حفيدة (أبوزهرة) تفوز بجائزة عالمية، والفضائيات تحتفي بـ (سوستة) ورفاقه !
كتب : أحمد السماحي
الجمال في الموسيقى والغناء مايزال موجودا وحاضرا بقوة متحديا كل الظروف التي تواجهه في المرحلة الراهنة، منها تراجع الذائقة العامة وفوضى أغنيات المهرجانات، كون الجمال فى الموسيقى والغناء هو الأصل، لذا سيبقى خالدا، مع الزمن، مثلما خُلدت أغاني (أم كلثوم، ومحمد عبدالوهاب، وعبدالحليم حافظ، وفريد الأطرش، واسمهان)، وسواهم من المطربين الكبار، فالبحر يطرد النفايات، ويحتفظ بكل ماهو جميل وأصيل وصاف.
أذكر هذا في مناسبة فوز (مريم أبوزهرة – 13 سنة) بجائزة (كسارة البندق الفضية) في واحدة من أهم مسابقات الموسيقي الكلاسيكية في العالم، والتي ينظمها التلفزيون الروسي، والتي تقام بموسكو عاصمة روسيا الاتحادية، وتقام مسابقة (كسارة البندق) سنويا منذ عام 2000 ويتقدم لها آلاف الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين (8-14) سنة، هؤلاء الأطفال عادة يكونوا عصارة التفوق في عزف الالات الموسيقية في بلادهم في ثلاثة تخصصات وهى: الآلات الوترية، وآلات النفخ، وآلة البيانو.
ومنذ يومين أعلن التلفزيون الروسي عن فوز (مريم) ابنة عازف البيانو المصري، والمستشار الفني لمدينة الفنون والثقافة بالعاصمة الإدارية (أحمد ابوزهرة) وحفيدة الفنان القدير (عبد الرحمن أبوزهرة) بالجائزة الفضية أي الثانية في تخصص الآلات الوترية.
(مريم) تلعب على آلة الكمان منذ أن كانت في الثالثة من عمرها بعد ما نشأت في بيت موسيقي تصدح فيه النغمات الموسيقية الراقية من عزف والدها، ووالدتها عازفة البيانو المجرية (نورا إيمودي)، وأيضا أختها الكبري (أميرة) والتي سبقتها في التفوق على آلة الكمان والحصول أيضا علي العديد من الجوائز الدولية.
في التصفية النهائية لنسخة هذا العام 2021 عزفت (مريم) من أعمال المؤلف الموسيقي المجري )ينيو هوباي 1858-1937)، إعادة صياغة لموسيقى أوبرا (كارمن) لـ (جورج بيزيه 838-1875) للكمان المنفرد بمصاحبة أوركسترا (موسكو الفيلهارموني) بقيادة (ميخائيل شيختمان).
وهو عمل موسيقي من أصعب ما كتب لآلة الكمان وقد اجمع الجمهور والنقاد الموسيقيين المتخصصين على صعوبة أدائه لطفلة في مثل عمرها، ولكن (مريم) كانت في منتهي الفهم الموسيقي العميق من خلال الأداء السهل، رغم صعوبته تكنيكيا مما جعل بعض النقاد الموسيقيين العالميين أن يطلقوا عليها لقب (فراشة الكمان الرائعة).
كان اهتمام الجمهور الروسي لمتابعة المسابقة عبر البث التلفزيوني الحي من خلال قناة روسيا الثقافية غير مسبوق وأيضا البث العالمي من خلال شبكة الإنترنت.
(مريم) تدرس في جامعة (فيينا) في فصول الأطفال النوابغ، وكانت قد تم قبولها عام 2019، وكانت في عمر 10 سنوات لتدرس مع واحدة من أشهر أساتذة الكمان في العالم وهي (دورا شوارتزبرج)، حيث تم قبول (مريم) وقتها كأصغر طالبة تلتحق بتلك الفصول في تاريخ جامعة (فيينا) للموسيقي.
(شهريار النجوم) باركت لعازف البيانو الشهير (أحمد أبوزهرة) على فوز مصر من خلال (مريم) فراشة الكمان الرائعة، وسألناه هل تم استضافة (مريم) فى أي برامج فضائية قال: لا ويجوز لأننا لم نرجع مصر بعد، سنرجع خلال الأسبوع القادم، ولم يسبق أن استضافت أي فضائية (مريم أو أميرة)، لكن كان هناك استضافة مع أبي منذ حوالي عامين، فى برنامج (صاحبة السعادة) وطلبوا (أميرة ومريم) وقتها، لكن كان ظهورهم لدقائق معدودة، لأن الحلقة كانت عن (بابا) الفنان الكبير (عبدالرحمن أبوزهرة).
الجدير بالذكر أنه فى الوقت الذي ترفع (مريم) إسم مصر عالميا باعتبارها من النوابغ فى العزف، لا نجد تغطية لهذا الحدث المهم في أي فضائية، ولا حتى استضافة البنت المعجزة، بل على العكس تماما نجد الفضائيات المصرية مشغولة بالتفاهات حيث تحتفي بالرداءة، وتتسابق وتلهت على استضافة (سوستة، وكزبرة، وحمو، وشطة) كي يظهروا على فضائياتنا ويبثوا سموم مهرجاناتهم المقززة، فبحق مصر التي نحبها ونعشقها: أي ثقافة يبشر بها هؤلاء الجهلة والعاهات التي اجتاحت حياتنا، غير نشر الإحباط عند أصحاب المواهب الحقيقية في كل المجالات، ودعوة الشباب لإهمال دروسهم وعلمهم، وتقليدهم فى الجهل والبذاءة والإنحطاط والسفالة التي تدر أموالا طائلة!.. عيب والله! ما يحدث في الفضائيات من حالة التردي واللهاث وراء (التريندات) المزيفة التى تظهر كل يوم، والتى يتفنن التافهين في صنعها وللأسف تجد من يروج لها في وسائل الإعلام المختلفة، فمن المفترض أن يشتغل القائمون على الفضائيات من أجل نشر ثقافة حقيقية ذات عمق حضاري تحمل رسالة .. ثقافة تتجنب التفاهة، والتسطيح! .. فيا مذيعوا ومقدموابرامج الفضائيات اختشوا عيب .. أين حمرة الخجل من أفعالكم التي تحرض على الجهل والتردي الذي يصيب الذائقة في مقتل؟!.. حقيقي نعيش زمن الرداءة ليس فقط في مجال الأغنية، ولكن أيضا في مجال الأعلام!