تامر عاشور يهين خشبة المسرح فى موسم الرياض !
كتب : أحمد السماحي
كان المطربون في عصور الموالي والسلاطين والخلفاء ملك لصاحب المجلس يجعله يغني مايشاء ووقتما أراد، ويذكر (الجاحظ) في كتابه (التاج في أخلاق الملوك) في باب المنادمة، أنه احتجب (المهدي) في أول خلافته عن الندماء عاما كاملا تشبها بأبيه (المنصور)، ثم ظهر لندمائه، وأجزل لهم العطايا والمنح، وكان (المهدي) يحب الغناء ويطرب له وقد قرب إليه من المغنين (ابن جامع)، الذي حدق فن الغناء، و(إبراهيم الموصلي) الذي ضرب في الغناء بسهم وافر، و(الزبير بن دحمان) و(الغنوي).
وكان إذا أعجبه الغناء وطرب قال لمغنيه (أحسنت أحسنت، ويكثر له العطاء حتي يبلغ أحيانا ألف ألف درهم، و قد فاق (هارون الرشيد) الخلفاء العباسيين في ولوعه بالغناء والموسيقي وإجزاله العطاء للمغنين والموسيقيين، وقد جعل للمغنين مراتب وطبقات، ولقد كان الغناء بالنسبة لأمراء وسلاطين المماليك من ضرورات الحياة، لا يعيشون إلا به، فلا يرون الحياة سهلة جميلة إلا على ضرب الأعواد ونقر الدفوف وترنيم الأشعار وألحان الغناء، وبلغ من امتزاج الغناء بنفوسهم أن بعضهم كان يعشقه ولا يطيق العيش بدونه، بل إن بعضهم كان يتقن الغناء والعزف على الآلات بنفسه.
هذه المقدمة الطويلة أكتبها بمناسبة ما شاهدته يوم الخميس الماضي فى ليلة غنائية رائعة أحياها نجمي الغناء المصري (تامر عاشور، ورامي صبري) فى موسم الرياض الذي يقام هذه الفترة في المملكة العربية السعودية، حيث أهان (تامر عاشور) خشبة المسرح الذي يقف عليها، عندما نزل من على المسرح بخطى سريعة عندما شاهد متعدد المواهب المستشار (تركي الشيخ) رئيس الهيئة العامة للترفيه، الذى فاجأ جمهور الحفل بحضوره، فقفز المطرب الشاب من على المسرح ولم يحترم جمهوره، ولا خشبة المسرح فى حادثة هى الأولى من نوعها في تاريخ الغناء المصري والعربي.
فعلى مدى تاريخ الغناء لم يقفز مطرب من على خشبة المسرح لتحية شخص ما واحتضانه، ثم صعوده مرة ثانية على خشبة المسرح، لاستكمال غنائه وكأن شيئا لم يحدث!، كثيرا ما شاهدنا حضور شخصيات هامة جدا إلى بعض الحفلات أثناء غناء المطرب أو المطربة، فكان يحدث شيئين إما أن يكمل المطرب ما بدأه من غناء، وكأن أحدا لم يحضر!، بعدها يحيي الشخصية المهمة، أو يتوقف عن الغناء ثواني ويحيي من على خشبة المسرح الضيف العزيز الذي حضر، ويعيد غناء الأغنية من البداية.
لكن ما فعله (تامر عاشور) كان شيئا مخجلا أعادنا إلى عصر الموالي والسلاطين لولي النعم، وفى نفس الوقت أحرج زميله المطرب المهذب (رامي صبري) الذي ظل واقفا على خشبة المسرح احتراما لمهنة الغناء وللمسرح الذي يقف عليه، لا يدري ماذا يفعل؟، وحتى لا يتهم بالغرور، طلب من الجمهور وهو واقف مكانه على خشبة المسرح تحية كبيرة للمستشار (تركي الشيخ) الذي طلب – على طريقة الموالي والسلاطين – من (تامر عاشور) الذي كان قد أنهى فقرته أن يغني له أغنية (حكايات) فقام المطرب بتلبية طلب (ولي النعم) وغناها على الفور، بجوار زميله المطرب (رامي صبري)!.
هذه الواقعة كانت حديث تندر وسخرية كثير من الأسر المصرية التى شاهدت الحفل على إحدى القنوات الفضائية خلال الساعات الماضية، ومن ثم فقد ترحمنا على زمن جميل مضى وولى، عندما كان المطرب يحترم مهنته وخشبة المسرح التى يقف عليها.!
وبعيدا عن هذه الواقعة كانت ليلة (رامي صبري، وتامر عاشور) من أجمل الليالي الغنائية التى شاهدنها في موسم الرياض حيث أشعل النجمين المصريين مسرح (أبوبكر سالم) الذي تقام عليه فعاليات الحفل، الذي بدأ بصعود (تامر عاشور) الذي أشعل حماس الجمهور في الحفلة التى قادها المايسترو (هاني فرحات)، ورحب الجمهور بحماس بالمطرب المصري فور صعوده على المسرح، وقدم (تامر عاشور) مجموعة من أغانيه المميزة بدأها بأغنية (أنا راجع)، وتوالت بعدها الأغنيات مثل (بيت كبير، يا أهلا، ماشوفناش خير، في بالي، وباي باي، دا حكاية، وهاجي على نفس، تسلم، من غير ما احكيلك، خلصانة الحكاية، وبقول عادي، كلموها عني، بياعة، هعيش واموت بهواك، عشت معاك حكايات) وغيرها من الأغاني التي تفاعل معها الجمهور.
وفي فاصل قصير، سأل الفنان المصري جمهوره عن مدى استمتاعهم بالحفلة، وطلب منهم أن يغنوا معه أغنية (كلموها عني)، واختتم (عاشور) حفلته بأغنية (قولولوا سماح)، معبِراً للجمهور بنهايتها عن سعادته بالغناء لهم قبل أن يغادر المسرح.
بعد حالة الشجن التى ترك (تامر) الجمهور عليها، دخل مطرب البهجة والسعادة (رامي صبري) إلى خشبة المسرح وسط تصفيق وحماس الجمهور الحاضر للحفل، فأشعل خشبة المسرح بحيويته وشبابه وانطلاقه، وقدم كوكتيل من أغنياته القديمة والحديثة منها (كلمة، تعالي، أهد الدنيا، الراجل، غريب الحب، حياتى مش تمام) وغيرها، وغنى كل هذه الأغنيات بمزاج عالي وذوبان في الكلمة واللحن، واستطاع أن يشعل الأكف بالتصفيق الحار.
وخلال الحفل غنى (رامي صبري مع تامر عاشور) أغنية (كلموها عني من بعيد لبعيد، عرفوها إني لسه بحبها، وأمانة حد يقولها، بسأل عليها إزايها، وعاملة ايه؟) على خشبة المسرح وسط تصفيق الجمهور من محبي الفنانين.