لا تظلموا ياسر جلال قبل المشاهدة !!
بقلم : محمد حبوشة
ما أن تصدر الفنان ياسر جلال محركات البحث وصفحات التواصل الاجتماعي خلال الأيام القليلة الماضية، في أعقاب طرح برومو مسلسله الجديد الذي يحمل اسم (الديب)، حتى قامت الدنيا ولم تقعد، حيث ظهر خلال الفيديو جالسا وسط ظلام دامس على مقعد ليبدأ تدريجيا في التحول إلى شخص مستذئب، وكأنه أمر غريب أو مستهجن وقع على جمهور الشباب المتطلع إلى هذه النوعية من الرعب الدرامي الذي يشاهده على منصات عديدة في الفضاء الإلكتروني، وخاصة أنه جاء من جانب نجم برع في التجسيد الدرامي على مدار الخمسة مواسم الرمضانية الماضية مابين التراجيدي الاجتماعي والأكشن في ثوب قضية اجتماعية أيضا.
مسلسل (الديب) الذي تدور أحداثه في 8 حلقات فقط من خلال وقائع مثيرة مليئة بالتشويق والأكشن، ويعرض على منصة Wtch it الإلكترونية، تأليف عمر عبدالحميد، إخراج أحمد نادر جلال، يحمل في طياته جوانب من الإبهار والتشويق التي تخطف المشاهدين سواء من حيث الكتابة أو الإخراج حتى يبدو لنا في النهاية مسلسل مختلف ربما على (ياسر جلال) نفسه الذي اعتاد على نوعية من الدراما التي تحمل جوانب تراجيديا إلى حد ما وسط وقائع الأكشن، لكني أتوقع أن يكون لمسلسل (الديب) ردود فعل إيجابية كثيرة ربما لن يتوقعها المشاهد نفسه، نظرا لأن الدراما التليفزيونية المصرية لم تعتد هذا النوع من الرعب كما تقدمه المنصات الإلكترونية الأخرى، ومنها على سبيل المثال (نيتفلكس) ، ويكفي أنه سيكون مسلسل بعيد عن المط والتطويل ومن ثم تبدو أحداثه كلها سريعة وجذابة.
وعن الاستعانة بـ (دوبلير) في مشاهد الأكشن الخاصة به، أوضح جلال في تصريحات أخيرة له : (باعتبارى رجل رياضى أقوم بهذه المشاهد بنفسى حرصًا على المصداقية، لكن في الوقت نفسه تناسب المرحلة العمرية التي أعيشها وتبعد عن العنف خصوصًا فيما يتعلق بـ (تكسير زجاج يقوم بها متخصص حتى لا أصاب بجروح)، أي أن معدلات المصداقية والحرفية والأمان تتوفر بشكل دقيق للغاية في أول مسلسل مصري يحمل جوانب من الرعب في سياق أحداثه، وهذا هو منهج النجم الكبير ياسر جلال في كل أعماله، فهو لايعمد إلى الاستسهال في الأداء أو جرح المشاعر أو إصابة المشاهد بأي نوع من الأذي النفسي جراء مشاهد تسعي إلى ركوب (الترند) ليس إلا خاصة أنه بعيد تماما عن السوشيال ميديا.
ظني أن الحملة التي تدار على الإنترنت وراءها من يسعي للنيل من شركة (سيرنجي) ورئيسها المنتج الكبير (تامر مرسي)، وليس ياسر جلال في حد ذاته، بل يتم الدفع به كنجم يحظى بجماهيرية طاغية للتشكيك في أول مسلسل رعب مصري يقوم به، رغم أنه لم يتم عرضه حتى الآن، ولكن ربما لغرض ما في نفس يعقوب أراد البعض أن ينال من (سينرجي) مستهدفا رئيسها الذي قام بعرض البرمو على صفحته واتخد من نجم يتمتع بالمصداقية والحرفية في الأداء تكئة لمرض في نفسه أو غيرة مهنية (قل ماتشاء في ظل الحروب المكتومة حاليا داخل المتحدة نفسها)، لكن لابد أن يخيب ظن هؤلاء وستتبدد هواجسهم مع انطلاق الحلقة الأولى من المسلسل الذي أظنه سيكون علامة جديدة على تفوق الدراما المصرية في طرق أبواب الموضوعات التي تجذب الشباب.
