ناصر وعبد الكريم الكابلي .. علاقة حب خاصة جدا !
كتب : أحمد السماحي
نحيي اليوم الذكرى الـ (51) لرحيل الزعيم الخالد (جمال عبدالناصر)، وبهذه المناسبة نلقي الضوء على علاقة خاصة جدا ربطت بينه وبين المطرب السوداني الكبير (عبدالكريم الكابلي) الذي تدهورت صحته فى الأيام الأخيرة وبالتحديد مع بداية شهر سبتمبر الجاري حيث يعيش مطربنا العربي الكبير (90 سنة) مع أسرته في الولايات المتحدة الأمريكية، ومنذ انتشار خبر مرضه توالت دعوات محبيه في الوسائط الاجتماعية، متمنين عودته معافيا ليواصل مسيرته الفنية التي ألهمت ملايين السودانيين خصوصا الطبقة المثقفة.
أكثر ما ميز مسيرة (الكابلي) الذي ولد في شرق السودان في عام 1932 هو جمعه بين ثلاث مواهب يندر أن تجتمع في فنان، فإضافة إلى حسه الموسيقي المرهف فهو مثقف، ومترجم، وباحث تراثي من الطراز الرفيع، فبعد أن أكمل دراسته في خمسينيات القرن الماضي التحق (الكابلي) بالقضاء السوداني وعمل به نحو 20 عاما، قبل أن يقضي بضع سنوات للعمل كمترجم في السعودية، ليعود إلى السودان مرة أخرى محترفا الغناء ويتربع على قمة الهرم الفني مع عدد من كبار المبدعين السودانيين.
وبدأ الكابلي الغناء في الثامنة عشر من عمره، وظل يغني في دائرة جلسات الأصدقاء والأهل لمدة عقد من الزمان إلى أن واتته الفرصة الحقيقية فى شهر نوفمبر عام 1960، عندما تغني برائعة الشاعر (تاج السر الحسن) أنشودة (آسيا وإفريقيا) التى تمجد ظهور حركة عدم الانحياز ومؤتمر باندونج بأندونيسيا، وتشيد بالعلاقات المصرية السودانية، ووصف فيها الشاعر مصر بأم جمال، تحية منه للرئيس المصري (جمال عبدالناصر) الذي حضر الحفل، والذي أغرم به ( الكابلي) وكان من مناصريه، وتقول كلمات الأنشودة التى صفق لها (عبدالناصر) وهب واقفا يحيي المطرب السوداني:
عندما أعزف يا قلبي الأناشيد القديمةْ
ويطل الفجرُ في قلبي على أجنحِ غيمةْ
سأغني آخر المقطع للأرض الحميمةْ
للظلال الزُرق في غابات كينيا والملايو
لرفاقي في البلاد الآسيويةْ
للملايو .. ولباندوق الفتيةْ
والتي أعزفُ في قلبي لها ألف قصيدةْ
يا صحابي صانعي المجد لشعبي
يا شموعاً ضؤها الأخضر قلبي
يا صحابي فأنا ما زرت يوماً أندويسيا
أرض سوكارنو .. ولا شاهدتُ روسيا
غير أني والسنا في أرض أفريقيا الجديدةْ
والدجى يشرب من ضوء النجيمات البعيدةْ
قد رأيت الناس في الملايو
مثلما شاهدت جومو
ولقد شاهدت جومو
مثلما إمتد كضوء الفجر يومُ
مصر يا أخت بلادي يا شقيقةْ
يا رياضاً عذبة النبع وريقة، يا حقيقة
مصر يا أم جمال، أم صابرْ
ملء روحي أنت يا أخت بلادي
سوف نجتث من الوادي الأعادي
فلقد مدّت لنا الأيدي الصديقة
وجه غاندي وصدى الهند العميقةْ
صوت طاغور المغني
بجناحين من الشعر على روضةِ فنِّ
يا دمشق كلنا في الفجر والآمال شرق
أنتِ يا غابات كينيا يا أزاهرْ
يا نجوماً سمقت مثل المنائرْ
يا جزائرْ…
ها هنا يختلط القوس الموشّى
من كلِّ دارٍ كل ممشى
نتلاقى كالرياح الآسويةْ
للملايو ولبنادونق الفتيةْ.
