كتب : محمد حبوشة
إذا كان بيتك من زجاج فلا ترمي الناس بالحجارة .. هذه المقولة تنطبق تماما على الفنانة المعتزلة حنان ترك، بعد أن أثارت جدلا واسعا خلال الأيام القليلة الماضية، إثر تداول منشور لها بشأن تحريم الاحتفال بأعياد الميلاد، وعدم شراء شجرة الكريسماس، ما تسبب أيضا في هجوم الجمهور عليها، في أعقاب ما كتبته في صفحتها على الفيس بوك بغباء منقطع النظير: (بلاش صور مع شجرة الكريسماس وبلاش صور مع أي مظاهر معموله للاحتفال بالكريسماس، وبلاش نشتري لأولادنا لبس في حاجة بتدل على الكريسماس أو بابا نويلبلاش الكريسماس بالذات ليه؟.. عشان احتفال الكريسماس عيد ميلاد الرب يعني ضد ديننا وعقيدتنا أننا نحتفل به، بلاش نحتفل ومتتكسفوش أنكم تقولوا للناس مينفعش إحنا كمسلمين نحتفل بالكريسماس).
وكان الفنان مراد مكرم، من أبرز المهاجمين لحنان ترك، حيث كتب عبر حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك: (يا مسلمين، ما تحتفلوش بالكريسماس، ما تعملوش شجر كريسماس في بيوتكم ما تحتفلوش برأس السنة الميلادية.. كل دي بدع، يا مسحيين ما تحتفلوش برمضان، ما تشتروش وما تعلقوش فوانيس في بيوتكم، ما تشتروش حلاوة المولد والأعياد المصرية القديمة زي شم النسيم كفر.. أيوه كده.. الخطوة الجاية بقي يا حلو ما تتعاملوش مع بعض، ما تشتروش من بعض، والخطوة اللي بعديها اكرهوا بعض وولعوها نار)، لكنه أكد على المواطنة الحقيقية فيما أضافه: (كان غيرك أشطر يا غبي منك له.. إحنا عايشين مع بعض بقالنا 1400 سنة بنحب بعض وبنتخانق زي الأخوات ما بتتخانق، فينا الوحش بس الأغلبية حلوة وهم سر تألق مصر مهما حصلها من ظروف.. أنتم إلى مزبلة التاريخ، وتبقى مصر قوية بشعبها.. مسلميها ومسيحييها إيد واحدة ضد الجهل والتخلف والغل والعملاء إلى يوم الدين).
صحيح أن (حنان ترك) كتبت عبر حسابها على موقع تبادل الصور والفيديوهات (إنستجرام) في وقت سابق: (في صفحات بتنشر كلام على لساني وأنا غير مسؤولة عنها، وقدمت بلاغات لإدارة الفيس بوك لغلقها -حسب زعمها – وحتى ذلك الوقت لم تغلق، وفي انتظار رد إدارة الفيسبوك فأنا متوقفة تماما عن التعامل والنشر على الفيس بوك، وإن شاء الله عند توثيق صفحتي على الفيسبوك يعرف الجميع بالصفحة وتعاملي الآن هيكون من خلال صفحتي الموثقة على تويتر والإنستجرام والرجاء من الجميع عدم الانسياق وراء الصفحات المزورة المدعية أنها تخصني)، وهذا كلام مشكوك فيه لأن لها سوابق تؤكد أنها تسير على طريق جماعة (الإخوان الإرهابية) في مساعيها لتوظيف القوى الناعمة لتحقيق أهدافها الخبيثة.
