قانون عاجل لردع مروجى الشائعات
بقلم : محمد حبوشة
من غير الممكن ألا يكون أحدهم قد تناقل شائعة عنك ولو لمرة واحدة في حياتك! في الحقيقة، الشائعات الكاذبة أمر مزعج للغاية، فهي تروي حكاية لم تحدث بالفعل، وقد تسبب لك أضرارا نفسية على المدى البعيد! ولهذا، كانت دولة الإمارات العربية المتحدة سباقة في قد وضع قانون وعقوبة لمروجي الشائعات في وسائل التواصل الاجتماعي، لحماية كل مواطن فيها، وكذلك من أجل توعية الآخرين بخطورة الموضوع والحد من تناقل أي أخبار غير صحيحة من شأنها أن تسبب أضرارا كبيرة لاحقاً.
والأمر المؤكد أنه آن الآوان لإصدار تشريع رادع من جانب مجلس النواب المصري بشكل عاجل حتى يحسم ذلك الجدل الدائر حول تصنيف الشائعات وبذلك نوقف هذا العبث التي يتسبب في ضرر كثيرين من نجوم الفن، فبالأمس روج البعض أنباء عن وفاة الفنانة الكبيرة (دلال عبد العزير) – شفاها الله وعفاها ومتعها بالصحة وأعادها لأهلها وذويها بألف خير – حيث تداولت خلال الساعات الماضية، شائعة وفاتها وانتشرت بشكل كبير على منصات التواصل الاجتماعى، فيما نفت عائلة الفنانة الكبيرة هذه الشائعات، ومن جانبه قال النجم حسن الرداد قال، إن حماته الفنانة الكبيرة دلال عبد العزيز، لا تزال فى غرفتها بالمستشفى وحالتها جيدة، معلقا على خبر وفاتها بقوله: (هذه الأنباء كاذبة وحسبى الله ونعم الوكيل)، فيما تلقت الفنانة إيمى سمير غانم شائعة وفاة والدتها، وهى تتواجد بجانبها داخل غرفة إقامتها بأحد المستشفيات، الأمر الذى أزعجها للغاية هى وكل أسرتها.
ونفى الإعلامى رامى رضوان الشائعات المتداولة عن وفاة الفنانة دلال عبدالعزيز، ونشر على صفحته بموقع التواصل الاجتماعى فيسبوك منشورا يقول فيه : (الواحد مابيتمناش غير كل الخير للناس؛ بس فاض الكيل)، وقال الدكتور أشرف زكى نقيب المهن التمثيلية، إن شائعة وفاة الفنانة الكبيرة دلال عبد العزيز، أحدثت بلبلة وقلقا شديدا فى الوسط الفنى على دلال عبد العزيز، فضلا عن الإزعاج الشديد الذى شعرت به أسرة الفنانة الكبيرة بعد نشر هذا الخبر، الذى وصفه بالشائعة السخيفة.
وطالب نقيب المهن التمثيلية بتحرى الدقة في نشر مثل هذه الأخبار المتعلقة بحياة الناس، نظرا لما قد يحدثه خبر كاذب من ضرر على أسرة وأصدقاء ومحبى من يتناوله الخبر، والحقيقة أنه كان ينبغي على نقيب المهن التمثيلية أن يطالب البرلمان بتشريع عاجل لمواجهة هؤلاء الذين دأبوا على ترويج تلك الشائعات غير عابئين بآثارها الوخيمة على النجوم والمشاهير، وكما هو معروف فإن الشائعة هى كل خبر كاذب يتم انتشاره وتداوله بسرعة بين الناس دون الوعي بمدى زيفه، وهى دوماً ما تفتقر لمصدر موثوق أو أدلة تثبت صحتها، كما أنها غالبا ما تجذب انتباه السامعين والقراء بشكل كبير دون إدراكهم لخطورتها كما حدث من انزعاج كبير عند أسرة الراحل الكبير سمير غانم الذي مر على وفته 65 يوما.
لقد وضعت دولة الإمارات العربية المتحدة قانون ترويج الشائعات ليكون رادعا في أحكامه كي يتصدى لكل من يرغب بنشر البلبلة وقلب الحقائق لأهداف شخصية، من أجل افتعال الخراب بين المواطنين، بحيث يتضمن هذا القانون بين كفتيه عقوبة نشر الشائعات التي تم تطبيقها على كل من له يد في نشرها دون استثناء، وذلك بناء على قانون ترويج الاشاعات المادة 197 مكرر2، فإن كل من استعمل أي وسيلة من وسائل الاتصال وتقنية المعلومات في نشر معلومات وأخبار تعرض أمن الدولة للخطر وتهدد أو تمس النظام العام فيها، سيعاقب بالسجن المؤقت على جريمته.Top of Form.
وبحسب ما جاء أيضا في قانون مروجي الاشاعات المادة 198 مكرر، تتمثل عقوبة ترويج الشائعات في دولة الإمارات بحبس مروج الإشاعة لمدة لا تقل عن سنة في حال أذاع أخبارا كاذبة، بهدف زعزعة الأمن العام أو زرع القلق والرعب في الناس أو إلحاق أي ضرر بالمصلحة العامة، ويعاقب بذات العقوبة كل من حاز بالذات أو بالوساطة أو أحرز محررات أو تسجيلات أو مطبوعات تتضمّن أخبارا ومعلومات كاذبة.