فضلا عن جودة الإنتاج التي أثق في (سينرجي) من أنها لن تبخل فيها على هذا المسلسل، فإن ثقتي كبيرة في أن (ياسر جلال) لن يقبل خوض تجربة فاشلة، فهو من نوعية النجوم الممثلين الأكفاء الذين لديهم هوس ومرض بالتفاصيل – كما قلت سابقا – وأعيد وأكرر أنه يحمل قدرات فائقة الجودة في الأداء، فضلا عن وعي كامل بما يريد أن يجسده على الشاشة، وهو في هذا يراعي ضميره الإنساني الحي في أن للفن رسالة ينبغي أن تعلي من شأن القيم الإنسانية أولا وقبل كل شيئ، وهذا ما يحاوله جاهدا في أن يتوفر في أي عمل يقوم به، حتى أنه بأدائه العذب في أحايين كثيرة يتغلب على عيوب الكتابة بقدرة خرافية على التقمص الذي ينسيك الحوار نفسه عبر إيماءته المعبرة ولغة صمته البليغ، والتي في العادة تعلو فوق أي حوار.
وأقول لهؤلاء المغرضين من خلال تلك الحملة (الخائبة) قول الشاعر الراحل أمل دنقل:
أيها الواقِفونَ على حافةِ المذبحهْ
أَشهِروا الأَسلِحهْ!
سَقطَ الموتُ: وانفرطَ القلبُ كالمسبحَهْ.
والدمُ انسابَ فوقَ الوِشاحْ!
المنَازلُ أضرحَةٌ
والزنازن أضرحَةٌ
والمدَى.. أضرِحهْ
فارفَعوا الأسلِحهْ
واتبَعُوني!
أنا نَدَمُ الغَدِ والبارحهْ
رايتي: عظمتان.. وجُمْجُمهْ
نعم لقد انكشف الملعوب وهو في طور التكوين، وستخيب ظنونكم في كسر شوكة (سينرجي) التي رسخت في الشارع المصري بفضل ما أنتجته من أعمال عظيمة ستظل راسخة في الوجدان المصري بوعي من قائدها ورئيسها (تامر مرسي) ومن قبله يرجع الفضل في هذا لإدارك الدولة المصرية بضرورة تعديل المسار من خلال ثلاثة مواسم رمضانية متتالية كانت تتمتع بالقوة – إلا قليلا منها – التي هيأت لاستعادة عرش الدراما المصرية من جديد، على جناح أعمال وطنية واجتماعية مثلت روح البطولة والفداء على مستوى الجيش والشرطة والمواطن الذي يقف جنبا إلى جنب مع الرئيس والدولة، في حربهم الضروس ضد إرهاب جماعة الشر الإخوانية وأنصارها التي حاولت النيل من الدراما المصرية، لكن وعي الشعب كان الأسبق والأقوى في رده على تلك المحاولات البائسة.
بعد أيام قليلة سنكون أمام عمل جديد تماما من حيث الشكل والمضمون على الدراما المصرية، يعرض على منصة watch it الإلكترونية ببصمة النجم المتألق ياسر جلال في مسلسله الجديد (الديب)، أمام عمل مختلف وجديد عليه ويعتمد على التيمة الفنية الحديثة، أو التي انتشرت في عدد من الأعمال خلال الفترة الحالية، والتي تدور حول الرعب والإثارة، ليثبت (ياسر) قدرته على التنوع بين الدراما والأكشن والرعب، ويمثل نقلة نوعية في أعماله التي عرف بها بين الأكشن والدراما، وهو يما يبدوا واضحا جليا من خلال البرومو حين يجلس على كرسى ويتحول إلى ذئب تخرج مخالبه من يده، وتتضخم رجله، وتبرز فقرات ظهره، ويغطيه الشعر، كما يبدو ملحوظا أيضا أنه تخلى عن لحيته التى اعتاد الظهور بها فى أعماله السابقة.