وفي هذا الصدد أذكر أنه قد كتبت (سحر الجعارة) في المصري اليوم بتاريخ 5 أكتوبر 2017 مقالا كاشفا لألاعيب (حنان ترك)، بعنوان (حنان في ذمة الإخوان) قائلة: من العبث أن تسأل عن ثقافة الفنانة (حنان ترك)، ومن المخجل أن تفتش فى حياتها الخاصة أو تعايرها بملف (ولو ملفق) بالآداب 1997، ومن العار أن تتحدث (هى) عن الرئيس المسلم العادل، الذى يعطى حقوق المسيحيين، لأن (أهل الذمة) فى ذمتنا ورقبتنا.. وهنا لابد أن نقف لنتحدث عن (حنان) بصفتها فى (ذمة إخوانى) أولا.. وهو (محمود مالك)، شقيق القيادى الإخوانى (حسن مالك)، والذى تزوجته بعد طلاقها من د. (محمد يحيى)، منتج برنامج (عمرو خالد)، وخرجت من تجربة الطلاق وهى تتخبط بين الفن الذى تعشقه ونجوميتها، وآراء تقول إن الفن حرام بسبب مشاهد العرى والقبلات وغيرها.
وذهبت الجعارة إلى تحليل لغة خطاب وجسد (حنان ترك) في أكثر من موقف قائلة: بعد ثورة 25 يناير ووصول الإخوان إلى الحكم كانت بداية التحول الحقيقى لـ (حنان)، بدعمها للمعزول (محمد مرسى)، ولا أحد يعرف هل تقربت من الجماعة الإرهابية رغبة فى الزواج من (رأس مال الجماعة)، أم أن ما حدث هو العكس، الثابت أن الزواج تم بينها وبين (مالك) فى مايو 2012، فكانت المحطة الأخيرة التى وضعت (حنان) فى معية الجماعة المحظورة.
واستطردت الكاتبة (سحر الجعارة) لتقول: (حنان) التى أشك فى إدراكها لمفهوم المواطنة ولا أهل الذمة، تقول إنها لا تقبل بوجود رئيس (مسيحى) فى دولة إسلامية.. وفى نفس السياق تقول: (أنا لا أعرف لماذا لا يصلح المسيحى لحكم بلد إسلامى، عمرى ما سألت نفسى هذا السؤال؟!!.. طبعا لأنها لم تقرأ الدستور ولا التاريخ الإسلامى.. ولا تعرف شيئا عن (فتح مصر)، لكنها بجرأة تحسد عليها تطالب برئيس (شيخ) أو (مسلم) أو (امرأة).. وكأنها لم تسمع برفض التيار الإسلامى لولاية المرأة.. أو أن كل ما تعرفه هو الجملة الشهيرة لمرشد الإخوان الراحل (مهدى عاكف) أنه يفضل أن يحكم مصر: (مسلم من ماليزيا على أن يحكمها مصرى مسيحى).. فكل ما تعلمته حين أصبحت فى (ذمة الإخوان) هو الانتماء الدينى، أما الانتماء للأوطان فلا قيمة له!.
لقد وضعت الجعارة يدها على الجرح، ورغم ذلك تخرج (حنان) لتفتى فى الدين والحياة، وتنزع عن الأقباط حقوقهم.. فهى لم تسمع الدكتور (أحمد الطيب)، شيخ الأزهر، وهو يقول إنه (لا محل ولا مجال أن يطلق على المسيحيين أهل ذمة، بل هم مواطنون، ولا مجال لأن يكون هناك كلام فيما يسمى بالجزية، أو فيما يسمى بهذه المصطلحات التى كان لها سياق تاريخى معين انتهى الآن، وتبدل نظام الدولة وتبدلت فلسفات الحكم!!)، ألا تعرف هذه الغبية (حرم مالك) أن مصطلح (أهل الذمة) كان يطلق على الأشخاص بغرض المذلة أو المهانة، ووضعهم تحت الوصاية السياسية والسلطة الدينية.. وهو مصطلح لم تستخدمه إلا الدول الإسلامية بعد الفتوحات أو الغزوات، (سمها ما شئت)، فى حين أن كل دول العالم المتقدم تتعامل مع الأقليات الدينية والعرقية على أساس (المواطنة) القائمة على الدستور والقانون والعدالة!.
