(حزنهم يوم فرحنا)
بقلم : محمد شمروخ
(لعلمك إسرائيل هى التى انتصرت في حرب أكتوبر وعبرت القناة إلى السويس والإسماعيلية وأجبرت الجيش المصري على الانسحاب من الضفة الشرقي).
(خط بارليف لم يمس في الحرب وظل قائما لم تطأه قدم جندي مصري، أما الضربة الجوية فهى التى ضحك بها مبارك على الشعب طوال 30 سنة)، كذلك توغلت القوات الإسرائيلية نحو القاهرة وأسقطت السادات وأسرته مع كل قادة الجيش ثم أتت بـ (دوبيلرات) يشبهونهم بالمللي تم تجهيزهم للعب أدوار لصالحا وهم الذين أشاعوا أن مصر انتصرت في الحرب.
وتفضلا منها قامت إسرائيل (حمامة السلام في التاريخ القيم والمعاصر) بالانسحاب من سيناء لأنها محبة للسلام وقامت بتحطيم خط بارليف بنفسها حتى تثبت رسالتها.
وزيادة في التفضل سمحت إسرائيل للمصريين بالاحتفال بنصرهم الوهمى لمدة قاربت خمسين سنة، لكن من حقها اليوم بعد كل هذه السنين أن تستمتع بنصرها الذي حققته، لذلك يجب نشر هذه المعلومات في عقول الجيال المنكفأة على شاشات الموبايلات ليتابعوا ما يبث عبر مواقع الإنترنت اللقيطة وتعمل على ترسيخ هذه المعلومات الجديدة وترديدها كحقائق.
!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
لكن لن يصدق العالم إسرائيل كل هذا لو رددت هذه الباطيل وحدها، فلابد إذن من أن يتردد هذ الهراء على ألسنة (مصريين) يتم اختيارهم بعناية وبتوجيه مباشر أو غير مباشر، لنشر هذا مستغلين حالة الحماقة التى اتسم بها الشارع الثقاقى المصري إثر الانهيار العام الذي وقع في مصر في سنة 2011 وبعده صار الاجتراء على كل شيء هو الحاكم للمشهد، بداية من العقائد الدينية الراسخة وحتى الحقائق التاريخية المثبتة والتى عشناها ووعيناها.
فما معنى أن يتفق الإسرائيليون والمنتمين إلى جماعة الإخوان ومؤيديهم وبعض فئات المثقفين “بمعنى أكثر دقة الذين يفرضون أنفسهم على المشهد الثقافى؟، على أن الإعلام المصري مازال يخدع المصريين بأن مصر انتصرت في حرب العبور؟!
فمنذ عدة سنوات كانت تسرى في الخفاء دعاوى بأن إسرائيل كسبت الحرب بعد يوم 14 أكتوبر وأن ما نسميه نحن بالثغرة والدليل على ذلك زيارة جولدا مائير لضباط وجنود الجيش الإسرائيلي الذين (عبروا) إلى الجانب الغربي للقناة عبر ثغرة الدفرسوار.
أيكما أن المصريين عبروا، فكذلك الإسرائيليون فعلوها لتدور رحى الحرب لصالح العدو الصهيونى ويضطر السادات للقبول مرغما بوقف إطلاق النار، ثم تصدر التعليمات للإعلام بخداع المصريين وهو الخداع الذي يمارس حتى الآن!.
ومطلوب منك أن تغمض عينيك لتثبت أنك مبصر وأن توقف عمل عقلك ليعلم الناس أن تفكر بحرية، فآفة هذا العصر هو الاعتقاد بأن كل ما هو ثابت يجب أن يتغير وأن كل ما هو سائد يستحق أن يتزعزع وكل قديم حق عليه الهدم.
ومنذ ليلة 6 أكتوبر الحالى كان الهم الشاغل لمواقع وقنوات الإخوان هو ترسيخ هذه الأكاذيب الكبرى، نكاية في الجيش المصري ولتظهر إسرائيل هى المنتصرة في كل حروبها.
وقد شاهدت حلقة على مدى أكثر من ساعة على إحدى قنوات ما يسمى بالمعارضة المصرية في الخارج، كل هم مقدمها هو أن يثت أن انتصار أكتوبر قد تحول إلى هزيمة بعد الثغرة وكأن الانسحاب الذي جرى بعدها كان انسحاب المصريين من شرق القناة وليس انسحاب الإسرائيليين من مناطق تسللوا إليها غرب قناة السويس.
