الطريق الى 30 – (15) .. فضيحة مدوية
بقلم المخرج المسرحي الكبير : عصام السيد
فى اليوم السابق على افتتاح المعرض العام الخامس و الثلاثون استدعى وزير الثقافة الدكتور صلاح المليجى رئيس قطاع الفنون التشكيلية و أبلغه أن شرط افتتاح المعرض هو إزالة ثلاثين عملا مخالفين للوائح و قوانين المعرض حسب نتيجة التحقيق فى الشكوى المقدمة ، وإلا فلن يتم الافتتاح ، و تم إبلاغ ذلك للفنان الكبير محمد الطراوى قوميسير عام المعرض.
و فى الموعد المحدد للافتتاح امتلأت ساحة الأوبرا بالفنانيين التشكيليين و معهم مئات من مختلف رجالات الفنون و الآداب و الكتاب و المثقفين بل انضمت إليهم أيضا مجموعات تنتمى لاتجاهات سياسية – كان أبرزها مجموعة صاخبة من 6 أبريل – فى مظاهرة تهتف ضد المرشد و تطالب باسقاطه و إسقاط حكمه ، و كان الجميع على أحر من الجمر انتظارا لما ستسفر عنه الأحداث : هل سيتم افتتاح المعرض أم سيتم تأجيله ؟ و هل سيتم تنفيذ شروط الوزير أم سيضرب بها عرض الحائط ؟ و مع تأخر الافتتاح عن موعده بدأت الشائعات فى السريان ، و بدأ أيضا التحضير لردود الأفعال لو لم يتم افتتاح المعرض ، هل يتم اقتحام مكان المعرض و فتحه عنوة ؟ و هل يليق هذا مع معرض للفنون التشكيلية ؟ أم يتم الاعتصام أمام أبواب المعرض؟ .
و بينما كانت المناقشات تدور خارج المعرض ، كانت هناك مفاوضات تدور فى داخله بين الأمن و القوميسير العام ، لرفع الأعمال المخالفة ، فطلب منهم الطراوى رفعها إن كانوا يعرفونها ، و عندما ألمحوا لعدم افتتاح المعرض أبدى موافقته على عدم الافتتاح على أن يتم ابلاغ النائب العام ضد الوزير بتهمة إهدار المال العام فى مطبوعات و تجهيزات المعرض التى سيتم إعدامها . و هنا طلب منه رجال أمن قصر الفنون بالوقوف أمامه حتى موعد الافتتاح ، فالتزم الطراوى و أعضاء لجنة المعرض بذلك ، ثم ظهر الدكتور المليجى ليفتتح المعرض وسط هتافات الجموع المحتشدة .
و أعلن وزير الثقافة لـ (المصري اليوم) أنه تم افتتاح المعرض بعد أن تم استبعاد 30 عملاً فنيًا ومنعها من العرض، بسبب مخالفتها للوائح والقوانين، مضيفاً أنه جارى التحقيق في هذه المخالفات وإعلان نتائج التحقيقات قريبا. فى حين قال الطراوى فى (اليوم السابع)، أن الفنانين التشكيليين أصروا على افتتاح المعرض وفقا لقرارات اللجنة العليا المنظمة وعدم تنفيذ شروط أو إملاءات وزير الثقافة ومؤكداً أن ما حدث يعد انتصاراً للحركة التشكيلية ، بعد أن أشهرت أنيابها . و قال إن اللجنة المنظمة سوف تعقد اجتماعًا طارئًا فور انتهاء الافتتاح، لاتخاذ ما تراه تجاه اعتداءات من حاولوا إفساد المعرض العام من قبل (طفيليات) التشكيليين. و كان يقصد بهم بعض الذين تقدموا بالشكوى ضد اختيارات لجنة المعرض و التى سرت شائعة أنهم ينتمون للإخوان .
كانت الفضيحة مدوية ، فلقد ضربت اللجنة عرض الحائط بقرار الوزير و هو لا يدرى ، و لذا صرح للصحف بعكس ما تم ، و اكتملت الفضيحة بتجمهر عدد كبير من الفنانين و المثقفين تعضيدا لموقف اللجنة المنظمة ، الذين هتفوا ليس ضد الوزير فقط بل ضد المرشد و حكم المرشد . و لذا أصدر وزير الثقافة قراراً بإنهاء انتداب الدكتور صلاح المليجي من رئاسة قطاع الفنون لمخالفته الاتفاق الذي تم في مكتب الوزير في حضور نقيب التشكيليين باستبعاد جميع الأعمال الفنية التي قدمت بعد الموعد الرسمي لتقديم الأعمال، ومنع عرضها في المعرض العام . حسب تصريحه لـ (المصري اليوم).
