سر تشكيل (عبدالوهاب الدوكالي) لعصابة من أولاد الشوارع !
كتب : أحمد السماحي
من أساطين الغناء فى العالم العربي المطرب المغربي المبدع (عبدالوهاب الدوكالي) هذا الصوت المثقف العبقري الذي قدم للأغنية المغربية والعربية الكثير، والكثير من روائع الطرب، التى يحفظها عشاق الطرب في العالم العربي بحب، ويرددوها بشغف، صوت (الدوكالي) لا يجعلك وأنت تسمعه تفكر في مرارة الأيام أو الخوف من (بكره) ففيه تدفق الشباب وانطلاقه العفوي، وفيه خبرة الشيوخ ونضجهم.
تحت عنوان (نجوم لمعوا هذا الموسم) نشرت الكاتبة الصحفية (عائشة صالح) في مجلة (الكواكب) في شهر نوفمبر عام 1963 تقريرا كبيرا مع حوار صغير مع المطرب المغربي الشاب – في هذا الوقت – (عبدالوهاب الدوكالي) بعد النجاحات المدوية التى حققها في مصر فى هذه الفترة، والاستقبال الرائع الذي اسُتقبل به من الوسط الفني فجاء فى التقرير التالي:
أشهر قليلة مضت على مجئ (عبدالوهاب الدوكالي) إلى القاهرة حيث جاء لأول مرة في يناير سنة 1963 وأصبح الناس يرددون أغانيه، الكل يعرف له الآن (حكايتي ويا حبي، وأنا الغلطان، وناديت على الحب)، وربما كان أشهرها وأنجحها (حكايتي ويا حبي)، ولها حكاية فعندما استمع (محمد الموجي) إلى صوت (الدوكالي) قرر على الفور أن يلحن له أغنية من كلمات (حسين السيد) لكن كسل (الموجي) جعل (الدوكالي) يلحنها بنفسه، وأثناء البروفات سأل الموسيقار (محمد عبدالوهاب) المخرج (محمد سالم) مخرج أضواء المسرح: الأغنية دي من تلحين مين؟ الموجي؟! فقال له محمد سالم : لأ (الدوكالي).
فهنأ (محمد عبدالوهاب) الدوكالي وطلب منه أن يزوره في بيته، وهناك غنى له (الدوكالي) أغنية (لا تكذبي) حتى مقطع: (ماذا أقول لادمع سفحتها أشواقي إليك) فقال له عبدالوهاب: عظيم ثاني، أهى دي بتاعتك فيها شخصيتك.
ولقب (عبدالوهاب الصغير) أعطاه له الكاتب (كمال الملاخ)، ولم يفت (جليل البنداري) أن يمنح (الدوكالي) لقبا آخر هو (أرسين لوبين)، ويقصد أنه (أرسين لوبين) الألحان.
وقال لي الدوكالي: أنا في منتهى الانبساط من هذا اللقب، فأنت تعرفين أن (أرسين لوبين) هذا مسموع وشهرته عالمية، وأنا أتمنى سمعته وذيوع شهرته، ولم تأت الشهرة لـ (لدوكالي) عن طريق صوته فقط وإنما بعبقريته وشقاوته، فقد كان دائما وهو طفل مطاردا من البوليس وأصحاب الخيول، كان يخطف الخيل ليأخذ منه عدة شعرات يصنع بها آلة موسيقية على يده، وعلى هذه الآلة كان يغني أغاني (عبدالوهاب) القديمة مثل (في الليل لما خلي، عندما يأتي المساء، الجندول).
وعندما كبر كون من أولاد الشارع (عصابة الدوكالي)، وفي كل أسبوع يعلن الحرب على أولاد شارع آخر ودائما ينتصر، ويأتي البوليس لتنتهي المعركة، وهناك ذاعت شهرته في بلده (فاس) وبدأ (الدوكالي) يغني، ودخل الإذاعة حسب طلب مديرها منه، ثم ترك المدرسة إلى الإذاعة تماما، وكان في نهاية المرحلة الثانوية، وله في الأذاعة المغربية حتى الآن 75 أغنية لحن هو ثلاثة أرباعها، والباقي لحنه له أشهر ملحني المغرب أمثال (أحمد البيضاني، وعبدالقادر الراشدي، وعبدالرحيم السقاط، ومحمد بن عبدالسلام) ومن أشهر أغانيه (موال الخال) .
والتحق (الدوكالي) بالكونسرفاتوار بالمغرب، ودرس السولفيج، وعلم نفسه العود، وأجاد العزف على البيانو والجيتار أيضا وعمل ممثلا في (الفرقة الوطنية) أشهر فرق المغرب وهى التى فازت بالجائزة الأولى في المسرح العالمي سنة 1958، وفي فرنسا في سنتي 1960، و1961، ومثل (الدوكالي) في الفرقة (حلاق أشبليه) وفي العام الماضي قدم 26 حفلة في الجزائر، ورغم كل هذا ظلت القاهرة هى حلمه الكبير، وأخيرا جاءته الفرصة عن طريق إذاعة (صوت العرب) وقلت له:
* وبعد أن تحقق لك هذا الحلم ؟
** قال: القاهرة هى مركز الفن في العالم العربي، وأنا آمالي لا تقف عند حد، وسأكون أول مطرب يغزو المريخ!.
* وأمالك القريبة؟
** أي بلد في العالم لها مطرب له شهرة عالمية يطلبون أغانيه في كل بلاد العالم إلا نحن.
* وكيف ستحقق ذلك؟
** في جلسة لي مع مجموعة من الأصدقاء تناقشنا في الأغنية العربية فقالوا لي: يكفينا بكاء ونواحا نريد موسيقى (مودرن) راقصة، نريد أغاني على ألحان (الفالس، والتانجو، والتشاتشا) وعلى هذا سألحن أغنية من كلمات الشاعر (عبدالوهاب محمد) وستكون (تويست) ومطلع الأغنية يقول :
اوعي تقصي شعرك أبدا أوعى تقصيه
أنا معجب بيه جدا جدا، أنا معجب بيه
مفتون بنعومته ولمعانه وبحب أشوفك علشانه
خليه على طول يطول يطول خليه خليه
دانا معجب بيه جدا جدا انا معجب بيه.
وهذه الأغنية سأخرجها بنفسي للتليفزيون، فأنا أكثر من يحس بها، وهى نفسها سأترجمها إلى الانجليزية والفرنسية وأسجلها بصوتي، وهذا ليس غريبا وسأعمل على أن تكون لي أغان كثيرة مترجمة، ولن أكتفي بأن ألحن لنفسي فقط، سألحن في الموسم القادم لكلا من (فايزة أحمد، نجاة، شريفة فاضل، مها صبري)، كذلك سأغني من ألحان (الموجي، وبليغ حمدي)، وأتمنى أن أغني من ألحان (محمد عبدالوهاب) الذي أشاد كثيرا بصوتي.
والمسرح كان دائما هوايتي ويسعدني أن أشترك في المسرح الغنائي إذا عرض على ذلك، ومع ذلك فأنا أفضل الآن السينما على المسرح، وقد تعاقدت مع المنتج (رمسيس نجيب) على بطولة فيلمين في الموسم القادم أولهما (مذكرات خادمة) مع لبني عبدالعزيز، ورشدي أباظة.
كما يكتب لي الشاعر عبدالوهاب محمد أغنية جديدة بعنوان (أرجوك أوعى تغير)، ويكتب لي صالح جودت أغنية أخرى ستكون مفاجأة، وكذلك الشاعر (حسين السيد).