يقيني الثابت والذي لا يهتز أبدا في كل من ياسر (جلال وسينرجي) يؤكد أن مسلسل (الديب) سيكون درة التاج في إنتاج المنصات الإلكترونية، ولن يقل بأي حال من الأحوال عن فيلم (الرجل الذئب ـthe wolf man ) وهو من الأعمال التي تميزت بميزانيات ضخمة ولعب بطولته ألمع نجوم هوليوود (بينيشيو ديل تورو) الذي شاهدناه من قبل في فيلم (تشي) وهو يؤدي دور المناضل الأرجنتيني تشي جيفارا، وشاركه البطولة الممثل العملاق (أنتوني هوبكنز) والنجمة البريطانية الجميلة (إميلي بلنت)، وقام بالإخراج الأميركي جون جونستون، الذي عرفه جمهور السينما من خلال عمله المبهر للمؤثرات البصرية في العديد من الأفلام المهمة مثل (حرب النجوم، عودة الجداي، أنديانا جونز)، وقام بإخراج بعض الأعمال المهمة الأخرى مثل (صاحب الصاروخ، الحديقة الجوارسية).
ومما يزيد تفاؤلي أكثر بنجاح مسلسل (الديب) أنه ازداد اهتمام العالم في العقود الأخيرة بالظواهر الخارقة والغيبيات، وهى التقمص، السحر، التنجيم، والطقوس، كما اهتم العلماء في مختلف التخصصات بدراسة حقيقة هذه الظواهر، وعلى رأسهم علماء النفس والاجتماع والأنثروبولوجيا والطب والدين، ثم انتقل الاهتمام إلى الأدباء والفنانين الذين تولوا معالجتها من زوايا مختلفة، الأمر الذي اهتم قطاع كبير من الشباب بهذه النوعية من الموضوعات وخاصة الشباب المصري، وذلك رغم أن موضوع التقمص من الناحية التاريخية قديم قدم الإنسان، وهو يزداد عادة انتشارا في المجتمعات البدائية، لدرجة أن الطقوس المستخدمة قد ارتبطت دائما بالبدائية، وقد وجد فيها الأدباء والقائمون على صناعة السينما مادة خصبة لكتاباتهم، وأفلام الظواهر الخارقة ظهرت في أواخر العشرينيات من القرن الماضي، عندما انتجت شركة مسلنج فيلما مأخوذا عن قصة دكتور جيكل الشهيرة.
ولقد حققت السينما الأميركية من وراء تلك النوعية من الأفلام آلاف الملايين من الدولارات، ومن الطبيعي وجود رابطة بين الكساد الاقتصادي في أواخر العشرينيات وأوائل الثلاثينيات وبين ازدهار أفلام الظواهر الخارقة، وهو ازدهار شق طريقه بقوة وعمق، في مطلع الثلاثينيات من القرن الماضي ظهرت سلسة أفلام (دراكولا أو مصاص الدماء)، واعتبرت حينذاك نقطة تحول في ميدان أفلام الرعب التي هيمنت على شاشة السينما لعقود طويلة، فقبل (دراكولا) الذي يميل إلى امتصاص الدماء لأنها الوسيلة الوحيدة باعتقاده لاستمرار بقائه على قيد الحياة، كان (لون شاني) وهو أعظم ممثل برع في تمثيل أدوار الرعب وقدرته على التقمص والتنكر، حتى أطلقت عليه هوليوود لقب (الرجل ذي الألف وجه يمثل الشرير مصاص الدماء، وكان شريرا يمكن التغلب عليه والسيطرة عليه بالذكاء الإنساني، إنسان غير عادي) .. وأعتقد أن النجمة ياسر جلال سيسجل عضويته في هذا النادي قريبا .. فلاتحكموا عليه قبل المشاهدة.