فمن المعروف أن أهم أهداف الثغرة كان إجبار المصريين على الانسحاب من مواقعهم التى نجحوا في اختراقها والسيطرة عليها بعد أن دمروا خط بارليف وتجاوزه وسيطروا على شاطئ القناة الشرقي.
فماذا كان سيفعل الجيش الإسرائيلي في غرب القناة؟!، هل سيبقى في موضعه محاصرا من القوات المصرية حتى لو كان قد نحج في محاصرة الجيش الثالث؟!
ألم يكن من بد أن ينتهى هذا الحصار لأنهم كما حاصروا، حوصروا، وما كان للقوات الإسرائيلية المتسللة أن تتقدم نحو الغرب، لأنها تعلم جيدا أن هلاكها حتمي وإلا كانت فعلتها عقب نكسة يونيو!
فتقدمها غربا بعد الثغرة نحو الدلتا أو القاهرة، كان يعنى أن تدفنها رمال صحراء الشرقية، لأن من ورائها في الشرق قوات مصرية تربض على جانبي القناة وأمامها قوات مصرية تقف لحماية المنطقة المركزية، بالإضافة إلى ملايين من أبناء الشعب فالمغامرة بالتقدم نحو القاهرة كان حركة مسرحية كان الجميع يدركون أن دونه خرط القتاد، فلم يكن أمام إسرائيل بعد الثغرة إلا أن تنسحب من غرب القناة وشرقها لأنه قضي الأمر مع تشبث المصريين بمواقعهم فى كل شبر حرروه ولم يبتلعوا طعم اقتراح انسحاب قوات من الشرق بحجة تصفية الثغرة، إذ لو انسحب جندى واحد من الشرق إلى الغرب لكانت هذه بداية انتكاسة حقيقية ولأن إسرائيل تجيد الدعاية مدعومة بوقوف الإعلام الغربي وراءها، فساعتها كانت كانت ستشيع في كل العالم أن المصريين تراجعوا متخاذلين ولسرى الإحباط في النفوس خاصة أنه لم يكن هناك من خطة لاحتمال الانسحاب فقد كان القرار النصر أو الموت.
إذن فليفرحوا بثغرتهم وليبقوا في مواقعهم ولننظر ماذا سنرى!
لقد تحدث الدكتور جمال حمدان في كتابه (حرب أكتوبر في الإستراتيجية العالمية) وبالتحديد فى الصفحة رقم 160 من الكتاب (سلسلة كتاب الهلال – عدد 562 الطبعة الصادرة أكتوبر 1997) عن الثغرة، قائلا: (لو كانت أمام جيش آخر لغيرت مجرى الحرب، لكن الإسرائيليين عجزوا عن أن يخلقوا منها أكثر من جيب محاصر بسبب تماسك القيادة والقوات المصرية التى اعتبرت العملية فى النهاية مغامرة دعائية سياسية نفسية ولكنها عسكريا محكوم عليها بالاحتواء والفناء، وإذا كان وقوع هذه الاختراقة مما يحسب على القيادة المصرية، فما يحسب لها بلا شك كذلك هدوء أعصابها ورباطة جأشها وموقفها الصامد إزاءها، ففى وجه دعوات الانسحاب من الضفة الشرقية (تذكر عقدة الانسحاب المذعورة) أو تقليص حجم المعركة فيها للالتفات إلى الثغرة، قررت الصمود والمواجهة فى الضفتين بنجاح طيب ولا بأس به فى النهاية).
وها قد رأينا انسحابهم من الضفة الشرقية بطول قناة السويس وكذلك من المواقع التى تسللت إليها غرب القناة جنوب الإسماعيلية، بالإضافة إلى تحرير جانب كبير غرب خليح السويس وما بقى من سيناء لم تمنحه إسرائيل لمصر إلا بعد أن ذاقت بأس الجندى المصري، فمتى انسحبت إسرائيل من مواقع احتلتها قبل هذا التاريخ.
ولكن الحانقين من الناس المدفوعين بدوافع مريبة يحكمون فقط حسب الموقف السياسي أوالأيدولوجي المكبل لعقولهم فيكون تقييمهم للمواقف دون الإلتفات إلى الحقائق القائمة التى يؤيدها الواقع، ذلك لأنهم لا يعرفون حققيقة ولا يعترفون بواقع.
لذلك يسعدون في ذكرى نحزن لها مثل 5 يونيو، بينما يعتصرهم الحزن ليوم نسعد فيه ولو كان ذكرى لنصر عظيم!.