كان بين الفنانيين زمان علاقة أقرب إلى الأخوة الصادقة، يعيشون طوال أيام التصوير علاقات صداقة بريئة، وزمالة محترمة، بعيدة عن المصالح الضيقة، والمنافع المؤقتة، والشوائب المكدرة، علاقة قائمة على الثقة والمودة والبساطة، أساسها الصدق وفروعها الكلمة الطيبة وإحسان الظن والألفة، لهذا كانوا يجتمعون دائما فى بداية أي فيلم أونهايته ليأخذون مع بعضهم صورة تذكارية أو (سيلفي) بلغتنا الآن.
كتب : أحمد السماحي
يعتبر فيلم (فاطمة) هو آخر أفلام كوكب الشرق (أم كلثوم) فى السينما، حيث عرض عام 1947 وحقق إيرادات عالية جدا، ودارت أحداث الفيلم عن قصة حقيقية حدثت لمطربة العشرينات الشهيرة (فاطمة سري) التى تزوجت زواجا عرفيا من (محمد بك شعراوي) ابن (هدى هانم شعراوي)، وحملت منه و تنكر لنسب طفلتها (ليلى)، فما كان منها إلا أن واجهته في المحاكم لإثبات نسب ابنتها لتكون أول صاحبة قضية نسب في مصر، هذه القصة تحمس لتقديمها فى السينما الكاتب الصحفي (مصطفى أمين)، عندما طلبت منه صديقته المطربة الكبيرة (أم كلثوم) كتابة قصة لتقوم ببطولتها للسينما فتذكر قصة (فاطمة سري) وشجاعتها وذكائها فكتب قصة قضيتها ونجاحها في نسب ابنتها لوالدها (محمد بك شعراوي).
وبالفعل بدأ تصوير الفيلم بعد سنوات طويلة من انتهاء القضية، وعلمت (هدى هانم شعراوي) أن صديقتها (أم كلثوم) تجسد قضية (فاطمة سري) من خلال فيلمها الجديد (فاطمة) فلم تصدق في بداية الأمر كل ما تردد فى الصحف القليلة التى لمحت إلى أن الفيلم مأخوذ عن قصة حقيقية لمطربة شهيرة مع (إبن الذوات) ولم تكتب الصحف الأسماء صراحة، لكن البعض (وشوش) لـ (هدى هانم شعراوي) أن ما أشارت إليه الصحف حقيقي، فغضبت جدا من (أم كلثوم)، واتصلت بمجموعة من سيدات الحركة النسائية، وقررن الذهاب إلى ستوديو مصر لمقابلة (أم كلثوم) ومعرفة الحقيقة منها.
وعلمت (أم كلثوم) بزيارة (هدى هانم) وحتى لا تواجهها وتضطر للكذب عليها لو سألتها عن مضمون فيلمها الجديد، قررت أن تخرج من الاستديو قبل وصولها، وعندما حضرت رائدة الحركة النسائية لم تجد غير بطل الفيلم (أنور وجدي) وباقي فريق عمل الفيلم وهم (حسن فايق، محمد الديب، عبد القادر المسيري، محمد كامل) والمخرج أحمد بدرخان، فتم التقاط هذه الصورة لتوثيق زيارة (هدى هانم شعراوي) لاستوديو مصر، وكانت هذه الصورة الـ (سيلفي) التى ننشرها هذا الأسبوع.
جدير بالذكر أن محرر مجلة (آخر ساعة) سأل (أم كلثوم) عن سر عدم تواجدها فى الاستوديو وهى بطلة الفيلم عند زيارة (هدى هانم شعراوي)؟ فردت (ثومة) قائلة : لأنني أحترامها جدا ولا أريد أن أكذب!.
