سمير صفير : الوضع اللبناني الراهن وراء عودتي لمملكتي اللحنية
كتب : أحمد السماحي
سمير صفير ملحن لبناني الفن عمره، والموسيقى شاغله، وإرضاء الجمهور مزاجه، عندما تسمع ألحانه تشم رائحة لبنان، أحدث الدهشة في عقول وقلوب كل المستمعين والمطربين والملحنيين من فرط عبقرية موسيقاه التى تخاطب الروح، وتأسر الوجدان، واعتمد فى ألحانه العذبة المليئة بالطاقة الإيجابية على الكلمة ذات القيمة الإنسانية التى تحمل في مضمونها الصور الشعرية الراقية، والحدوتة القصيرة الهادفة، والكلمة المنتقاة بتعب وحب.
صنع (سمير صفير) نجومية عدد كبير من المطربين اللبنانيين الذين تاهوا وضلوا الطريق بعد ابتعادهم عنه، فالجمهور لايذكر لـ (عاصي الحلاني) إلا ( وأنا مارق مريت، يا ميمة، امشي لحالي، ع كتاف البيدا، ويلي منهم، عطر المحبة، شوق الصحاري، مالي صبر، عذبوني وعذبوك، الوفا عنوان، مجنون، ولا تصدق، ردوا يا أهل الله) وغيرها، من بعد هذه الروائع لم يردد الشارع العربي للحلاني أغنية.
وقدم لـ (وائل كفوري) تجارب لا تنسى يكفى تجربته الوطنية التى أحببت شباب العالم العربي في أداء الخدمة الوطنية (التجنيد) حيث قدم له ألبوما كاملا بعنوان (12 شهر) الذي تضمن مجموعة من الأغنيات المتنوعة التى تعالج موضوعات يمر بها كل مجند عربي مثل (بكره رايح ع الجيش، مكتوبك مليان دموع، عيد العشاق، رسالة إلى أمي )، فضلا على الأغنيات العاطفية الشهيرة المحفورة حتى الآن في وجداننا مثل (ليل ورعد وبرد وريح، ما وعدتك بنجوم الليل، البرنيطة، مغرورة، شافوها وصاروا يقولوا، حكاية عاشق) وغيرها الكثير من بعد هذه الألحان فقد (كفوري) البوصلة، ووقع في فخ الرومانسية المستهلكة، حتى تم انقاذه في السنوات الأخيرة على يد اثنين من أهم ملحنيين لبنان (هشام بولس، بلال الزين).
كما كون (صفير) دويتو غنائيا ناجحا مع (نوال الزغبي) من خلال أغنياته لها التى جعلتها تحلق في سماء العالم العربي من هذه الألحان (قدامك حلين، حبك بعيوني مكتوب، أحلفلك بالحب، بيلبقلك، دق المهباج، لو واخد بالك، عيون عيوني) وغيرها.
ولم تقتصر ألحانه على هؤلاء فقط فلحن لكثير من نجوم الأغنية اللبنانية منهم (نجوى كرم، كلودا الشمالي، باسكال مشعلاني، ديانا حداد، مايا نصري، رامي عياش، إليسا) وغيرهم.
ومنذ سنوات حارب (سمير صفير) الفتنة الطائفية بصرخته المدوية التى أطلقها بصوته وألحانه التى حملت عنوان (الرمز اللبناني) كلمات رياض نجمه، توزيع علي صفا والتى دقت ناقوس الخطر على الوضع اللبناني، وكانت كالنبوءة التى تحققت بعد ذلك، والتى يقول مطلعها:
سني ودرزي وشيعي وروم وكاثوليكي وموراني
ردونا يا عيب الشوم للعصر المش إنساني
والأرزة اللي عنا مالها دين
دينا نبقى متحدين حتى نبقى ليوم الدين
رمز الشعب اللبناني
وعار علينا بهيك سنين نرجع نحكي بإسم الدين
مين اللي بيحمي لبنان لو صفينا منقسمين
ومع نفس شاعر هذه الأغنية قدم رائعة أخرى بصوته بعنوان (الناس أجناس) انتقد فيها بعض آفات المجتمع، وبعد أن استفزه قانون الانتخابات اللبنانية غنى أغنية وطنية ثالثة من كلمات (جرمانوس جرمانوس)، وتوزيع بودي نعوم بعنوان (هيدا قانونك)، (سمير صفير) قدم الكثير، والكثير للأغنية اللبنانية، ومن خلالها نسج لنا أعمالا تحولت مع الأيام إلى علامات بارزة فى تاريخ الأغنية العربية، لكنه ابتعد منذ حوالي أربع سنوات عن عشقه التلحين.
عن سر ابتعاده دق (شهريار النجوم) باب الموسيقار اللبناني المبدع الذي أكد في تصريحات خاصة لنا عودته قريبا إلى عشقه الأبدي التلحين، وقال: منذ حوالي أربع سنوات تقريبا وأنا لا أمارس هوايتي الفنية، وعايش لنفسي أشحنها بالقراءة والاطلاع والمشاهدة والاستماع، وهذه الأيام قررت العودة إلى ملعبي الفني وهوايتي، خاصة أن الأجواء اللبنانية الصعبة الآن هى التى دفعتني إلى العودة إلى مملكتي وعالمي التلحيني، وبدأت أشغل المحركات الفنية لدي، وبالفعل جلست مع بعض الشعراء لإختيار بعض من أشعارهم.
وقريبا سأزور مصر بلدي الثاني والتى أزورها منذ عام 1986 وسجلت في استديوهاتها أجمل الألحان، مع كثير من المبدعين مثل الموزعين (طارق عاكف، محمد مصطفى، وليد فايد، طارق مدكور، كريم عبدالوهاب) ومن الشعراء (بهاء الدين محمد، أحمد شتا)، وغيرهم من الأصدقاء.
وأضاف (صفير) قائلا: حاسس إني محتاج أشم ريحة النيل، ومحتاج أسمع فن مصر عن قرب، وأرى المطبخ الفنى الآن حتى أشحن بطاريات موهبتي بالجنون الفني الذي أتمناه، وأشعل وقود إبداعي بطاقة إيجابية لأبدأ رحلة عودتي مرة أخرى، فضلا على أن لي في مصر كثير من الأصدقاء المبدعين فى مجال الكلمة واللحن والتوزيع يسعدني أن أراهم مجددا.
وعن الوضع اللبناني الحالي قال: الوضع اللبناني على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والفنية حزين وسيئ بعض الشيئ، وربنا يقوم لنا لبنان ويرجع كما كان، وعندما تتعب بيروت وتحزن لابد من حضن بديل نحتمي فيه، ونرمي فيه أنفسنا ونحكي ونبكي ونضحك، وهذا الحضن هو مصر أم الدنيا.