الأمر المؤكد أن حنان ترك التي تتمتع بمراهقة فكرية تسممت خلايا عقلها الصغير بأفكار الإخوان، ولم تتعلم من الفن الفكر والرقى والتحضر، وأصبحت تتصور نفسها مفتية وعالمة لمجرد أنها تضع (إيشارب مزركش) وهو دليلها الوحيد على أنها الأكثر إيمانا واحتراما من غيرها!، ولن أعدد لك القامات الإنسانية والفكرية التى بنت مصر من أقباطها، ولن أحصى عليك أخطاءك.. فقط أعفينا من تفاهاتك ولا تنشرى الفتنة بين البشر.. ركزى فيما نجحت فيه.. ألا وهو الخضوع لذمة الإخوان.
ولقد أعجبني كاتبنا الكبير (شريف الشوباشي) في تعليقه على واقعة الكريسماس قائلا: بمناسبة فتوى (الشيخة) حنان ترك بضرورة الابتعاد عن مظاهر الاحتفال بالكريسماس ورأس السنة أكرر هذه القصة القصيرة التى حكيتها من قبل ولم ينتبه أحد لاهميتها:
عندما توليت رئاسة مهرجان القاهرة للسينما قررت أن ألتقى بصناع السينما فى مصر وألا يزيد عدد الحاضرين فى كل مرة عن أربعة أفراد، وأذكر أنه فى يوم كانت هناك حنان ترك والمخرج الراحل محمد خان واثنين آخرين بمكتبى بوزارة الثقافة.. وسألونى فى البداية إن كنت غير نادم على ترك باريس والعودة لمصر فأجبت أن العكس هو الصحيح وأننى سعيد لكن ما يزعجنى هو أننى بقالى 3 شهور فى مصر ولم اقرأ كتابا واحدا، وهو ما لم يحدث لى منذ أن كان عمرى 15 عاما.
ولاحظت أن حنان ترك همست فى أذن محمد خان فانطلق هذا الأخير بالضحك.. وعندما أصريت أن أعرف سبب ضحكه قال أن حنان قالت له: هو بقاله 3 أشهر ماقراش كتاب وأنا عمرى ما قريت كتاب فى حياتى كلها.. وقلت لها: طبعا انتى بتهزرى.. قوليلى قريتى كام كتاب؟، فأجابت بجدية شديدة: والله العظيم عمرى فى حياتى ما قريت كتاب كامل.. هذه هى المصيبة: الجهلاء هم من يفتون.. الجهلاء هم من يفرضون علينا نوعية حياتهم.. الجهلاء هم نجوم المجتمع.. الجهلاء هم حماة الفضيلة والمتحدثين باسم الدين.
والسؤال الذي يبحث عن إجابة: إلى متى ستظل حنان ترك – تلك الجاهلة بأمور الدين والدنيا – تتواري خلف أسوار من الأسلاك الإخوانية الشائكة، وتخرج علينا بين الحين والآخر لترمي حجرا في بحيرة هؤلاء الإرهابيين الآسنة، مدعية أن حساباتها على مواقع التواصل مزيفة .. تلك هى اللعبة المحببة لها منذ اعتزالها الفن ومرورها بحالات من التخبط جراء ماضيها الأسود الذي سيظل يطاردها، في محاولات حثيثة من جانبها عبر حديث مموج عن الالتزام المزيف والإفتاء فيما لايعنية .. ألا تعتبر هذه المأفونة من العبارة الشهيرة (إذا كان بيتك من زجاج فلاترمي الناس بالحجارة)؟.. ظني أنها لابد أن تقرأ تلك العبارة بتدبر وحكمة أكثر .. فربما تعيد لها عقلها الواعي بدلا من الغياب والغرق في بحار فكر الإخوان المتطرف الذي ظاهره كلام معسول بينما باطنه يقطر سما زعافا تجاه وطنها مصر.