، لاتوجد علاقة بين الإمارت وسد النهضة، عندئذ تدخل خيري قائلا : هنالك كلام حول مشروعات إمارتية في أثيوبيا؟، فيجيب نديم: الاسثمارات الإمارتية في أثيوبيا تبلغ 1.4 مليار دولار بينما في مصر 37 مليار دولار، إذن لديك مصلحة 29 مرة إماراتية عن أثيوبيا، وهناك علاقات بين رئيس الإمارت وأثيوبيا لكنها مسيرة لخدمة مصر والسودان، كما أنه ليس هناك دولار واحد كاستثمار في سد النهضة.
ربما دافع نديم قطيش عن الإمارات كثيرا من خلال البرنامج وهو المتهم بانحيازه لها، لكني على قناعة خاصة بشفافيته وحسن نواياه في إحداث تقارب بين مصر والإمارات في هذه اللحظة الفاصلة التي يعكر فيها (الإخوان) صفو تلك العلاقات التاريخية، كما أوضح ذلك في برنامجه عن علاقة الإخوان بما يحدث في مصر بعد 30 يونيو 2013، انطلاقا من فهمه العميق لهذا الملف كما كتب عن الإسلام السياسي في مقال له بجريدة الشرق الأوسط قائلا: عمل ويعمل الإسلام السياسي في المنطقة العربية كقنبلة فراغية، جعل؛ السني منه والشيعي، دولا وكيانات وقضايا عربية مجرد شماعات فارغة يستثمر فيها الفاعلون من خارج العالم العربي، واقع الأمر أن الإسلام السياسي لم يفرغ مدنا ودولاً من معطيات الصحة والسيادة، بل أوصل إلى امتهان القضايا الكبرى للعرب.
صحيح أن نديم اختتم حديثه (لخيري وكريمة) عن مصر قائلا: (مصر غالية وعزيزة على القلب، وعزيزة عربيا عموما وعلى المستوى اللبنانى العلاقة مع مصر علاقة تاريخية، لكنه يظل الإعلامي الذي أحب مصر ودافع عنها في برنامجه (الليلة مع نديم) على قناة (سكاي نيوزعربية) في وقت يفتح فيه إعلاميونا أفواههم دهشة وحيرة لأمر اختراق هذا الإعلامي اللبناني قلوب وعقول المصريين الذين تحدث عنهم نديم نفسه باحترام شديد، لكنه نسي أن الجمهور المصري مل كل تلك الوجوه الإعلامية ويمقتها ليال نهار.
لقد أخجلني (نديم) شخصيا وأخجل المصريين جميعا، عندما قام في قناة (سكاي نيوز عربية) بالنيابة عن كل القنوات المصرية، ففي عصر يوم 28 ديسمبر 2020، وفي إطار جردة حسابها في نهاية عام على وشك الرحيل، بثت قناة (سكاي نيوز عربية) فيديو عبارة عن 4 قائق و26 ثانية فقط لاغيراستطاع من خلاله التفوق على كافة القنوات المصرية (الحكومية والخاصة) في رصد وجه مصر الحضاري، كما جاء بسواعد أبنائها الذي يضيئون وجه الدنيا بإنجازاتهم في سبيل الإنسانية، جاء فيه :
هى ثقافة الإنجاز وصناعة الذات فعلها أبناء النيل واعتلوا سدة التكريم في الرياضة قاريا وعالميا .. مصر بمنتخباتها وقطبيها احتكرت الألقاب وصنعت الأبطال .. تألق (صلاحها) في أقوى دوريات العالم وكان الهداف التاريخي، واعتلى (رامي) الكبير منصة الأقوياء التي يحلم بها الملايين.
موسوعة جينيس ملىء بأسماء المصريين اللامعة، فليس أقل منها في بلد يطل على بحرين ويتوسطها نهر عظيم، أن يحطم غطاسها (صدام الكيلاني) الرقم العالمي بالبقاء نحوأسبوعين تحت الماء.
