موهبة رمضان نقمة عليه
بقلم: محمود حسونة
الموهبة لا تجلب لصاحبها دائماً السعادة، والشهرة لا تحقق لكل مشهور الاستقرار والإشباع النفسي، بل أحياناً تكون الموهبة عامل تعاسة في حياة من لا يؤمنون بأنها هبة من الله عز وجل، يمن بها على من يشاء ويمنعها عن من يشاء، ويتوهمون بأنها صنيعتهم وأنهم وحدهم من يستحقونها ومن ينعمون بها ولا أحد سواهم، وأنها تخلق لهم تميزاً يمنحهم الحق في التعالي على الخلق والوصول إلى درجة عبادة الذات. والأمر ذاته ينطبق على الشهرة التي لا يكبح جماحها التواضع والإيمان المطلق بأنها من عطايا رب العالمين على بعض عباده والتي ينبغي أن تزيدهم احتراماً للناس التي رفعتهم فوق المستوى المألوف ومنحتهم الثقة والحب وصفقت لهم وانحازت إليهم دون غيرهم.
الفنان محمد رمضان، لديه الكثير من الموهبة والكثير الكثير من الشهرة، ولكن أشك في أنه سعيد في حياته، وكأن موهبته تحولت إلى نقمة عليه، بعد أن توهم أنه وحده ولا سواه الموهوب، ومن يتأمل الألقاب التي أطلقها على نفسه يدرك أنها جميعها تعبير صادق عن نفسيته، فهو ولا سواه (نمبر وان، والأسطورة) من وجهة نظره، بصرف النظر عن مدى اقتناع الناس بذلك من عدمه، ومن يختلف معه فهو من أعدائه الغيورين من نجاحه والحاسدين له. ومن تناقضاته أنه يعتبر نفسه (نمبر وان) بينما سلوكياته تعكس حاجته للمزيد من الشهرة، وهو ما تكشفه محاولاته الدؤوبة لإثارة الجدل حوله، من استعراضه لسياراته وممتلكاته، أو من خلال تصريحاته وتجاوزاته في حق المجتمع وقيمه أحياناً، مثل القائه بالدولارات في حمام السباحة، أو في حق الأفراد مثل تجاوزاته في حق العديد من الفنانين الكبار الذين ملأوا حياتنا إبداعاً، ولن يكون آخرهم الراحل الكبير عزت العلايلي وسيدة الرقي الفني سميرة عبدالعزيز.
آخر تصريحات محمد رمضان التي تحمل قدراً لا يستهان به من عبادة الذات، ما قاله بشأن الحفل الذي كان يفترض أن يحييه في العلمين الجديدة الخميس 2 سبتمبر وتم إلغاؤه (بعتذر لجمهوري عن إلغاء الحفل، إدارة المدينة بلغوني إن شعبيتي لا تسمح إني أعمل حفلة تشيل 3 آلاف شخص فقط، حرصاً على المكان والتزاحم تم إلغاء الحفل)، وبعد هذا التصريح ألحقه بآخر أكثر استفزازاً: (ما لقتش منافس ليا، قلت أنافس نفسي).
الغرور عندما يتمكن من إنسان يجعله لا يرى أحداً سوى ذاته ولا يسمع أحداً سوى ذاته ولا يحترم إلا نفسه، ولذا تكون استباحته للجميع بلا استثناء صغاراً وكباراً، وكلام رمضان فيه تجاوز على كل أصحاب المواهب والمبدعين، والسبب أغنياته ومهرجاناته التي تخلق حالة من فقدان التوازن، وهو الفعل نفسه الذي تفعله كل أشكال وألوان المواد المخدرة والمسكرة والتي يقبل عليها بعضهم ليعيش حالة من فقدان الوعي والتوازن لبعض الوقت.
الفنان الذي أوجعته موهبته ونالت منه شهرته، سمح لنفسه أن يصل حد تجاوزه إلى النيل من شعوب، وما قاله في حوار تليفزيوني في لبنان، عن أن الفنانة اللبنانية التي يعمل ديو معها لم تُخلق بعد، وأنها يمكن أن تكون موجودة بعد 15 عاماً، يؤكد وصوله إلى الذروة في عبادة الذات والتقليل من شأن الآخرين سواء كان هذا الرأي يعبر عن قناعاته أو على سبيل الانتقام بعد سحب الدكتوراة الفخرية (الوهمية) منه هناك، لذا كان من حق الفنانين اللبنانيين رد الصاع صاعين له، وكنا نتمنى أن يكون الرد أكثر قسوة وحدة عله يفيق من غروره قبل فوات الأوان، ولكن يبدو أن الفنانين اللبنانيين مشغولين اليوم بوجعهم وخوفهم على بلادهم التي تنهار أمام أعينهم بفضل فقدان التوازن وغياب العقل لدى الطبقة السياسية هناك، وهو الهم الأكبر من الرد على هذيان فنان اعتاد تحقير الآخرين والنيل من الكبار قبل الصغار.
رمضان لم يقرأ تاريخ الفن ولا يعرف أن الفنانين والفنانات اللبنانيات شاركوا المصريين في بناء السمعة المتميزة للفن المصري، ولن ننسى أن عمر الشريف ويوسف شاهين وهنري بركات وماري كويني وآسيا داغر وبديعة مصابني وجورج أبيض وصباح أصولهم لبنانية.
لا أصدق أن محمد رمضان سعيد بموهبته، نتيجة عجزه عن إدارتها بأسلوب صحيح، ولا أتخيل أنه يستمتع بشهرته بعد أن زادت خطاياه، ومعها ازداد الرافضون له والمقاطعون لأعماله والكارهون لتجاوزاته، وهو ما سينعكس سلباً على مكانته الفنية، وحتماً سيقصر عمر نجوميته، وهو ما لمسناه من انصراف الناس عن مسلسله الرمضاني (موسى)، وهى خطوة ستتبعها خطوات من الرفض والمقاطعة، لأن الجمهور يحبذ أن يكون نجمه متواضعاً وذي خلق كريم ويرفض أن يكون فظاً غليظ القلب تملكه الغرور وتمكنت منه عبادة الذات.
mahmoudhassouna2020@gmail .com