كان النشيد معبراً عن مرحلة التحرير بكل ما يحمل من معان جعلت (عبدالناصر) يصفق بقوة، ويبدي إعجابه الشديد بالأنشودة، فى اليوم التالي كان (عبدالكريم الكابلى) شهيرا، والشغل الشاغل للمهتمين بالفن السودانى، بل خرجت مجلة (الصباح الجديد) تحمل صورته على غلافها، تشيد بالموهبة السودانية التى صفق لها الرئيس المصري.
إعجاب (عبدالناصر) بصوت (الكابلي) جعل المطرب السوداني يغني لـ (ناصر) أكثر من أغنية باسمه أولها (أقبل الصباح) التى يقول مطلعها :
أقبل الصباح مشرق وزاهر، يعلن الكفاح جنده مزامر
حدث البطاح عن زعيم زائر، عزمه رياح ملهم وثائر
أسمر الوشاح واسمه ناصر، يموج بالعزائم يشع بالرجاء
كنيلنا المسالم يفيض بالرخاء، وطارت الحمائم بإسمه حداء
واسمه معالم تلوح كبرياء، من توج النضال انه ناصر
من علم الرجال انه ناصر، من ذلل المحال انه ناصر.
من حرر القنال انه ناصر
عشت للأماني والغد الجديد
من مبلغ الأفغاني بعزمنا الأكيد
يضج بالمعاني على المدى البعيد
لك الغد النظير يا مشتهى الخواطر
يا خفقة الصدور، يا ملتقى المشاعر
من توج النضال انه ناصر، من حرر القنال انه ناصر
من علم الرجال انه ناصر، من ذلل المحال انه ناصر
وبعد هزيمة يونيو عام 1967 ساند (الكابلي) الزعيم المصري وغنى له أنشودة (جمال العربي) للشاعر (حامد أبو آمنة) التى تقول كلماتها :
قُم صلاح الدين وأشهد بعثنا
في لقاء القائد المنتصر
شعبنا الأسمر من فرحته
يزرع الدرب بحُب أخضر
تهتف الخرطوم تحيا القاهرة
أخت شعبي يا ينابيع النضال
نحن مُذ كُنّا عُرفنا اخوةً
سجل التاريخ أمجاد الرجال
يا عُرابي قُم وبارك لحظةً
ساقها المهدي رمزاً للنضال
يا عُرابي قُم وبارك لحظةً
نلتقي فيها بعملاق القنال
أنت يا ناصر مبدأ أنت فكرة
هي أغلَى ما بنينا من أماني
أنت يا ناصر مبدأ أنت فكرة
هي أحلَى ما عزفنا من أغاني
هي معناها إنتصارٌ للسلام
أن يزول القيد من أيدي السجين
جومو كنياتا الذي نعرفه
غضبةً تزأر في قلب العرين
نحن في أعيادنا نذكرهُ
قائداً حراً وعزماً لا يلين
فلنغني اليوم لحن الثائرين
لحماة المجد من شعب الجزائر
لإبن بيلا، وإنتفاضات الجزائر
للصبايا عشن في قلب الوغى
في أياديهن نارٌ لا تحاذر
لرفيقات جميلة لجميلة
لمعانٍ تتجلَّى في الحرائر
وإلتقت نهضتنا بالعربي
يوم صافحنا جمال العربي
أنت يا ناصر في أرضي هنا
لست بالضيف ولا المغترب
مرحباً بالقائدِ المنتصر
مرحباً بالثائر المقتدر
بالسلام الشاعري الأخضر
مرحباً بالقائدِ المنتصر
بالفتى الثائر المقتدر
بالسلام الشاعري الأخضر
بوابة (شهريار النجوم) تتمنى للمطرب السوداني (عبدالكريم الكابلي) الذي صفقت له (أم كلثوم) عندما أعاد تلحين وغناء قصيدتها الشهيرة (أراك عصي الدمع) لأبى فراس الحمدانى، الصحة والخير والسعادة، وأن يعود لفنه ولجمهوره العريض.