في الفن هم رواده بأهرامات الغناء والموسيقى وفي السينما أبدعو فنالوا أرفع جوائزها العالمية بجيلين .. هم أهل الابتسامة ومنهم زعيمها وعباقرة صناعها. مئة مليون وأكثر يعيشون بجوار الكنوز وفوقها، وفي كل يوم تميط الحضارة اللثام عن أسرارها في بلد من عجائب الدنيا .. كل ذلك وأكثر لكن لمصر كنوز لاتقدر بثمن.
عشرات العلماء المصريين انتشروا في شرق الأرض وغربها .. علومهم غيرت وجه المعرفة في أمريكا وبريطانيا وألمانيا والصين واليابان وغيرها.
عبقري الكمياء (أحمد زويل) الذي نال جائزة نوبل عام 1999 عن اختراعه ميكروسكوب يقوم بتصوير أشعة الليزر في زمن مقداره (فيمتو ثانية)، وحفر الدكتور (مصطفى السيد) اسمه من دهب حين ابتكر علاجا للسرطان بمركبات دقيقة من الذهب، ونال أعلى وسام أمريكي في العلوم (قلادة العلوم الوطنية).
البروفيسور (مجدي يعقوب)، نقل جراحة القلب إلى عالم آخر أقرب للمعجزة، لقبه الإعلام البريطاني بـ (ملك القلوب)، ومنحته الملكة إليزابيث لقب السير، وفي الفضاء كان (فاروق الباز) أبرز علماء وكالة ناسا باكتشافه جولوجيا القمر واختيار مواقع الهبوط عليه، ودرب رواد الفضاء في بعثات (أبوللو) على اختيار عينات من تربة القمر وتحليلها.
(أبو بكر الصديق بيومي)، أفضل عالم رياضيات في العالم عام 2010، رفض جميع الجنسيات الأجنبية حفاظا على هوية أولاده وانتمائهم لمصر، أما اليابان فإنها تدين للعالم المصري (شريف الصفتي) الذي ساهم اكتشافه في التخلص من الإشعاع النووي بعد كارثة مفاعل (كوكشين)، ورشحته طوكيو لجائزة نوبل لقاء ذلك عام 2013، وتفخر ألمانيا بالمهندس المصري (هاني عازر) الذي صمم محطة قطارات برلين الأضخم في العالم، وكرمته أنجيلا ميركل بوسام الجمهورية الألمانية، وفي علوم الكمبيوتر يدين صناع التكنولوجيا للدكتور (مجدي بيومي) الذي ابتكر دوائر الكترونية تجعل الكمبيوتر يفكر بطريقة تشبه مخ الإنسان.
الطيران يحمل أيضا بصمة مصرية عبر (هاني مصطفى)، أبرز مهندس في صناعة محركات الطائرات والحائز على عشرات براءات الاختراع في تطوير محرك الطائرة ورفع كفاءته، وقبل أن يقفل عام 2020 أبوابه برز اسم الباحثة المصرية (إلهام فضالي) التي صنعت أهم إنجاز عالمي في الفيزياء عن أبحاثها في التكنولوجيا الضوئية، والختام في تاج العلوم وروحها وكأن العالم أراد أن يمنح شعراء مصر وكتابها بأكملهم جائزة نوبل حين منحها للعملاق نجيب محفوظ.. مصر المحروسة تتبختر بعقولها وأهلها، وقالوا عن المصريين إن في كل واحد منهم همة تغازل طموحه نحو القمة.
هكذا تبدو مصر في عيون إعلام الأشقاء العرب، بينما تبدو الصورة ضبابية كسيحة في عيون إعلامي مصر الذين يغرفون الملايين وتملتئ بطونهم إلى حد التخمة التي أعجزت عقولهم عن الابتكار في العلوم والمعرفة التي يمكنها التثقيف والتوعية ورد أكاذيب جماعات الشر التي تحيط بنا .. أليس هذا من صميم وظيفة الإعلام يا سادة الإعلام؟!.. ليتنا نتعلم من درس (نديم قطيش)!!.