من جانبه قال المليجي لنفس الجريدة أن الوزير تدخل في عمل اللجنة رغم أنه ليس من سلطته التدخل في ذلك ، وهو ما رفضته اللجنة المنظمة للمعرض و أضاف فى تصريح لـ (اليوم السابع) : ( كنت أعلم وأنا أفتتح المعرض العام بأنه سوف يتم إقالتى فى اليوم الثانى ولم أرغب فى أن أقدم استقالتى وانتظرت حتى يظهر للجميع أن عبد العزيز جاء لينفذ خطة معينة ).
و قال الفنان محمد الطراوى، إن قيام وزير الثقافة بإنهاء ندب الدكتور صلاح المليجى ، كرئيس لقطاع الفنون التشكيلية ، يؤكد أن هناك مؤامرة لتمكين جماعة الإخوان المسلمين من قطاعات وزارة الثقافة، ينفذها الدكتور علاء عبد العزيز . و فى نفس الوقت أصدر عدد من الفنانين التشكيليين، بيانًا للتعبير عن رفضهم الشديد لقرار إنهاء انتداب الدكتور صلاح المليجى، كرئيس لقطاع الفنون التشكيلية – كان البيان هو الأشد صياغة ورفضا للوزير حتى هذه اللحظة – وذكر الفنانون فى بيانهم : ( إن إقالة الفنان الدكتور صلاح المليجى، لم تكن مفاجأة لهم، حيث كنا ننتظرها فى خلال ساعات من افتتاح المعرض العام فى دورته الخامسة والثلاثين، لأن – المليجى – كان قد أخذ قراره بانحيازه لعائلته الفنية وفتح المعرض على مسئوليته الخاصة ، ولهذا كانت الضربة موجعة لوزير مكتب المقطم الذى تتفتح عيناه على ما يسمى بالثقافة لأول مرة فى حياته، من أجل هذا ندعو هذا الوزير الإخوانى أن يفتح أذنيه ليسمع ويعى هذا البيان الذى لا هزل ولا مزاح فيه من الجماعة التشكيلية والثقافية المصرية).
وقال البيان : ( إن إقالة الفنان صلاح المليجى قرار ساذج محدود التأثير والقيمة -علاوة على تعسفه ومخالفته للوائح والقوانين – لأنه فنان كبير فى جماعته التشكيلية وأستاذ قدير فى كلية الفنون الجميلة بالقاهرة ، وله دوره الفعال فى هذين الكيانين ولم يحصل على الدكتوراه فى 25 سنة، أى أن الفارق فى المقام بين الاثنين عظيم ، فأهلاً بـ (المليجى) بين أبناء عائلته الثقافية، ولا أهلاً ولا سهلاً بك يا وزير مكتب شجرة الدر بالزمالك فقط ، لذا نرفض هذا القرار المتعسف، ونطالب بعودة المليجى إلى مكتبه فى قطاع الفنون التشكيلية فوراً بموجب القانون ).
وأكد البيان: ( لن نسمح بتواجد وزير ثقافة مكتب الإرشاد المطرود من الجماعة الثقافية المصرية فى أى فاعلية أو مناسبة ثقافية تخص الحركة التشكيلية بأكملها ، ويتضامن معنا فى هذا بكل تأكيد الحركات الإبداعية الأخرى بين أدبية وسينمائية ومسرحية ، طبقاً لقرارات المؤتمر الأول للمثقفين الذى عقد مؤخراً بنقابة الصحفيين ، ونتحداه فى كسر أو مجابهة هذا القرار الذى لا يستطيع أن يخترقه إلا بالقوة الأمنية التى تحميه وليس بقوة جماعتنا الفنية والثقافية.
و دعى البيان لوقفة احتجاجية عاجلة أمام قصر الفنون بالأوبرا يوم الخميس القادم الساعة الخامسة مساءً، ومنها إلى مكتب مندوب المرشد فى وزارة الثقافة بالزمالك، إيماناً منا بأن وجوده فى الوزارة هو داخل مكتبه فقط ، لذا نريد محاصرته فى محيطه الورقى حتى يرحل عن الوزارة نهائياً بلا رجعة.
وأضاف البيان: ( نعلم علم اليقين أن عسكرى الثقافة بمكتب الإرشاد بالزمالك قد جاء بخطة تدميرية تستهدف معمار الثقافة المصرية العريقة من منطلق فكر كهنوتى أسود نابع من الكتب الصفراء، لهذا لم ولن يفهم هو وكهنته طبيعة الشخصية المصرية العنيدة التى لا تقبل بالانحناء مهما كان الثمن المدفوع .
و من تلك اللحظة انضمت أغلب الحركة التشكيلية إلى جموع المثقفين الرافضين للوزير الاخوانى – بعد انضمام تشكيليون فرادى – بل أصبحت فاعلة و مؤثرة و قائدة .
و لهذا حديث آخر …..