مهرجان الموسيقى العربية يستهتر بتاريخ الموسيقار السوداني محمد الأمين !
كتب : أحمد السماحي
منذ أيام كتبنا عن الجهل الفني لموظفي دار الأوبرا المسئولين بخصوص مهرجان الموسيقى العربية، فبعد أن بُح صوتنا للالتفات إلى العالم العربي بعيدا عن لبنان فقط! مع حبنا واحترامنا للبنان الأخضر، وطالبنا بتقديم حفلات غنائية لمطربين غير المقررين علينا في كل دورة، والذي أصبح المهرجان بالنسبة لهم (سبوبة) سنوية أو (نحتاية) يقبضون فيها عشرات الآلاف من الدولارات، وطالبنا العام الماضي أن يكون هناك نظرة على نجوم الغناء في السودان، ويبدو أن كتابتنا وصلت لهم فقاموا هذا العام بتكريم الموسيقار السوداني المبدع (محمد الأمين)، ولأنهم ليس لديهم لايقة، ولا ذوق، ويعيشون في جهل مدقع، فقرروا تكريم الرجل فقط، أي أن هذا المبدع سيحضر يستلم (السلطانية)! – أقصد درع التكريم وشهادة – ويعود لبلده سالما آمنا (ولا من شاف ولا من دري!).
وتجاهل هؤلاء المصابون بداء العته المنغولي في عقولهم أن لهذا الرجل تاريخ فني حافل، وله مئات من الأغنيات التى يعشقها الجمهور السوداني والعربي لهو نوع من الجهل غير المبرر من جانب من لايملكون حسا فنيا أو إنسانيا، فهم للأسف لايعرفون أن (محمد الأمين) صوتا شجيا يمكنه الغناء على مسرح الأوبرا في مناسبة تكريمه، فقد شارك في العديد من المهرجانات الغنائية داخل وخارج السودان، وقدم العديد من الحفلات في الدول العربية والأوروبية والولايات المتحدة الأميركية، أهمها المهرجان الثقافي الأول بالجزائر، ومهرجان الشباب العالمي في موسكو، والمهرجان الفني الموسيقي في هولندا، وحققت حفلاته دخلا كبيرا لمتعهدي الحفلات، واستقطبت مشاهدة جماهيرية ضخمة.
كما حصل على الدكتوراه الفخرية من جامعة النيلين في عام 2010، ومنحته رئاسة الجمهورية وسام الجدارة في ذكرى الإستقلال في عام 2014.
ولو أن هؤلاء الموظفين المسئولين عن مهرجان الموسيقى العربية كان لديهم حسا فنيا أو قدرا ضئيلا من الثقافة والعلم، كان ينبغي أن يفكروا في أن يحيي هذا الموسيقار السوداني حفلا كبيرا، يكشف عن كنوزه الغنائية النادرة، ومن ثم يتم تغطيته إعلاميا على نطاق واسع، بحيث يغني (الأمين) في هذا الحفل أغنياته التى يحفظها عشاق الغناء العربي، وربما كانت هذ الحفل قد خففت الأجواء السياسية المتوترة هذه الفترة بين السودان ومصر، بعد قرار عدم مساندة السودان قرار جامعة الدول العربية بدعم مصر في مطالبها المشروعة حيال أزمة سد النهضة الإثيوبى!.
وبعيدا عن السياسة ولو تم حسابها من الناحية التجارية فعدد السودانيون فى مصر يترواح ما بين مليون ونصف، ومليونيين، ولو علم 10% من هؤلاء بوجود حفل لأبن بلدهم في الأوبرا بالتأكيد سيكونون حريصون على قطع التذاكر وحضورها، لكن يبدو أن جوقة الموظفين المسئولين عن مهرجان الموسيقى العربية إما أنهم يتعمدون معاقبة (الأمين) على موافقته على الحضور!، أو بالأحرى هم مجموعة من الجهلة الذين يتولون أمرا لايفقهون فيه شيئا ووجب إبعادهم عن لجنة الاختيار التي لاتسيئ لرسالة الفن فقط، بل تسئ لمصر بضرب الهدف الأسمى للقوى الناعمة التي يمكنها أن تذيب جليد السياسة بين الدول من ناحية وتدفع إلى التنمية على أسس عملية ومنطقية من ناحية أخرى.
جدير بالذكر أن (محمد الأمين) تتلمذ على أغنيات (عبدالكريم الكابلي، ومحمد وردي)، ومن عباقرة العزف على آلة العود، عرفه الجمهور السوداني من خلال أغنية (بدور القلعه وجوهرا)، وتوالت أغنياته نذكر منها (وحياة ابتسامتك، أنا وحبيبي، ما أجملك، مسيحيه، قلنا ما ممكن تسافر، أسمر ياساحر المنظر، شوفتو طولنا، بعد الشر على) وغيرها الكثير، كما برع في الأغنية الوطنية والثورية نذكر منها (المجد للشهداء، المجد للشرفاء، أكتوبرواحد وعشرين، من دم القرشي وأخوانه، شهر عشره حبابو عشره، الملحمه) وغيرها.
وتردد اسم (الأمين) بقوة منذ ثلاث سنوات بعد الضجيج الذي أثاره أيقونة الغناء السوداني، عندما أوقف الغناء أثناء حفله ليوبخ جمهوره على ترديد الأغاني معه، قائلًا لجمهوره: (دعوا في بالكم إنكم أتيتم هنا للسماع وليس للغناء).! .. وكأنه يردد مقولة على لجنة الاختيار بمهرجان الموسيقى العربية، قائلا: (أنا مطرب والله .. لماذا لا تتركوني أغني يوم تكريمي؟!) .. إنه العبث والجهل والإصابة بمرض الغباء الذي يحول دون إدراك قيمة فن الغناء الجميل في زمن الضجيح الموسيقي الصاخب.