وداعا إقصاء المبدعين
بقلم : على عبد الرحمن
كالعاده فعلها الرئيس مؤخرا بعدما أعطى إشارة البدء لتشغيل ماكينات الإبداع الفكري لصالح الوطن وقضاياه، وذلك في مداخلته مع الإعلاميه (عزة مصطفي، والكاتب عبد الرحيم كمال) علي قناة (صدي البلد) ليعلن دعمه لكل مبدع وتقديره لأهل الفن والأدب والثقافة، وحاجة الوطن لأعمال نوعية تخدم قضاياه، بل وحدد قضايا بعينها ملحة مثل قضايا بناء الوعي، ودعم الهويه، وترسيخ قيم الإنتماء، وطالب بتجديد الخطاب ليس الديني فقط ولكن خطاب الفهم والحوار والتوجيه لضرورات المرحله، ولمح إلي قضايا استهداف الدوله وأهمية وجود قيادة وطنيه واعية، ورسخ اهتمامه بل وبحثه عن كل مبدع يقدم جديدا للوطن وقضاياه.
لقد أسعد الرئيس بكلامه كثيرا من مبدعي مصر في كل مجال الذين طالهم الإقصاء وأصبحوا عاطلين لا لشئ سوي أنهم مبدعين وأنهم لايتملقون ولا يسعون لتقديم أنفسهم، قناعة منهم بأنهم موهوبين ومحبين للوطن ولديهم مايخدمون به وطنهم، والغريب دوما أن مياه كل قطاع تظل راكده! حتي يلقي فيها الرئيس حجرا يحرك سواكنها!، ورغم أن لكل قطاع قادته وخبرائه وكوادره! إلا أن الكل نيام، غافلون بقصد أو بدونه، لايقم أحد بدوره انتظارا لإشارة الرئيس!، رغم كل ملفات العمل الوطني التي تشغله ورغم أن هذه الإشارات ليست من صميم مسئولياته، فهو يعمل عمل الرئيس، والوزراء، والقيادات لأن الكل لايبحث ولا يبذل جهدا لأداء دوره الوطني كما يجب.
فهل يعقل أن يحرك الرئيس الإعلام خلفه ويهز بيده شجرة الثقافة والإبداع وهو الذي يتلاحم مع البسطاء وهو الذي يكرم المجتهدين وهو الذي يطلق المبادرات وهو الذي يحث المجتمع المدني علي التحرك في ملفات العمل العاجله؟!!!، أين حمرة الخجل من وجوه القائمين على شئون الثقافة والفن والابداع! وفي قطاعات أخرى؟!، لماذا هذا التهميش والإقصاء لكل مبدع وفاهم في مجاله؟، ولماذا أصبحنا نعيش في زمن الرويبضه!، هل هذا الإقصاء مستهدف؟، أم غير مقصود؟، أم أن أولي الأمر حاليا يخشون ظهور المبدع الفاهم حتي لايكشف ضآلة إمكاناتهم!!!.
لقد نادينا كثيرا عبر موقعنا هذا بحاجة الوطن إلي كل خبير ومبدع، وطالبنا بخطة قومية للإعلام، وخطة وطنية للإنتاج، وطالبنا بضرورة تقديم أعمال إعلامية وفنية تدعم الانتماء وتحافظ علي روافد الهويه وتدفع كل إنجاز يتم، بل وتقفز إلى غد أفضل يقدمه مبدعي مصر، وكأننا نحرث في البحر لم يتحرك ساكنا، وأصر أولي الأمر في قطاعات الإعلام والفنون والثقافة علي استمرار مسيرة التسفيه وإكتمال دوره التسطيح وأن يتسيد المشهد غير أهله، ومن ثم رأينا إنتاجا برامجيا ضعيفا سحب سجادة الرياده من تحت أقدام مصر، وظهرت برامج الثقافة والهوية والتاريخ والمواهب على الشاشات من حولنا، وكأن الأمر لايعني أهل الإعلام والانتاج، واستمروا في إنتاجهم النمطي الردئ طبخا، وأحلاما، وعبثا، ولم يشعروا بقيمة مايقدم من حولنا، ولا بخطورة ما يحدث علينا هوية وانتماءا ورياده.
