رحيل (الكابلي) الذي شهره عبدالناصر، وتحدى زملائه وأعاد غناء أغنية لأم كلثوم
كتب : أحمد السماحي
رحل أول أمس الخميس 2 ديسمبر المطرب والشاعر والملحن السوداني الكبير(عبدالكريم الكابلي)، أحد أساطين الغناء فى السودان، بعد مسيرة عطاء فنية امتدت 60 عاما، وذلك عن عمر ناهز 90 عاما، وكان الراحل قد دخل منذ أكثر من ثلاثة أشهر في العناية المركزة بإحدى مستشفيات ولاية (ميتشجن) في الولايات المتحدة، التي كان يقيم فيها مع بعض أفراد أسرته، وكنا طالبنا ونشرنا هنا قبل أيام من مهرجان الموسيقى العربية الأخير تكريم هذا المبدع الكبير، نظرا لثراء مشواره، لكن ماذا نفعل في الموظفين المسيطرين على المهرجان؟!، والجهل السائد عامة في حياتنا الفنية والإعلامية.!
رئيس الوزراء يرثيه
أشعل رحيل (الكابلي) مواقع التواصل الاجتماعي خاصة من عشاق صوته على مستوى العالم العربي، وقد نعاه رئيس وزراء السودان (عبد الله حمدوك)، وقال في تغريده له على تويتر: (أقدم التعازي لأسرة الراحل والأمة السودانية ولكل محب الفن والجمال والحياة، كان الراحل رمزاً للفن السوداني والجمال الأخاذ ونصب أدبي ضخم نحت اسمه في ضمير شعبنا بأحرف من نور).
عبدالناصر يصفق له
يعتبر (عبدالكريم الكابلي) واحدا من عمالقة الفن السوداني، وكتب ولحن العديد من الأغنيات لنفسه ولعدد كبير من الفنانين السودانيين الكبار، وقد بدأ مشواره الفني في الثامنة عشر من عمره، لكن الفرصة الحقيقية لنجوميته لم تظهر إلا في عام 1961، عندما أدى أنشودة (آسيا وأفريقيا) للشاعر السوداني (تاج السر الحسن)، بحضور الرئيس (جمال عبد الناصر) خلال زيارته للخرطوم.
وبعد انتهائه من الغناء صفق له (عبدالناصر) وقال هذا هو الغناء الذي أحب أن يستمع إليه أبنائي وأحفادي، حيث كان نشيد (آسيا وأفريقيا) معبراً عن مرحلة التحرير بكل ما يحمل من معان، فى اليوم التالي للحفل كان (الكابلى) حديث السودان، والشغل الشاغل للمهتمين بالفن السودانى، بل خرجت مجلة (الصباح الجديد) تحمل صورته فى غلافها، وكان عنوان الصورة (عبدالناصر يتنبأ لهذا الفنان الصاعد).
غنى لأحمد شوقي والعقاد والفيتوري
لم يغن الفنان الراحل باللهجة السودانية المحلية فقط، لكنه غني العديد من الأغاني باللغة العربية الفصحى التي ساهمت في نشر أغنياته وذيوع صيته خارج السودان أيضا، ومن أبرز أغانيه التي خُلدت في الذاكرة (شذى الزهر) للشاعر الكبيرمحمود عباس العقاد، و(صَدّاحُ يا مَلِكَ الكَنارِ) لأحمد شوقي، و(حبيبة عمري)، و(يا ضنين الوعد) لصديق مدثر، و(أراك عصي الدمع) لـ (أبو فراس الحمداني)، و(الجندول) لعلى محمود، و(معزوفة لدرويش متجول) لشاعرها السوداني الأصل محمد الفيتوري، (يا نسيم قول للأزاهار) إسماعيل خورشيد، (يا عازف الأوتار) حسين بازرعة، (الذكريات)، (لحن الحياة) عوض القرشي، (المولد) محمد المهدي المجذوب.
فضلا عن أغنيات أخرى شهيرة له باللغة العامية مثل (زمان الناس، حبك للناس، شمعة، دمعة الشوق، الحرموني منك، بت ملوك النيل، يازاهية، حسنك فاح مشاعر، سكر سكر، نوم عيني، السيل بوبا، خال فاطنة، زينة وعجباني، أمير، ومابنخاصمك، وجار، ويا زهور سهرتينا، والكل يوم معانا) وغيرها الكثير.
أم كلثوم تصفق له
كان (الكابلي) واثقا من نفسه ومن موهبته بحكم ثقافته الواسعة، لهذا كان له وجهة نظر خاصة به بالنسبة لبعض الأشعار، فرغم الشهرة المدوية لأغنية (أراك عصي الدمع) التى غنتها (أم كلثوم)، لكن هذا لم يمنع (الكابلي) من إعادة تلحينه للقصيدة مرة أخرى، مما جعل كثير من زملائه يسخرون منه، ويتساءلون كيف يعيد هذا المجنون لحن غنته كوكب الشرق، لكنه تحدى منتقدوه، وأعاد تلحين القصيدة، وعندما زارت (أم كلثوم) السودان غنى أمامها القصيدة، وعندما وقفت على قدميها تصفق، صمت منتقدوه إلى الأبد، بل أن صحفيين مصريين أشادوا بلحنه المتسق مع كلمات القصيدة بعد أن ذللها للسلم الخماسي.
أعاد تلحين الجندول
بعد الشهادة التى حصل عليها من كوكب الشرق أم كلثوم، بعد إعادته لتلحين قصيدة (أراك عصي الدمع)، شجعه هذا النجاح في إعادة تلحين قصيدة (الجندول) التى قام بغنائها الموسيقار الكبير (محمد عبدالوهاب) من أشعار (علي محمود)، وحققت القصيدة بلحنه نجاحا كبيرا.
رحم الله (عبدالكريم الكابلي) الذي وصل لقمة الشهرة المحترمة بثقافته وبدراسته فى التراث، وبأدائه المميز، وبإحترامه لفنه وفن أهل السودان.
ثالث أسطورة
بهذا الرحيل يكون (الكابلي) هو ثالث أسطورة غنائية تموت هذا العام على التوالي حيث رحل في شهر أكتوبر الماضي في الجزائر المطرب الكبير (رابح درياسة)، عن عمر يناهز 87 عاما في منزله بالبليدة جنوبي الجزائر العاصمة، وكان (درياسة) مغنيا ومؤلفا موسيقيا وملحنا ومن رواد الأغنية الجزائرية الشعبية وقد لقب بـ (ملك الأغنية البدوية).
بعده وفي الأول من نوفمبر الماضي رحل عملاق الأغنية السورية (صباح فخري) ملك القدود والموشحات الحلبية، والذي رحل عن عمر يناهز 88 سنة، بعد مسيرة غنائية حافلة، حيث تحولت الأغاني التي أداها في مسيرته إلى روائع تتردد في مختلف البلدان والمسارح.