وللحق أقول أن مجلس النواب المصري درس عام 2019، إقرار قانون جديد للتوسع في معاقبة مروجي الشائعات سواء بالترويج بشكل مباشر أو حتى بالمشاركة فى نشرها، لاسيما فيما يتعلق بمواقع التواصل الاجتماعي، وعدم الاكتفاء بالنصوص القانونية الحالية المرتبطة بتجريم الأمر ذاته، لكنه مازال حبيس الأدراج حتى الآن، وربما يكون قد اتكأ المشرع على توسع القانون المصري في تجريم ما يتعلق بنشر الشائعات، حيث حظر قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات نشر الشخص عن طريق الشبكة المعلوماتية أو بإحدى وسائل تقنية المعلومات (معلومات أو أخبار أو صور وما فى حكمها، تنتهك خصوصية أى شخص دون رضاه، سواء كانت المعلومات المنشورة صحيحة أم حتى غير صحيحة، ومعاقبته حال مخالفة ذلك بالحبس مدة لاتقل عن ستة أشهر، وبغرامة لاتقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه) وفقا للمادة 25.
وامتدت الجهود التشريعية والقانونية فى مكافحة الشائعات والأخبار الكاذبة إلى الصحفيين ووسائل الإعلام المختلفة؛ بأن حظر قانون تنظيم الصحافة والإعلام على الصحف والمواقع الإلكترونية والوسائل الإعلامية كافة (نشرأو بث أخبارً كاذبة أو ما يدعو أو يحرض على مخالفة القانون أو إلى العنف أو الكراهية، أو ينطوى على تمييز بين المواطنين أو يدعو إلى العنصرية أو التعصب أو يتضمن طعنا فى أعراض الأفراد أو سبا أو قذفا لهم أو امتهانا للأديان السماوية أو للعقائد الدينية، وكلف المجلس الأعلى اتخاذ الإجراءات المناسبة حيال المخالفة، مع إتاحة إمكانية حظر الموقع أو المدونة أو حتى الحساب الشخصي، كما اعتبر القانون (المواقع والمدونات الإلكترونية الشخصية، والحسابات الإلكترونية الشخصية التي يبلغ عدد متابعيها خمسة آلاف متابع أو أكثر، وسيلة إعلامية) يسري عليها ما يسري على وسائل الإعلام المختلفة بشأن نشر وبث الأخبار الكاذبة، وفقا للمادة 19.
ولكن بعد كل تلك الجهود التشريعية لا نجد تنفيذا حقيقيا على أرض الواقع، وهذا ما يوضح حاجتنا الحالية لقانون واضح وصريح، فالأمر جد خطير وزاد عن حده في إرعاب الناس ففي عصرنا الحالي ومع التطور العظيم الذي وصل إليه العالم، لا بد لنا من التركيز على شائعات مواقع التواصل الاجتماعي التي أصبحت تستهدف ملايين الأشخاص حول العالم، وأصبح من السهل للغاية تصديقها لسهولة انتشارها وتداولها بين الناس، فهي في الحقيقة قد أزالت جسورا بين بلدان العالم وسهلت عملية التواصل المباشر فيما بينهم، ولكن قد ينسى البعض بأن هذه المواقع تعتبر سلاحا ذو حدين، فسلبياتها قد تتفوق على مزاياها في بعض الأحيان، والمشكلة تكمن في هذه الحالة بعدم وعي مستخدميها بالشكل المطلوب وبما يجري فيها إلى أن يحدث بما لا يمكن التنبؤ بحدوثه!
لقد ضج الناس بهذا الزحف الشيطاني في إطار الترويج العكسي بالشائعات سواء لسلبيات يختلقها البعض في دولاب عمل الحكومة حول أمور تتعلق بالأسعار أو الأوضاع السياسة والاقتصادية، أو حياة الناس من النجوم والمشاهير، وظني أنه يمكن تجنب شائعات السوشيال ميديا من الآن وحتى صدور قانون يوقف هذا العبث، وذلك بالامتناع عن النشر تماما إلا من خلال ضوابط صارمة يضعها المجلس الأعلى للإعلام والهيئتين الوطنيتين للإعلام والصحافة بالتعاون مع نقابتي الصحفيين والإعلاميين، وإلزام الصحف والقنوات والمواقع الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي بتحري الدقة في النشر، وذلك بالتأكد من مصادر الخبر الحقيقية عن طريق نقابة المهن التمثيلية التي ينبغي أن تخصص خطا ساخنا يمكن التأكد من خلاله من صحة تلك الأخبار التي تجور على حقوق المواطنين عبر الشائعات التي غالبا ما تكون مغرضة، وفي حالة المخالفة لكل ذلك يخضع مروجي الشائعات لقانون العقوبات المصري الذي يمكن أن يردع إلى حد ما مثل هؤلاء المتلصصين على حياة الناس.