وطالبنا هنا أيضا بأن مصر التي في الدراما ليست مصرنا أبدا، وقلنا إن الدول من حولنا تنتج دراما تاريخية ووطنية وسير ذاتيه تخدم توجهات هذه الدول، وأننا بحاجة ماسة إلى أعمال إبداعية عن بقاع الوطن ورموزه وإنجازاته وتطلعاته وأيام من تاريخه، ولكن لاحياة لمن تنادي واستمر الإقصاء لأهل الابداع تأليفا وتمثيلا وتنفيذا وإخراجا، واستمرت مهزلة دراما العري والشذوذ والبلطجة والاسفاف وكأنها إنتاج عدو يستهدف مصرنا، والغريب أن أموال هذا الإنتاج هى أموال الدولة وأجهزتها!، ونادينا هنا أن كبار مؤلفينا وخيرة ممثلينا وأئمة مخرجينا أصبحوا عاطلين بفعل فاعل جاهل يخشي أن يظهر في حلبة الأقوياء فيخر صريعا من الجهل والتسطيح وعدم الخبرة، ومن ثم عدم الفائدة لهذا الوطن!!
فلتكن دعوة الرئيس بدعم الإبداع ليست قاصرة على أهل الفن والثقافة والإعلام، وإنما هى دعوة رئيس لكل مظاهر الإبداع في كل مجال ومكان، فلتكن فرصة وطنيه لنراجع قوائم المبدعين والمهره في كل قطاع، وحتما سنجد أنهم بعيدا عن المشهد الوطني، فلنستمع إلي خبراتهم سواء من خلال صندوق أفكار للوطن أو من خلال مجالس خبراء أو لجان لأو من خلال إسناد مهام إليهم قبل أن يستمر مشهد إقصاء الإبداع والفهم، حتي يأتي علينا زمن نعطي كل شئ لغير أهله، وقبل أن يصبح الإقصاء سياسة والتهميش هدفا، والتسطيح رسالة، ونخطئ عمدا في حق وطننا، سمعته وأهله، لأننا تركنا الأمر في غير أهله.
ليت مداخلة الرئيس تثير حماسا وطنيا داخل عقول أولي الأمر في قطاعات الإبداع،وليت دعوته تدشن للملتقي المصري الاول للإبداع، تطلقه أية وزارة، ويتبناه أي قطاع، وينال فضله أي شخص، المهم هو صحوة الإبداع وتجميع المبدعين وتقسيم رؤاهم طبقا لقطاعات أنشتطهم، وليخرج الملتقي بأفكار تنفيذية وأوراق عمل وركائز أعمال وطنية تلائم طموح مصر وتعكس واقعها وتجمل ما أفسده قليلي الخبرة والمهنية، وتقدم إنتاجا ينافس ويشرف، وترد ريادة مفقوده،وتربي أجيالا تاهت بوصلاتهم، وتخدم وطننا يستحق.
إن دعوة السيد الرئيس للعائشين سباتا والمسئولين عبثا لهي فرصة قومية لتجمع المبدعين وإطلاق المسابقات واكتشاف المواهب، وتشكيل مجلسا لرعاية الإبداع وإكتشاف المواهب، وفرصة لوضع خطة قومية للإنتاج الفني والإعلامي، وفرصة لعودة أعمال الهوية والتاريخ والانتماء وسير الرواد والقادة وخدمة الإنجاز والتطلع إلي صورة الوطن المستقبليه الأفضل.
وليخرس الجاهلون الجاثمون علي مقاليد الابداع والانتاج، وليتقدم الصفوف أهل الخبرة والمهارة والحس الوطني، وليتراجع أنصاف المسئولين إلي مواقع بحجم فهمهم وبقدر وعيهم وكفانا إقصاءا وإلهاءا وتسطيحا وتسفيها وإضرارا وخسائرا وتقهقر وإنسحاب، فمصرنا وقائدها ينشدون إبداعا ومشاركة وأعمالا قيمة ومكانة لائقة وملامح جديدة ومشهدا وطنيا ملائما.
واتعجب من تحرك بعض الجهات لإحياء أعمال ظلت حبيسة فكرهم القاصر بحجة الميزانيه تارة وأخري بحجة غياب نص جيد، ورغم أن الميزانيات تنفق ببذخ على أعمال العري والبلطجة وتختفي أمام (قصة حياة طلعت حرب، وحرب الممرات، وشجرة الدر، وحتشبسوت، وزين الحسني، ومحمد علي) وغيرها من أعمال الهوية والانتماء، وها هى النصوص الإبداعيه كثيرة والمبدعين أكثر فلتختفي أعذار الجهلة، ولينكشف سوء خططهم وليعود الصواب في كل قطاع لأهله، بفضل مداخلة الرئيس الذي لولاه ماتحرك ساكن في كثير من قطاعات العمل الوطني، ولتحيا مصر وطنا للإبداع والفهم والخبرة والولاءبفضل الله.